صاحب السمو السيد أسعد بن طارق شخصية إنسانية واجتماعية ورياضية وعسكرية وثقافية، يحمل في داخله راية عظيمة بعظم شعبيته وحب الناس له، يؤدي واجباته نحو وطنه وسلطانه بكل أمانة وعزيمة وإخلاص، ولا يدخر جهدا أو يدخر مالا في هذا الجانب، له بصمة تاريخية لا يمحوها الزمن، وإن تتالت سنواته، فاقتناعاته راسخة متينة نحو الوصول بعُمان إلى المجد الذي أراده لها مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه لتكون رائدة بين دول العالم.
إن المتتبع لسيرة صاحب السمو السيد أسعد بن طارق يجد فيها كل المعاني السامية والجميلة، ويلمس في ظاهرها وباطنها صفات العرب الأصيلة، كالكرم والجود والشجاعة والإقدام والتواضع والصدق والأمانة، وغيرها من الصفات التي تمثلنا كعرب بوجه عام، وعُمانيين بشكل خاص. وهنا حوار نشرته مجلة أصايل العُمانية و«الخليج» تعيد نشره
< بداية نود التعرف من قرب على شخصية صاحب السمو السيد أسعد بن طارق آل سعيد الإنسان؟
ـ أنا شخص أحب البيئة وأحب الذهاب إلى البحر، وكان المرحوم الوالد يأخذنا إلى ساحل سداب، أما في عمر العشرين فكان يأخذنا في قارب إلى بعض سواحل عُمان في مسقط في رحلات بحرية، كما كنت وإخوتي نذهب إلى البر للصيد وممارسة هواية الرماية، حيث اخذنا هذا التأثير من المرحوم الوالد، فأنا بشكل عام أحب الاختلاط مع الناس، وأحب تربية الحيوانات والطيور النادرة.
وفي مرحلة من وسط العمر كان عندي ما يقارب من 23 مزرعة في مناطق عديدة من عُمان، مثل الداخلية والسيب وبركاء والمصنعة، وصحار والآن عندي ما يقارب 7 مزارع في ولايتي ادم ومنح، وأشعر بسعادة وسرور عندما أتمشى بين هذه الأشجار، وأشرف على العناية بها شخصيا، وأحب زراعة أشجار الغابات، مثل الغاف والسدر والشريش وبعض اشجار الفاكهة، وقد قمت بزراعة اكثر من 15 الف من هذه الأشجار، وذلك لدعم تربية النحل، بالإضافة إلى 12 الف نخلة من أجود الأنواع في مزرعة البشائر.
< ما هي أبرز الهوايات المحببة لسموكم؟
ـ الهوايات المحببة في الصغر كانت التنافس في الجري، وكذلك السباحة التقليدية، ومن ثم الرماية، وبعدها ممارسة لعب كرة القدم، ولاحقا في عصر النهضة بدأت ركوب الخيل، وفي مرحلة متأخرة ركبت الهجن، وكان كل ذلك متعة وقضاء وقت طيب، اما خلال دراستي في مدرسة داخلية في بريطانيا فقد التحقت بفريق لعب الشطرنج، وكذلك فريق الرماية، وكان معي اخي شهاب، اضافة إلى ذلك فقد استمررت في هواية الجري للمسافات القصيرة والطويلة، ولم أحقق نجاحا في المسافات الطويلة، لأن المدرسة كانت ذات مستوى عال، وكانت تخرج رياضيين على مستوى الأولمبياد.
