• مايو 3, 2024 - 10:57 صباحًا

دور الكويت في توسعة نطاق التمويل الإسلامي

تواصل الكويت أداء دورها المحوري في تنمية قطاع التمويل الإسلامي حيث تحتل البنوك الكويتية الآن المرتبة الرابعة من حيث عدد البنوك على قائمة أكبر 1000 بنك في العالم

يُعدّ التمويل الإسلامي أحد أسرع القطاعات المالية نموًّا على مستوى العالم رغم بيئة الأعمال الصعبة التي سادت على مدى السنوات الثلاث الماضية

خلال جائحة كوفيد التي عطّلت سلسلة التوريد لفترة طويلة، وتسببت بأزمة عالمية في الطاقة وزيادة في التضخّم، حافظ قطاع التمويل الإسلامي على نموّه القوي، وأظهرت أحدث الأرقام الرسمية في تقرير نموّ التمويل الإسلامي 2021زيادة بنسبة 14% في الأصول المالية الإسلامية؛ حيث بلغت 3.4 تريليون دولار في عام 2020. وتتوقّع مؤسسة “رفينيتيف” العالمية التي أعدّت التقرير، أن يواصل هذا القطاع نموّه بمعدّل 8%حتى عام 2025، لتبلغ قيمة أصوله 4.94 تريليون دولار بحلول عام 2025.

وساهمت المناطق ذات الغالبية المسلمة حول العالم في تعزيز نموّ هذا النوع من التمويل؛ حيث استحوذت منطقة دول مجلس التعاون الخليجي على الحصّة الأكبر من أصول التمويل الإسلامي العالمية (بنسبة 48.9%)، ولعبت دولة الكويت دورًا أساسيًا  في هذا النموّ باعتبارها مقرًّا لستة بنوك إسلامية وطنية، بما في ذلك  بيت التمويل الكويتي، ثاني أقدم بنك متوافق مع الشريعة الإسلامية في العالم، والذي أكمل مؤخرًا استحواذه على البنك الأهلي المتّحد في صفقة وسّعت حضور بيت التمويل الكويتي في اثني عشر دولة.

وأشارت مؤسسة “إس آند بي جلوبال”   في وقت سابق من هذا العام إلى أنّ التمويل الإسلامي ما يزال يشكل مجموعة محصورة من الأنشطة المحلية، بدلاً من اعتباره توجّهًا عالميًا، بالإضافة إلى تغيير طفيف في توزّع أصول الخدمات المصرفية الإسلامية خلال العقد الماضي. وهناك عدة أسباب تعيق ذلك؛ منها غياب المعرفة بهذا النوع من التمويل بين الفئات غير المسلمة، وتصميم الأنظمة المصرفية الغربية الذي لا يراعي هيكلة المنتجات والخدمات الإسلامية.

وفي ظلّ تزايد الاهتمام بالاستدامة، وتحولّها إلى محور أساسيّ ضمن تركيز واهتمام الحكومات وواضعي السياسات والشركات الكبرى حول العالم، أصدر بنك الكويت المركزي هذا الشهر إرشادات جديدة بشأن التمويل المستدام في القطاع المصرفي، بما ينسجم مع رؤية “كويت جديدة 2035” الهادفة لتحويل البلاد إلى مركز مالي وتجاري إقليمي ودولي، وجعلها أكثر جاذبية للمستثمرين.

ومن حيث المبدأ، يتوافق التمويل الإسلامي مع المعايير البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، الأمر الذي جعل المنتجات والخدمات المتوافقة مع الشريعة في متناول جميع فئات المستثمرين، وعزّز من جاذبيتها، وخاصّة لدى الباحثين عن عوائد ذات أثر اجتماعي إيجابي لاستثماراتهم، مثل أفراد الجيل الجديد البارعين في استخدام التكنولوجيا ويتميزون بوعيهم تجاه قضايا البيئة.

وتجدر الإشارة إلى أنّ إحدى أكثر النتائج إثارة للانتباه في ورقتنا البحثية الصادرة بعنوان:  النظرة العالمية تجاه إدارة الثروات وفق الشريعة  أوضحت أنّ نسبة 62%من إجمالي المشاركين في الدراسة اختارت الاستثمار المتوافق مع الشريعة، حتى وإن كان أداؤه أدنى من الاستثمار التقليدي المكافئ. وفي المقابل، اختارت نسبة 48% فقط الاستثمار في منتجات تراعي المعايير البيئية والاجتماعية والأخلاقية ضمن ظروف مماثلة، مما يشير عمومًا إلى تفضيل قويّ من قبل هؤلاء للمنتجات المتوافقة مع الشريعة على المنتجات التي تراعي تلك المعايير.

