أكد نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي في الشركة العربية للاستثمار صالح سليمان الطراد جاذبية السوق الكويتي للمستثمرين، لافتاً الى أن الكويت مليئة بالفرص الاستثمارية والحكومة تسعى بشكل حثيث على تعزيز قدرات المستثمرين للعمل في السوق.
وبين الطراد في حوار أجرته الزميلة «النهار» أن أزمة 2008 غيرت خريطة العمل المصرفي عالمياً وإقليمياً، مستدركاً بالقول أن انهيار بنك «SVB» لم يكن سهلاً وأثرت بشكل كبير في القطاع المصرفي العالمي والإقليمي. وأشار إلى أن حصافة السياسات التي قام بها بنك الكويت المركزي ساهمت وبشكل كبير في تحصين القطاع البنكي في الكويت ضد الأزمات الاقتصادية العالمية وعلى رأسها أزمة 2008 وجائحة كورونا وانهيارات بعض البنوك الأميركية، حيث أن انكشاف البنوك الكويتية على الأزمة الأخيرة كان ضئيلاً للغاية وفق بيان البنك المركزي.
وقال إن الشركات الاستثمارية تكيفت مع الأوضاع التي ظهرت بعد أزمة 2008، واستطاعت الوقوف مجدداً والعمل على المشاركة في المشاريع التي يتم طرحها من قبل الحكومة وهو ما عزز الوضع الاستثماري في الكويت الذي تكيف بشكل كبير مع تداعيات الأزمة وليس التعافي منها.
وقال هناك شركات خاطرت باستثماراتها وشهدت انهياراً، فيما استفادت شركات أخرى من وضع السوق واستطاعت تحقيق ربحية عالية وشركات ثالثة حافظت على وضع استثماراتها في السوق.
وأبدى الطراد رفضه للتدخل الحكومي في مساعدة البنوك التي خاطرت بسمعتها وأموال مودعيها، إلا أنه أشار إلى أن التدخل الحكومي لنجدة المصارف التي على وشك الانهيار أو الإفلاس بات عرفاً سائداً لدى العديد من البنوك العالمية وذلك لتأكد تلك البنوك من أن الحكومة ستحميها خوفاً من انهيار المنظومة المصرفية.
وأضاف الطراد أنه يؤيد تحمل البنوك قراراتها لأن تحمل البنوك تداعيات الأزمات التي يمر بها القطاع المصرفي سيجعل البنوك تنفذ استثمارات خطرة تضر الشأن الاقتصادي. وفي ما يلي التفاصيل …
• بداية ما تداعيات افلاس 4 بنوك أميركية على الاقتصاد العالمي والكويت؟
لا شك أن انهيار 4 بنوك أميركية أثر وبشكل كبير على أوضاع الاقتصاد العالمي وهي «سيلفرغيت» و«وادي السيلكون» وسغنتشر و«فيرست ريبابليك»، حيث تصدر بنك «سيلفرغيت» المتخصص في صناعة العملات المشفرة، بداية الافلاسات كونه أول مؤسسة مصرفية أميركية تعاني من صعوبات مالية، والذي أعلن في 8 مارس 2023 انهاء عملياته بسبب الخسائر الفادحة في محفظة قروضه، تلاه اعلان بنك وادي السيلكون «SVB» عن مواجهته صعوبات مالية، ما أثار دهشة العالم المالي والمستثمرين في الولايات المتحدة، حيث كان ينظر الى البنك على أنه مؤسسة ذات رأسمال قوي، كما أن انهيار البنك مثل أزمة مالية عالمية باعتباره مصدراً رئيساً لرأس المال الاستثماري لتمويل الشركات الناشئة الخاصة، معظمها في مجال التكنولوجيا، والتي تمتلك امكانات نمو ضخمة تشبه شركات مايكروسوفت وآبل وجوجل.
• انهيار SVB بدأ منذ فترة لم يكن وليد اللحظة؟
نعم، بدأ انهيار بنك وادي السيلكون أواخر فبراير 2022 عندما سحب بعض كبار المسؤولين أسهمهم وجاء الاعلان عن انهيار البنك بمثابة الصدمة في الأوساط المالية عالمياً واقليمياً، باعتباره أكبر فشل لمؤسسة مالية في الولايات المتحدة منذ انهيار بنك واشنطن ميوتشوال في ذروة الأزمة المالية عام 2008، والتي نشأت عن فقاعة الاسكان في الولايات المتحدة التي تم بناؤها في البداية على الرهون العقارية عالية المخاطر وخلقت لاحقا تداعيات، مثل التزامات الدين المضمونة السامة، والتي تمت المبالغة في تقييمها للأصول ذات التصنيف غير المهم لتحقيق المزيد من الأرباح.
