وجَّه جهاز متابعة الأداء الحكومي إنذارات إدارية شديدة اللهجة إلى 7 جهات حكومية؛ بسبب تضخم المخالفات الإدارية فيها، وقال مصدر إن الجهات التي أُنذرت هي وزارات الصحة والتربية والكهرباء والإعلام والمواصلات والبلدية والهيئة العامة للعناية بطباعة ونشر القرآن الكريم. وأشار إلى أن الملاحظات التي سجلها مراقبو شؤون التوظيف في الجهات الحكومية، التابعون لديوان الخدمة المدنية، ركزت على الجانب الإداري في كل جهة حكومية، فضلا عن التبعات المالية للمخالفة الإدارية.
ورأى سياسيون اهمية تزويد جهاز متابعة الأداء الحكومي بمزيد من الصلاحيات التي تمكنه من معاقبة الجهات المتجاوزة.
وقال الاكاديمي والمحلل السياسي د. عبدالحميد الصراف إن جهاز متابعة الأداء الحكومي يجب أن تكون له صلاحيات وأن يكون قادرا على اتخاذ القرارات، وهذا ما سيتميز به إن تم هذا الأمر، فيجب قبل الحكم على أي جهاز في الدولة أن نعرف صلاحياته المنوطة به، وهل هذا الجهاز قادر على متابعة المخالفات التي تقوم بها مؤسسات الدولة المختلفة، وهل لديه الصلاحيات اللازمة التي يحاسب من خلالها الأجهزة التي تقوم بتلك المخالفات؟
وأضاف الصراف: بالفعل أن يكون لدينا جهاز لمراقبة الأداء الحكومي هو أمر جيد ويستحق الإشادة، لكن في الوقت نفسه يجب أن يكون هذا الجهاز قادرا على معاقبة المخطئ، فالحكومة لن تعاقب نفسها بأي حال من الأحوال، فإذا كان الجهاز ليس لديه الصلاحيات اللازمة لمحاربة الفساد وغيره، فلماذا إذن تم إنشاء هذا الجهاز؟ فلدينا برلمان وديوان المحاسبة وهي أجهزة للدولة تقوم بمراقبة الأداء الحكومي، لكن الإشكالية تكمن في أن تلك الأجهزة لا يوجد لديها أي صلاحية تقوم من خلالها بمعاقبة من يقومون بتبديد أموال الدولة، فهي مجرد أجهزة لفحص الملفات والتدقيق ومعرفة من لديه تجاوزات ومن لا توجد لديه.
وأوضح الصراف أن القضية ليست قضية أجهزة للدولة بقدر ما هي القيمة الحقيقية التي ستضيفها هذه الأجهزة وهل هذا الجهاز فعال يستطيع أن يقوم بإصلاح الأوضاع إذا كانت هناك مخالفات، خصوصا في ظل وجود فساد عميق في بعض مؤسسات الدولة؟ فالمخالفات الآن أصبحت واضحة وديوان المحاسبة لديه الكثير من المخالفات التي يجب أن يتم معاقبة المتسببين فيها، فهناك أموال تصرف لا طائل لها في بعض مؤسسات الدولة.
وبين الصراف إذا كان الهدف الرئيسي من هذا الجهاز هو إعطاؤه صلاحيات لمحاربة الفساد مثل الضبطية القضائية وغيرها من هذه الأمور التي تساعد الجهاز على محاربة الفساد في مؤسسات الدولة التي يوجد فيها تجاوزات؟ مشيرا إلى أن بعض مؤسسات الدولة الهدر المالي فيها غير طبيعي ويجب أن توضع قوانين صارمة للحد من هذا الهدر مع إعطاء الأجهزة صلاحيات للحد منه.
وتابع الصراف: على سبيل المثال مسألة مخرجات التعليم هناك خلل فيها ويجب إصلاحه فهل الوزير لا يعرف أن هناك خللا في مخرجات العملية التعليمية إذن لماذا لا يقوم وزير التربية بإصلاح هذا الخلل؟ في النهاية أستطيع أن أقول أن هذا الجهاز يجب أن يكون لها صلاحيات يستطيع من خلالها محاربة الفساد وتجاوزات المال العام، أما وجود الجهاز دون صلاحيات فسيجعله كباقي الأجهزة الرقابية كديوان المحاسبة وغيره.
فيما قال أستاذ الاقتصاد في كلية العلوم الإدارية بجامعة الكويت د. يوسف المطيري ان مسؤوليات الأجهزة الرقابية بشأن الرقابة على الأموال العامة تكمن بشكل أساسي باختيار مدى التزام الجهات بالقوانين والنظم بشكل عام، والذي يؤدي بلا شك للمساهمة في منع هدر المال العام ومنع التجاوزات في مختلف مؤسسات الدولة.
وأضاف المطيري: جهاز متابعة الأداء الحكومي يقوم بدوره المناط به، وهو الرقابة على مؤسسات الدولة، ومن ذلك أنه قام بإخراج العديد من التجاوزات والتعديات على المال العام في وزارات مختلف، فقريبا قام بإخراج تجاوزات لست أو سبع مؤسسات حكومية، وهذا يدل على أن الجهاز نشط، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن هذا الجهاز يجب أن يكون له صلاحيات يستطيع من خلالها أن يعاقب المتجاوزين فلا فائدة من أي أداة رقابية لا تعاقب من يقوم بالتجاوز.
وأوضح المطيري: لدينا العديد من المؤسسات المخولة بمراقبة المشاريع الحكومية والوزارات وما تقوم به من إنجازات والهدر المالي الموجود في المشاريع، ولكن في الوقت ذاته لا يوجد لدينا جهاز لديه الصلاحيات الكاملة التي يمكن من خلالها معاقبة المتجاوزين والذين يقومون بإهدار المال العام، لذا أعتقد أننا في حاجة إلى جهاز قوي مثل هذه الجهاز، لكن بشرط ان تكون له الصلاحيات اللازمة لمعاقبة المتسببين في إهدار المال العام، أما أن يكون الجهاز رقابيا فقط، فسيكون كباقي مؤسسات الدولة الأخرى التي تخرج لنا التجاوزات دون معاقبة المتسببين فيها.
وطالب المطيري بأن يتم منح جهاز متابعة الأداء الحكومي الصلاحيات التي يمكن من خلالها مراقبة الأجهزة الحكومية مثل الضبطية القضائية ليتم اتخاذ الإجراءات الرادعة التي تمنع أي مؤسسة من مؤسسات الدولة من الإهدار مرة أخرى، كما يجب ان يعطى هذا الجهاز صلاحية التفتيش المفاجئ على المؤسسات المختلفة، وهذا أيضا امر يسهم في الشفافية التي يجب أن تتمتع بها مؤسسات الدولة، مشيرا إلى أن المسألة ليست كثرة أجهزة رقابية في الدولة بقدر ما تستطيع هذه الأجهزة القيام به فهل تستطيع تلك الأجهزة معاقبة المتجاوزين، أستطيع أن أقول إن هذا الجهاز من الممكن أن يكون رقابيا بصورة فعالة إذا كانت لديه الصلاحيات اللازمة لمعاقبة المتجاوزين.