افتتح بالمتحف الوطني اليوم معرض “سوريَّة: مهد الحضارات، تحت رعاية صاحبة السمو السيدة الدكتورة منى بنت فهد آل سعيد، مساعدة رئيس جامعة السلطان قابوس للتعاون الدولي، نائبة مجلس أمناء المتحف الوطني.
ويقدم النتائج الأولى للمبادرة الإنسانية التي يتبناها ويرعاها المتحف الوطني في سلطنة عُمان في شأن حفظ وصون التراث الثقافي السوري الذي تضرر خلال السنوات الماضية، والمبادرة هي نتاج التعاون الثنائي بين المتحف الوطني والمديرية العامة للآثار والمتاحف بدمشق، والذي يعود بجذوره للعام (2018م).
ويزخر المعرض بقطع متحفية منتقاة، منها عملات نحاسية رومانية وبيزنطية وعملات أخرى تعود لفترة الخلافة الأموية والعباسية والأيوبية والمملوكية والعثمانية، وعدد من التماثيل الحجرية، وعدد من الجرار والأواني الفخارية ورؤوس سهام، وعدد من القطع الحجرية والبرونزية، جميعها تعود لعصور وفترات زمنية مختلفة هي: (العصر الحجري القديم والحديث، والعصر البرونزي، والإمبراطورية الرومانية والبيزنطية، وعهد الخلافة الأموية، وعهد الخلافة العباسية، وعهد الدولة الأيوبية، والعصر المملوكي، وعهد الخلافة العثمانية).
وقالت الدكتورة لبانة مشوّح، وزيرة الثقافة بالجمهورية العربية السورية: معرض “سوريَّة: مهد الحضارات”، مكمل لجملة من الجهود الكثيرة والمستمرة من الطرفين العماني والسوري بدأت من أكثر من عامين في إعارة المتحف الوطني بسلطنة عمان عددا من القطع الأثرية السورية التي تعرف بالتراث الحضاري لسوريا يزيد عددها 175 قطعة، أعيد ترميمها وحفظ وصون الكثير منها في المتحف الوطني.
وأضافت الوزيرة: ما لا شك فيه فإن سلطنة عمان والجمهورية العربية السورية تتشاركان في التاريخ عراقته وتجذره مع التشابه الكبير بين الحضارات القائمة في السلطنة وسوريا على مدى التاريخ الإنساني، ونحن ننظر إليه كمكون أساسي وعنصر لا يستهان به من الهوية الوطنية والتي بلا بد من التأسيس عليها في بناء ثقة الإنسان بأرضه.
في ذات السياق أوضح جمال بن حسن الموسوي، الأمين العام للمتحف الوطني أن حفظ وصون وإعادة إحياء التراث السوري في ظل الظروف الاستثنائية الراهنة تشكل ضرورة ملحة لا ينبغي تأجيلها نظرًا للدور المهم الذي يلعبه العامل الثقافي في إعادة البناء الاجتماعي، والشعور بالهوية، كما أن هذا التراث العريق لهو إرث حضاري يعود للإنسانية جمعاء متخطيًا حدود سورية لما يحمله من دلالات وأبعاد تاريخية وفنية وجمالية ومعنوية استثنائية.
وأضاف الموسوي: منذ نهاية عام (2020م) وحتى منتصف العام (2021)تم استلام (201) قطعة متحفية على دفعتين، أبرزها المنحوتات التدمرية الفريدة من نوعها، إضافة إلى مقتنيات من العصر الحجري القديم، وتم البدء في ترميم (9) تماثيل تدمرية، أما في الربع الأول من عام (2022م) فقد انهى فريق الحفظ والصون بالمتحف الوطني ترميم (195) قطعة من القطع السورية وترميم (9) تماثيل تدمرية، حيث مرت القطع بعدد من المراحل في عملية الحفظ والصون بدءًا من التعقيم والتوثيق والتصوير وانتهاءً بعمليات الترميم، وتكللت جهود الفريق بالنجاح.
