من تجربتي الشخصية في الكلية العسكرية أثناء خدمتي الإلزامية في الجيش حيث كنت من الدفعة الثالثة عام 1982، ومن تجربتي الشخصية في اللواء 15 الذي كان يسمى في تلك الفترة لواء عريفجان، وأصبح فيما بعد لواء الاحتياط (حسب ما اتذكر).
ومن واقع متابعتنا لما عليه شبابنا الكويتي في الوقت الحالي، نستطيع أن نستخلص نتيجة، نحسب أن كثيرين سيتفقون معنا فيها، وهي أنه قد آن الأوان لأن تبادر الحكومة سريعا بتطبيق قانون التجنيد الإلزامي، ليس فقط لكونه «ضريبة وطنية» ينبغي أن يؤديها كل كويتي لوطنه، ولكن أيضا لأن الحياة العسكرية تمثل في ذاتها مدرسة للنظام والانضباط والالتزام، فضلا عن الدور الكبير الذي تؤديه في تعزيز الانتماء الوطني لدى منتسبيها.
لسنا نغمط شبابنا حقهم، ولا ننكر عليهم أنهم جيل مختلف عمن سبقهم، وأنهم يتميزون بقدرتهم الفائقة على استيعاب «لغة العصر» وعلومه وتقنياته، غير أن كل ذلك لا ينفي أن كثيرين منهم يحتاجون بشدة إلى غرس روح الانتماء في نفوسهم، وتعويدهم على «الضبط والربط» والالتزام بكل ما يعنيه من رقي ووعي بالحقوق التي لهم والواجبات التي عليهم. ونوقن بأن انتماءهم ـ ولو لفترة مؤقتة – إلى الحياة العسكرية، سيعوضهم هذا النقص.
لقد صرنا نصحو كل يوم على فاجعة جديدة ناتجة عن رعونة بعض الشباب واستهتارهم بالقانون، وخروجهم على عاداتنا وتقاليدنا كمجتمع كويتي، بما يجره ذلك من جرائم مروّعة وخطيرة، لم يكن لمجتمعنا الكويتي الهادئ عهد بها من قبل، والعجيب والمحزن، في الوقت نفسه، أن هذه الجرائم باتت تُرتكب بلا مبالاة غريبة، كأنها سلوكيات عادية من حق المرء أن يسلكها وقتما شاء، والصحف اليومية والمواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي شاهد على ذلك.
وقد تكون حياة الترف التي وجد كثير من الشباب أنفسهم فيها سببا قويا لما يحدث، ومن ثم فإنهم في أمس الحاجة إلى ما يعيد لحياتهم التوازن، ويعلمهم أن الحياة ليست أخذا فقط، وإنما هي عطاء أيضا، وأنهم في السن التي ينبغي أن يكون عطاؤهم لمجتمعهم ولوطنهم، بل وحتى لأنفسهم وأسرهم، أكبر وأجدى وأنفع، وهذا ما تفعله الحياة العسكرية، وما يحققه الجيش الذي يصدق عليه الوصف بأنه بالفعل «مصنع الرجال».