صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد حفظك الله
خير ما نستهلّ به كلامنا مُقتبس من كلام سموكم عندما تسلّمتم مسؤوليّتكم في الحرس الوطني: «جئت للإصلاح، لا فرق عندي بين ابن الخفير أو ابن الوزير. واللي مو عاجبه يقعد في بيتهم أحسن له». كلام يعكس طبيعة الشخصية الإصلاحية المُتجذّرة في المنهج والرؤية.
وخير ما نكمل به كلامكم بعد خطاب القسم: «نحن دائماً معكم على الوعد والعهد الذي قطعناه على أنفسنا باقين وبالقسم العظيم بارّين أوفياء للوطن والمواطنين».
وبين الاقتباسين خيط واحد، فالإصلاح جسر العبور لمُستقبل أفضل للكويت والكويتيّين، ومن أقدر على تأصيل نهج الإصلاح من رأس الدولة الذي أكّد أنه مع شعبه على الوعد والعهد، وأنه أمام قسمه العظيم للبرّ بالوطن والمواطنين؟ ومن أقدر على التغيير من الرجل الذي عركته الخبرات والتجارب فصقلته بتراكم المعرفة وصقلها بترك بصمته في مُختلف المناصب التي احتلّها.
من هذه المُقدّمة السريعة ندخل في صلب الموضوع فنقول يا صاحب السمو ما في خاطرنا عما تحتاجه الكويت.
أولاً، تحتاج الكويت إلى دستور عصري مرن يُكرّس المزيد من الحريات والديموقراطية ويُنظّم عمل المؤسسات بشكل أفضل يليق بمتطلبات العصر ويعينك على العمل وأداء الأمانة كون الدستور وثيقة حكم.
الدستور اليوم أشبه بثوب فُصِّل على قياس مرحلة سابقة وكان مُتقدّماً في فترته. هذا الثوب ما زال موجوداً وساتراً لكنه مع التقادم تعرّض لانكماشات تعيق العمل والحركة ولا يقي من العثرات أحياناً. نريد دستوراً غير مُفصّل على زمن بل يتماشى مع كل العصور، ولدينا في الكويت أهل خبرة وعلم دستوري كما يُمكننا الاستعانة بالقدرات العلمية العريقة من أساطين الخبراء الدستوريين في الخارج للعون وتقديم المشورة وإغناء الأفكار.
ثانياً، نحتاج إلى نظام برلماني مُتطوّر يعطي الفرصة لرجال الدولة الحقيقيّين أصحاب الخبرة والدراية والتشريع للوصول إلى قاعة عبد الله السالم وتمثيل الشعب خير تمثيل وتحقيق آماله ومصالح الدولة العليا من دون السقوط المُستمرّ نحو الخطاب الشعبوي ونتائجه الكارثية على النسيج الوطني الكويتي.
نحتاج تطويراً يتلافى كلّ العيوب السابقة وأهمها النظام الفردي المُعيق للتنمية وتقدّم البلد والذي من أهم مُخرجاته تكريس ظواهر سلبية مثل سوء الإدارة وتشجيع الفساد والمحسوبية وسيادة قيم التكاسل والتواكل.
ثالثاً، نريد ثورة إدارية حقيقيّة في كل المؤسسات لإعادة ترتيب وترشيق وتسهيل أداء العمل في البلد. وهو ما سيؤدّي بطبيعة الحال إلى إطلاق المبادرات التنموية الخلاقة المُنتجة ويُشجّع القطاع الخاص على التقدّم في ممارسة دوره في كل المجالات لا لنواكب دول الخليج التي سبقتنا فحسب بل للعودة إلى الريادة التي كنّا عليها سابقاً ونحن قادرون على ذلك.
رابعاً، تحتاج الكويت منظومة مُتكاملة لمُكافحة ومُحاربة الفساد وتنظيف ما تراكم عبر السنوات الماضية. مُكافحة الفساد عمل لن ينجح بجهد فردي رغم كلّ المُبادرات الجادة في هذا المجال.
لقد بدأتم يا صاحب السمو في هذا العمل وجعلتموه أولوية لديكم في كل منصب تسلّمتموه، ولذلك فالحاجة إلى منظومة تشاركية كاملة لمُكافحة الفساد لأكثر من ضروري وصولاً إلى تكريس ثقافة الإصلاح وإعلاء سيادة القانون.
في الختام، نقول لكم من القلب، يا صاحب السمو نريد بلداً تحكمونه أنتم ومن تختارونه عضيداً لكم كما العهد دائماً بدعم جميع المُخلصين والمُحبّين والأوفياء للكويت الغالية ولكم.
ولا نريد بلداً يتحكّم فيه سُفهاء وصِغار يُؤازِرهم تُجّار وساسة طُفَيليّون ومجاميع تافِهة تحمل معاول الهدم في وسائل التواصل… وبالتأكيد لا نريد بلداً يعلو فيه كثيراً صوت من لا يعتبر الكويت هي الأصل والمنبع.
وفّقكم الله، وأعانكم على حمل أمانة الإصلاح.
جاسم مرزوق بودي
الراي 24 ديسمبر2024