احتفال مملكة البحرين بعيدها الوطني هذا الأسبوع، هو مناسبة ليست فقط لاستعادة تاريخها العريق، والحديث عن حضارة دلمون وتراثها الزاخر الذي يستحق بالفعل أن يستعاد ويدرس، وتستخلص منه العبر والدروس، ولكنه مناسبة أيضا للحديث عن الحاضر، وهو بدوره جدير بالتقدير والتنويه، فما تحقق خلال العقود الأربعة الماضية، منذ استقلال البحرين كثير وكبير بحق.
ولعل هذا التقدير لما حققته مملكة البحرين من إنجازات يتضاعف، حين ندرك أنها أحرزت كل ذلك التطور، وهي لا تملك الكثير من الموارد الطبيعية، فهي أقل دول مجلس التعاون الخليجي إنتاجا للنفط، لكن كل الخليجيين يدركون جيدا معدن الإنسان البحريني، وقدرته على تحدي أصعب الظروف وأقساها، من أجل أن يبني نفسه ووطنه، ويقيم واحدة من أنجح التجارب التنموية في المنطقة العربية كلها، إلى حد أن عاصمتها المنامة باتت تحظى بالاستثمارات المالية الكبيرة، والنشاطات الاقتصادية الواسعة والشاملة، وهو ما جعل البحرين تصنف في العام 2012، على سبيل المثال، في المرتبة الثامنة والأربعين على مستوى العالم في مؤشّر التنمية البشرية، وهي مرتبة متقدمة جدا، لم تحرزها دول تفوق البحرين كثيرا في مساحتها وسكانها ومواردها الطبيعية… كما أنها صارت مقصدا ومزارا لعشرات الآلاف من السياح الخليجيين والعرب، فقد أتقنت أيضا صناعة السياحة، وتفوقت فيها على معظم الدول العربية الأخرى.
والحق أنه لم يعد يدهشني ما تحققه هذه الدولة الشقيقة من تطور وتنمية، ذلك أنني في كل مرة أزورها ألمس إلى أي مدى قدرة الإنسان البحريني، وإصراره على أن يخوض كل مجالات العمل، من دون أدنى تحفظ، فليس لديه ذلك التصنيف الذي يعتنقه آخرون، ولا ينظر إلى نوع معين من العمل بأنه «دون المستوى»، بل يؤمن بأن كل عمل شريف في ذاته، مادام كسبه من حلال وبطرق مشروعة، وهذا هو الفيصل الوحيد لديه… لذلك فليس غريبا أن ينجح هذا الإنسان، ويحقق لدولته هذا المستوى اللافت من التنمية والتطوير.
تهنئة خالصة لمملكة البحرين، ملكا وحكومة وشعبا، بعيدها الوطني، وكل عام وأنتم بخير.