< من المعروف عن سموكم حبكم للقراءة والأدب واطلاعكم على مختلف العلوم ومنها علم الفلك.. كيف توطدت منابع العلم والمعرفة والثقافة لسموكم، وهل من شخص قريب مؤثر في ذلك؟
ـ أحب القراءة وخاصة ما يتعلق بالتاريخ وبعض الشعراء وحياتهم، وقد روى لي جدي رحمه الله السيد أحمد بن هلال بن علي البوسعيدي قصصا كثيرة، وكان يرويها بعد صلاة العشاء عن أشهر الناس في جيوش المسلمين، وكذلك عن بعض الصحابة، وكان يجيد علم الفلك، ولكنني لم اتمكن من ان اتعلم شيئا في ذلك الوقت، وإنما كنت أسمع وأشاهد عندما يأتي احد ليشكو له مسألة معينة. أما الشخصية المؤثرة على شخصيتي في هذا الزمن ما بين 1977 حتى يومنا هذا فهو شخصية صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله، فقد حفظت كل ما قاله لي من نصائح، وطالما تبادلنا الحديث في عدة مناسبات، فهو شخصية حكيمة حليم ومتسامح ومستمع ويستعين بذوي الخبرة في مجالات شتى، سواء كان داخل السلطنة أو خارجها، فقد تعلمت منه الكثير، فهو ثقافة جمة، ولا اعرف احدا غيري حصل على هذه الفرصة، وكنت أشعر براحة كلما جلست بجانبه، وأني أحاول باستمرار جعله يضحك، وهي أمنية دائما يتمنى الشعب أن يراها في وجهه المبتسم، ولا يحب أحد أن يراه في غضب أو متضايقا من شيء معين.
< ترعرعتم في كنف أب عظيم رحمة الله عليه ما الأثر الراسخ الذي اكتسبتموه منه؟
ـ لقد اكتسبت من والدي حب الصدق والتمسك بالمبادئ والأسس، فهو شخصيا لا يحب المراوغة، وكان يحب أن يرى كل شيء مرتبا ونظيفا، وأن يتقن الإنسان العمل الذي يقوم به، وللأسف الشديد كانت فترتنا معه قصيرة من عام 1970 حتى 1980، قبل ذلك كان خارج البلاد، وخلال الفترة في عصر النهضة كنا نحن في الدراسة، وكان هو منشغلا بالعمل الحكومي، ولقد أخلص كثيرا لوطنه وسلطانه رحمه الله.
< هلا تفضلتم وأطلعتمونا على نشأتكم ومراحل حياتكم الدراسية منذ طفولتكم حتى تخرجكم ومن الأقرب لسموكم في مرحلة دراستكم وكان القريب من أخباركم؟
ـ لقد درست القرآن الكريم في ولاية وادي المعاول وأنا صغير، وكذلك اكملت دراستي الابتدائية في مسقط، وقد رافقني في دراستي في السعيدية الابتدائية في مسقط، وفي نفس الصف، أخواي هيثم وشهاب، وتخرجنا مع بعضنا سنة 1967، ثم اتيحت لنا الفرصة لمتابعة الدراسة عام 1970 في مدرسة برمانا العليا في بيروت، ودرسنا الثانوية هناك، ثم استمرت الدراسة في مدرسة داخلية في بريطانيا وحتى هذه المرحلة كنا نحن الثلاثة مع بعض، ومن ثم سلك كل منا طريق التخصص، فأخي هيثم التحق بالسلك الديبلوماسي وحقق فيه نجاحا أفاده في عمله، وأخي شهاب التحق بسلاح البحرية العُمانية، ووصل فيه إلى اعلى الرتب، اما انا فقد درست بعض اللغات، ثم التحقت بالكلية الملكية البريطانية والتحقت بالخدمة العسكرية، وكان هذا خير ما فعلت، وأذكر أن والدي كان فرحا وحضر تخرجي في كلية سانت هيرست العسكرية.