• حالة الذعر المالي كانت وراء انهيار بنكي «سغنتشر» و«فيرست ريبابليك»؟
لا شك في ذلك، فقد تأثر كل من بنكي سغنتشر و«فيرست ريبابليك» بتداعيات الانهيار في وادي السيلكون، حيث وقع بنك «سغنتشر» في نيويورك، والذي يملك أصولا بقيمة 110 مليارات دولار واجمالي رأسمال يبلغ 8 مليارات دولار، في مأزق عندما بدأ العملاء وهم في حالة ذعر بسحب ودائعهم، وتم اغلاق البنك من قبل وزارة الخدمات المالية بولاية نيويورك في 12 مارس 2023، بعد أن أظهر البنك أنه غير قادر على تحسين وضعه المالي قبل صباح الاثنين 13 مارس وعودة التعاملات المالية. ومع تحول الذعر الى بيع كامل، بدأت أسهم البنك الأميركي الرابع «فيرست ريبابليك»، وهو بنك متكامل الخدمات وشركة لادارة الثروات، في الهبوط بأكثر من 20 في المئة في 15 مارس، وفي أقل من 24 ساعة، قام 11 من عمالقة البنوك الأميركية الكبرى بضخ 30 مليار دولار من الودائع لانقاذ بنك فيرست ريبابليك.
• ما تداعيات إفلاس «SVB» على الاقتصاد العالمي والكويت؟
ما حدث في بنك وادي السيلكون وإعلان إفلاسه، كان صعباً على العديد من البنوك، حيث إن السوق المصرفي الأميركي يتكون من البنوك الكبرى، والبنوك الإقليمية التي تخدم مدناً صغيرة الحجم ويكون اختصاصها داخل منطقة جغرافية معينة ومن بينها بنك «SVB» الواقع في سان فرانسيسكو «Silicn Val-ley»، والبنك متخصص في تمويل الشركات الناشئة بقطاع التكنولوجيا. وأزمة البنك متراكمة، بسبب غياب الثقة وانعدامها فقد شهد البنك انهياراً دراماتيكياً وجعله يعلن الإفلاس، ما ادى إلى تدخل الحكومة لحماية الموردين. وكان من الصعبب على الحكومة دعم البنك وحمايته من الإفلاس.
• علاج انعدام الثقة في البنوك الاميركية كان أولوية لدى الحكومة؟
بالتأكيد، كان هناك تداعيات وصلت إلى هذا الأمر ولكن الحكومة الأميركية ارتأت أن يكون هناك رد فعل سريع جداً للتعامل مع إعلان الإفلاس لحماية المنظومة المصرفية التي تحتاج إلى حماية، فقد اضطرت الحكومة الأميركية في فترة وجيزة من التعامل مع البنك.
• ولكن تداعيات الأزمة إقليمياً ودولياً كانت كبيرة؟
لا شك في ذلك، فتأثير إعلان إفلاس بنك وادي السيليكون كانت كبيرة على النظام المصرفي إقليمياً وعالمياً وهي أزمة لم نشاهدها منذ 2008، فحجم أصول البنك تزيد على 200 مليار دولار، وهو الأول الذي يعلن إفلاسه منذ فترة طويلة، إلا أنني أعتقد أن إجراءات الحكومة الأميركية مع الأزمة كانت صحيحة وسريعة وحازمة وهو ما منع انتشار تلك الأزمة لأبعد من بنك SVB.
• هل تعتقد أن التدخل الحكومي في مثل تلك الأزمات حل أمثل؟
أزمة 2008 غيرت نظرية التدخل الحكومي لحل الأزمات المالية التي مر بها القطاع المالي والاستثماري، كما أنني أرى أن المنظومة المصرفية تغيرت بعد تداعيات أزمة 2008، وكنت أعمل وقت الأزمة في نيويورك وتحديداً مع بنك ليمان براذرز، وما حدث أن الحكومات أعطت انطباعاً بتدخلها لحل الأزمة وعدم ترك البنك ينهار. وهنا نتساءل هل هذا التوجه جيد؟ في اعتقادي أن هذا أمر جيد ولكن على الحكومات تحمل المخاطر العالية المترتبة على انهيار البنوك. وفي اعتقادي أن حماية البنوك حكومياً يدفعها لاتخاذ قرارات ذات مخاطر عالية ويترتب عليها ضياع أموال المودعين وأفراد الشعب. والبنوك تعلم أن الحكومات لن تتركها تنهار لحماية المنظومة المصرفية، من خلال دعم البنك أو فرض شراء البنوك التي على وشك الانهيار من قبل بنوك أكبر منها وهذا ما يحدث حالياً. ولست من المؤيدين حماية البنوك لدعم المنظومة المصرفية أمر جيد، إلا أن هذا الأمر بات عرفاً سائداً في الوقت الراهن.