ومن جهة أخرى، يُوفّر التسارع الكبير الذي تشهده التكنولوجيا المالية فرصة أخرى لازدهار التمويل الإسلامي. وعلى هذا الصعيد، تقود دول مجلس التعاون الخليجي، والتي تعدّ مركزًا للتمويل الإسلامي، مسيرة نموّ التكنولوجيا المالية بأنواعها المختلفة؛ من مصرفية رقمية، أو تكنولوجيا إدارة الثروات، أو تكنولوجيا التأمين، أو الأمن السيبراني أو البلوك تشين. وفي هذه المنطقة، أنشأت الكثير من مراكز التمويل الدولية منظومة مفتوحة وشاملة ومبتكرة لاجتذاب شركات التكنولوجيا المالية العالمية.

وعلى الرغم من تأخر الكويت عن نظيراتها من دول مجلس التعاون الخليجي في مجال التكنولوجيا المالية، إلّا أنّها تسرّع خطاها الآن للّحاق بالركب؛ حيث أحرزت تقدّمًا قويًا في نظام ترخيص الخدمات المصرفية الرقمية، في حين أن اللوائح الجديدة الخاصّة بالخدمات المصرفية الرقمية، والتي طرحها بنك الكويت المركزي في وقت سابق من هذا العام، يمكن لها أن تغيّر من قواعد اللعبة في الخدمات المصرفية الرقمية والتكنولوجيا المالية في البلاد.

والأمر لا يقتصر على إعطاء التمويل الإسلامي دفعة نحو الأمام، من خلال الاعتماد على أحدث التوجّهات والابتكارات في القطاع المالي؛ فمن الواضح أن تخطيط التوريث ونقل الثروة لهما أهمية كبيرة أيضًا لدى المستثمرين الذين يراعون المبادئ الشرعية. وأظهرت ورقتنا البحثية أن نسبة 96%من المشاركين في الاستطلاع يخططون بنشاط لنقل الثروة، أو يستعدون للقيام بذلك عمّا قريب. وعلى الرغم من الارتياح والإلمام بضوابط الشريعة، إلا أنّ بحثنا يظهر أن المزيد من العائلات ستسعى للحصول على مشورة بشأن التوافق مع الشريعة عند تخطيط نقل الثروة، وذلك بصورة تتجاوز طلب الاستشارات الضريبية.

وبالنظر إلى تاريخ القطاع المصرفي الطويل، ما يزال التمويل الإسلامي في مراحله المبكرة، ولكنه شهد نموًّا سريعًا انطلاقًا من قاعدة صغيرة، ويمتلك القدرة على التحوّل إلى ظاهرة عالمية بالفعل. وهناك مؤشرات توحي بأن القطاع المالي، على نطاقه الأوسع، بدأ يولي اهتمامه الآن لهذا النوع من التمويل، والذي يحظى باعتراف صندوق النقد الدولي، وتقوم بتقديمه أكثر من 300 مؤسسة مالية في 60 دولة.

ومع مرور الوقت، ستنشأ قاعدة أكثر تطوّرًا للمستثمرين في قطاع التمويل الإسلامي، وتحتاج من المؤسسات المالية التي تقدمها قدرًا أكبر من الاحترافية، إلى جانب الالتزام بالمبادئ الأساسية للشريعة، والاهتمام الفعّال بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة والأخلاقيات. وفي وقتنا الحالي، يتمثل التحدّي الذي تواجهه المؤسسات وصانعو السياسات ومطوّرو المنتجات والهيئات التشريعية في مضاعفة الجهود الهادفة إلى الالتزام بتلبية هذه المتطلبات والتأكّد من توافقها مع تلك المعايير.

  • آن كيليس – مديرة “جيرسي فاينانس” في دول مجلس التعاون الخليجي
  • فيصل بهانا – مدير “جيرسي فاينانس” في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا والهند

 

 

 

 

Read Previous

كمال الغريبى : 4 مليار دولار لإعادة الإعمار و الأستثمار فى العراق

Read Next

الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية يؤكد ضرورة دعم جهود الشعب اليمني لاستعادة استقرار بلاده وتنميتها

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x