وعُقدت جلسة مباحثات رسمية بين المتحف الوطني بسلطنة عُمان ووزارة الثقافة بالجمهورية العربية السورية، تم خلالها بحث أوجه التعاون الثنائي بين البلدين الصديقين، والتأكيد على حرص الجانبين على التطوير في المجال الثقافي والمتحفي وتعزيز العلاقات الثنائية بين الجانبين بما يسهم في تحقيق الريادة المتحفية.
وتم الكشف بالمتحف الوطني عن “المقتنيات المُعارة من جمهورية الهند” في قاعة عُمان والعالم بالمتحف، تمثلت في كتاب بعنوان “تاريخ القياصرة” يستعرض معلومات عن تاريخ عُمان وزنجبار مُعار من المتحف الوطني بنيودلهي، وكشف كذلك عن لوحة فنية لقلعة الميراني بمسقط مُعارة من المتحف الوطني للفن الحديث بنيودلهي، ويستمر عرض المقتنيين لعموم الزوار حتى (30 يونيو 2022م).
وفي هذا الإطار قال أميت نارانج، سفير جمهورية الهند لدى سلطنة عُمان: تمتد الروابط التاريخية المشتركة بين سلطنة عُمان وجمهورية الهند على مدى آلاف السنين، وتعكس القطع المُعارة من الهند هذه الماضي المشترك والتعاون المستمر بين البلدين، ويعد الكشف عن هذه المقتنيات الخطوة الأولى بعد الجائحة، ونتطلع لمزيد من فرص التعاون المماثلة مستقبلا فهناك الكثير مما يمكن مشاركته بين البلدين ليس تاريخيا فحسب بل وثقافيا نطمح بالتعاون مع المتحف الوطني في إقامة المزيد من المعارض لفنون عديدة من الهند.
ويعد كتاب “تاريخ القياصرة” لمؤلفه محمد أكبر علي خان وثيقة مرئية ومكتوبة نادرة عن حقبة الولايات الأميرية في الهند، مع منمنمات لمؤسسيها أو حكامها الحاليين، إضافة إلى الحكام الذين ارتبطت دولهم بعلاقات وطيدة مع الراج البريطاني.
وقد أُصدر الكتاب بتاريخ (1 يناير 1877م) باللغتين الأوردو والهندية، بمناسبة تقلد الملكة فكتوريا لقب “إمبراطورة الهند”، الذي أُعلن عنه في “دوربار دلهي” أو تجمع البلاط في دلهي.
ويتناول الإصدار سير الحكام من سلاطين وملوك وأمراء، ومن بينهم السلطان ثويني بن سعيد البوسعيدي (حكم: 73-1282ه/56-1866م)، والسلطان برغش بن سعيد البوسعيدي (حكم: 70-1888م) متضمنًا على رسمتين منمنمتين فريدتين للسلطانين، معدّدا مآثرهما وألقابهما الرسمية، كما أنه يستعرض موجزا مفصلا لمسقط وزنجبار وموقعهما الجغرافي، ومصادر دخل الدولتين، وبيانات عن جيشهما.
ويُذكر أن الحكومة البريطانية خصصَت (21) طلقةً مدفعيةً، كاحترامٍ ولفتة ترحيب لكل من سلطان مسقط وعُمان وسلطان زنجبار، بصفتهما حاكمينِ مستقلينِ على دولتين ذاتِ سيادة كاملة، والسلطان ثويني بن سعيد البوسعيدي، هو الحاكم الوحيد في شبه الجزيرة العربية الذي حظي بهذه المراسم دون غيره وفقَ ما جاء في هذا الكتاب، الأمر الذي يؤكدُّ على عراقة الكيان السياسي العُماني بشطريه.
أما اللوحة الزيتية فتجسد منظرا لقلعة الميراني بمسقط بريشة الفنان البريطاني توماس دانيال تعود إلى فترة دولة البوسعيد (1229هـ/ 1814م)، وهي مُعارة من المتحف الوطني للفن الحديث بنيودلهي (جمهورية الهند).
المصدر/العمانية