• ما مدى تأثير تلك التداعيات في الكويت؟
لابد من الإشادة بجهود بنك الكويت المركزي وسياساته الحصيفة التي مكنت من حماية النظام المصرفي من الأزمات، فبحسب بيان بنك الكويت المركزي، كان الانكشاف على قطاع البنوك ضئيل للغاية، والقطاع المصرفي من وجهة نظري محصن ضد الأزمات بفضل سياسات المركزي. وقد وضع «المركزي» آليات لحماية البنوك المحلية من تداعيات الأزمات. فالقطاع المصرفي الكويتي هو الأهم بين القطاعات العاملة في البيئة الاقتصادية وهو دائماً سباق في وضع سياسات تحوطية تحمي وتعزز من أداء تلك البنوك.
• هل تعتقد أن أزمة وادي السيلكون ستؤدي إلى تراجع تداول العملات الرقمية؟
سيستمر العمل بالعملات الرقمية طالما وجد المغامرين الراغبين في تنويع مصادر موجوداتهم، فهناك من يرغب في وضع الاستثمار بالعملات الرقمية ضمن مجموع الأصول التي يمتلكها الأفراد أو الشركات وبنسب لا تتعدى 5 % من إجمالي أنواع الأصول التي تتكون منها المحافظ ووجودها بنسب تتراوح بين 1 إلى 3 بالمئة يعد أمراً صحياً ضمن الاستثمارات في القطاعين العقاري والاستثماري، وأتوقع أنه مع غياب منظومة العمل في هذا القطاع، فإن نسبة المخاطرة بالعمل فيها عالية جداً ولكن لها سوق يقبل عليه الكثير من المغامرين الطامحين في المزيد من الربحية. وسوق العملات الرقمية لن يختفي وقد تزيد نسبته. ووجود منظومة تنظم العمل بداخله سيكون بمثابة مظلة واقية لأموال المدخرات وانخفاضاً لحجم المخاطر التي قد يواجهها المتعاملون في السوق.
• هل تعافى القطاع الاستثماري من تداعيات الأزمات الاقتصادية؟
تكيف القطاع الاستثماري مع الأوضاع الاقتصادية، والشركات الاستثمارية المدرجة وغير المدرجة حالياً في السوق الكويتي هي القادرة على التعايش مع المناخ الاستثماري في الكويت، فعانت الشركات من تداعيات أزمة 2008 وهناك شركات دخلت في العديد من المخاطر وسببت لها انهيار. وهناك شركات كانت لديها استثمارات جيدة لها ولمساهميها ولكن مع الانهيار الناتج عن أزمة 2008، تبخرت تلك الاستثمارات بشكل كبير. وهناك قسم ثالث استفاد من الأزمة في وقت كان السوق بالنسبة لهم جيد مع شح السيولة في السوق. وبالتالي القطاع الاستثماري في الكويت نشاطه محدود في عدة أنشطة مثل: إدارة العقار داخل وخارج الكويت وإدارة الأسهم والسندات، أما الشق الاستثماري المتعلق بالاستثمارات البنكية فهو «شبه منعدم» في الكويت ونشاطه محدود والمتمثل في الاندماجات وإدراج الشركات وهو نشاط محدود مقارنة بالأسواق المجاورة التي تتمتع بنشاط كبير.
• هل ترى أن مناخ الاستثمار في الكويت سيئ؟
المناخ الاستثماري في الكويت جيد جداً، والفرص موجودة، حيث تبذل الحكومة جهوداً جبارة لتسهيل عمل تلك الشركات وتسهل عملها بشكل كبير.
