مع بدء المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب الجديد، مطلع هذا الأسبوع، تكون مصر على عتبة الانتهاء من الاستحقاق الثالث من استحقاقات «خارطة الطريق»، والتي بدأت بوضع دستور جديد، تلته الانتخابات الرئاسية، وها هو الاستحقاق الثالث في طريقه للاستكمال، بعد إجراء المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية لبقية محافظات مصر في نوفمبر المقبل.
ومثلما يتابع المصريون هذه الانتخابات باهتمام كبير، فإن العالم كله يتابعها أيضا باهتمام بالغ، ليس فقط لأنها تشكل استكمالا لبنود «خارطة الطريق»، بل لأنها تعني كذلك استكمال مصر لمؤسساتها الدستورية، بكل ما يمثله ذلك من استقرار سياسي، سيدفع بالتأكيد إلى مزيد من الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي… وسيكون أمام البرلمان الجديد كثير من المهام العاجلة، في مقدمتها بالطبع إقرار القوانين التي صدرت في غياب الحياة البرلمانية، وكذلك مراجعة العديد من التشريعات التي يعتبرها بعض المراقبين معوقة للاستثمار والتنمية، وإصدار تشريعات أخرى جديدة تفتح أبواب الاستثمار في دولة لاتزال واعدة بكثير من الفرص الاستثمارية للمصريين والعرب والأجانب.
هذه الانتخابات ينظر إليها أيضا باعتبارها الاختبار الجدي لما تعهد به الرئيس عبدالفتاح السيسي وحكومة المهندس شريف إسماعيل، من أنها ستؤدي إلى تمكين المرأة والشباب، وإتاحة الفرصة أمام الأجيال الجديدة من أبناء مصر، لكي تتحمل مسؤولية العمل السياسي، وهو ما تحدث عنه أيضا الرئيسي السيسي في الكلمة التي وجهها إلى شعبه، لدعوتهم إلى المشاركة بقوة وإيجابية، وممارسة حقهم الانتخابي والديموقراطي، وهو ما يمكن ربطه كذلك بالدورات التي جرى البدء في تنظيمها خلال الفترة الأخيرة، بإشراف ومتابعة من رئاسة الجمهورية، بهدف «إعداد القادة» من الشباب، وتهيئتهم لخوض مجال العمل السياسي، وللأدوار القيادية بشكل عام في كل المجالات.
ولعله كان من المصادفات الجيدة أن تتزامن الانتخابات التشريعية مع نجاح كبير حققته مصر على مستوى العمل الديبلوماسي الدولي، بحصولها على مقعد غير دائم في مجلس الأمن الدولي، وباكتساح أصوات الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة. ولم تكن هذه أيضا مجرد عضوية عادية في مؤسسة أممية، بل شكلت اعترافا عالميا بدور مصر وأهميتها، ونظرة العالم إليها باعتبارها دولة مهمة وفاعلة في منطقتها وعالمها، كما أنها إقرار بنجاح خطواتها نحو تأسيس ديموقراطية سليمة وبناء مؤسساتها الدستورية كاملة.
هكذا تمضي مصر إذن في طريقها الذي بدأته منذ أن تولى الرئيس عبدالفتاح السيسي مسؤولية الحكم، تفي بتعهداتها بشأن استحقاقات «خارطة الطريق»، لتتفرغ الآن لمرحلة أهم وأخطر، وهي مرحلة البناء والتنمية والاستثمار، ومن ثم تكريس حالة الأمن والاستقرار التي بدأ يشعر بها الجميع في مصر الآن، تماما كما يستشعرها كل زائر لمصر، لتعود هذه الدولة الكبيرة المحورية رائدة وقائدة وفاعلة، ولتؤدي ما ترتبه عليها هذه الريادة نحو منطقتها وعالمها، وهي بذلك جديرة، وعليه قادرة.