< حب الخيل والهجن راسخ لدى سموكم… نود من سموكم الحديث عن هذه العلاقة الكبيرة التي تربطكم بعالم الفروسية والهجن، متى بدأت وكيف نمت؟
ـ حب الخيل، تطور من سماعي لقصص الفروسية من المرحوم جدي أحمد بن هلال بن علي البوسعيدي، وكذلك منذ أن كنت في عمر الابتدائي، اما الهجن فقد تعرفت عليها اكثر في عام 1986 عند انتقالي إلى مركز شامغ في ولاية إزكي، وكنت اذهب إلى ادم ومنح لمشاهدة السباقات، وأرى الفرحة في نفوس اهل الهجن وأغلبيتهم من البادية، وقد سررت كثيرا عندما اقتنيت اول ناقة وشاركت بها في ميدان عز لسباق الهجن، بعد ذلك تعلمت الكثير عن أنواع هجن السباق، والفرق بين هذه وتلك، وأنا الآن من المحبين والمشجعين لهذه الرياضة العريقة، والهجن ذاتها فيها الخير كله، من لحمها وحليبها وجلدها وصحبتها ووجودها مع الإنسان تجعل الحياة شائقة، وأمتلك الآن اكثر من 45 من الهجن، كثير منها من الأصائل ولا ابيع شيئا، وإنما في بعض الأحيان أهدي بعض السلالات للأجيال الصاعدة، وفيما يتعلق بالخيل فقد اهديت بعضا منها إلى نادي مدرسة الشموخ للفروسية في ولاية منح، وكذلك أهدانا مولاي جلالة السلطان ستة خيول هي الآن معي في المزرعة ليست للسباق، انما هي لركوب المتعة، فأنا أحب ركوب الخيل والهجن على السواء، وكنت سابقا امارس ركوبها.
< توليتم العديد من المناصب وخبراتكم عميقة في شتى المجالات، نود من سموكم الحديث عن تجاربكم العملية والوظيفية العسكرية منها أو المدنية؟
ـ فيما يتعلق بتجربتي العسكرية فقد قضيت اكثر من 19 سنة في قوات السلطنة المسلحة، وتعرفت على كثير من الضباط والأفراد، وكانت فترة مليئة بالنشاط والحيوية والعمل، كنا فريقا واحدا، وهذه كانت من احسن ايام حياتي قضيتها منذ عام 1976 حتى اواخر 1993، وقد تدرجت في المناصب العسكرية من قائد فصيل حتى وصلت إلى قائد سلاح المدرعات برتبة عميد ركن، وأغلبية دوراتي الفنية اكلمتها بنجاح في المملكة المتحدة، وشاركت في العديد من التمارين والتجارب العسكرية داخل عُمان وخارجها، اضافة إلى اعمال في قوات درع الجزيرة الخليجية. ان الخبرة العسكرية تبقى مرافقة للإنسان مدى الحياة، فهناك لحظات لا تتكرر، وقد سعدت كثيرا لحصولي على هذه الفرص المشرفة، وتشرفت بلقاء مولاي جلالة السلطان خلال زياراته لنا في المعسكرات وفي التمارين، فقد كان اعزه الله دائم الاهتمام بتطوير أسلحة قوات السلطان المسلحة، وها هي الآن نفتخر بها لتكون واحدة من احسن الجيوش بين الدول العربية، فيما يتعلق بخبرتي في مجال الخدمة المدنية، فأنا الآن أكمل اكثر من عشرين عاما في ممارسة واجباتي ودوري الحكومي، فقد تشرفت بترقيتي إلى درجة وزير وتعييني امينا عاما للجنة العليا للمؤتمرات، وحظيت بفرصة المشاركة في اجتماعات دول مجلس التعاون، وكان ذلك غذاء نافعا في مجال السياسة، والتعرف على الشخصيات المخضرمة في دول مجلس التعاون، بعد ذلك تفضل مولاي جلالة السلطان بترقيتي لأكون الممثل لجلالته، وهذا شرف كبير لي وأنا لا أزال على رأس عملي حتى هذه اللحظة.
< ظلت عُمان وشعبها على مدار ثمانية شهور تعيش فترة من القلق وتنظر إلى السماء رافعة أكف الدعاء إلى الله سبحانه وتعالى أن يرجع قائدها المفدى سالما غانما معافى.؟ماذا يود أن يقول صاحب السمو في هذه المناسبة؟
ـ الحمد الله الذي استجاب لدعائنا عسى أن يمد جلالته بالصحة والعافية والعمر المديد، وألا يرى أي مكروه.