• القطاع الاستثماري راغب في المشاركة بالتنمية ولكن الفرص أمامه «غائبة»؟
الكل شريك في نجاح خطط التنمية، وتلك الشراكة هي من تصنع النجاحات ولو أن هناك تعاونا من الجميع، فسوف يكون هناك نتائج أكثر من ممتازة، وأعتقد أن الحكومة ليست مقصرة وتعمل على قدم وساق لتسهيل عمل القطاع الاستثماري ومن مصلحة الحكومة نجاح البلد وازدهارها وهذا الأمر سيعود على المواطنين والمقيمين.
• ما الأهمية الكبيرة لصناعة التأمين في الدورة الاقتصادية؟
لا شك أن هناك دورا كبيرا ومتزايدا لقطاع التأمين والتأمين التكافلي وصناعة التأمين في تعزيز وتنشيط الدورة الاقتصادية، فوحدة تنظيم التأمين واتحاد شركات التأمين، خلال الفترة الماضية قاما بجهود جبارة لضبط السوق والرقابة عليه وهناك تعاون بين الجهتين لدعم قطاع التأمين وأصبح هناك تنظيم كبير في السوق خلال الفترة الأخيرة من زيادة عمل شركات التأمين والرقابة على بعضها الآخر وبالتأكيد قطاع التأمين يؤدي دورا متزايدا ومهما في الدورة الاقتصادية.
• ما الذي تحتاجه الكويت لزيادة مساهمة القطاع الاستثماري في الدورة الاقتصادية؟
القطاع التشريعي مهم للغاية وعندما يكون هناك قوانين يتم صدورها بالتوافق بين مجلس الأمة والحكومة يمثل خارطة طريق للمستثمرين، لإعطاء فرصة وثقة للمستثمر المحلي والأجنبي هناك شركات معظم استثماراتها في الكويت وهناك فرص موجودة ومتزايدة.
وأصول الكويت من الثروة النفطية وصندوق الأجيال القادمة هي ما تعطي تصنيفا ائتمانيا جيدا للكويت، وأتوقع أن تلك الفرص سيكون لها صدى ايجابي على الاقتصاد الكويتي ونحن بحاجة للتفاؤل كونه ليس مهما لنا وحسب ولكن للأجيال القادمة .
• ما القطاعات الأولى بالاستثمار من وجهة نظرك؟
نوع الاستثمار يتطلب معرفة الأسس الخاصة بالاستثمار وأن يكون للراغبين في أي استثمار أن يكون لديهم خبرات استثمارية في المجال وأن يكون لديهم اهتمام كبير بالاستثمارات التي يتم طرحها وأن يكون هناك منفعة فيما يستثمره الأشخاص الراغبون في الاستثمار.
قرارات القياديين الخاطئة والممارسات الإدارية الفاسدة وراء إفلاس البنوك
بعد الانهيار السريع لـ4 بنوك في الولايات المتحدة، تحولت الأنظار إلى المناصب القيادية في تلك المؤسسات المصرفية. وقد ألقى العديد من المحللين باللوم على ضعف الإدارة والقيادة الفعالة وممارسات إدارية فاسدة وعدم قدرة كبار المديرين التنفيذيين على التنبؤ بالتأثير المحتمل للاضطراب في سوق العملات الرقمية العام الماضي. وفي خطابه عقب انهيار البنوك، أكد الرئيس جو بايدن أن النظام المصرفي الأميركي والمودعين في أمان، وتعهد في 13 مارس بأن دافعي الضرائب لن يتحملوا أي خسائر.
وشدد على أن المستثمرين والبنوك لن يكونوا محميين فقد خاطروا عن قصد، وعندما لا تؤتي هذه المخاطرة ثمارها، يخسر المستثمرون أموالهم. هذه هي الطريقة التي تعمل بها الرأسمالية.
وكان بايدن نائبا للرئيس في ظل إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما التي تجاوزت ركام الأزمة المالية عام 2008، وتبنت أنظمة مالية أكثر صرامة في وول ستريت. حدثت العديد من الأزمات المصرفية في الولايات المتحدة خلال أكثر من 100 عام، وفي كل مرة تبتلع فيها البنوك أو الشركات الكبرى مؤسسات خاصة مفلسة أصغر حجما. وعندما تقدم بنك «ليمان براذرز» (Lehman Brthers)، في نيويورك -الذي كان يمتلك أصولا تزيد قيمتها على 600 مليار دولار- بطلب إفلاس في سبتمبر 2008، استحوذ بنك باركليز البريطاني المتعدد الجنسيات على أعماله المصرفية الاستثمارية