• نوفمبر 23, 2024 - 1:55 صباحًا

نبيل الفضل .. نائب دافع عن مبادئه حتى الرمق الأخير

يمثل رحيل النائب نبيل الفضل فاجعة صدمت أهل الكويت جميعا، بعد ان ترجل الفارس من على صهوة جواده أثناء تأديته واجبه الوطني في مجلس الأمة، واضعا لافتة «النهاية» سريعا على رحلة وطنية حافلة بالعطاء، ليكون أول نائب في تاريخ الحياة النيابية الكويتية يتوفى داخل القاعة وهو جالس على مقعده، وقبيل رحيله ابى الفضل الا ان يمارس دوره البرلماني بامتياز، فقبل وفاته مباشرة وقف وتحدث داخل قاعة عبدالله السالم صادحا بالحق، محملا السلطتين التشريعية والتنفيذية مسؤولية منع توقيع المعاملات للنواب داخل القاعة لانها تشوه الصورة الحضارية لمجلس الأمة، مشيدا بسابقة تلاوة أسماء النواب الغائبين عن اجتماعات اللجان والمتأخرين عن موعد انعقاد الجلسات، ثم فجأة وهو جالس على مقعده، خلال انعقاد جلسة مجلس الأمة العادية، توفاه الله إثر أزمة صحية ألمت به، وسط تداعي النواب ومحاولات اسعافه التي لم تأت بنتيجة، حيث وصل إلى مستشفى الأميري متوفى.
والفقيد دخل الملعب السياسي من أوسع أبوابه، حيث نجح في أول ترشيح له، فكان أول مرشح يرشح نفسه من دون أن يبني مقرا انتخابيا أسوة بباقي المرشحين، وهو أول كاتب ينجح في الانتخابات من دون أن يُدعم من تيار أو تجمع، فاجمع عليه الناخبون لاقتناعهم بأطروحاته، وإيمانهم بمصداقيته، وهو أول نائب يتوفاه الله تحت قبة عبدالله السالم، لأنه كان يحرص على حضور الجلسات وحضور اجتماعات اللجان رغم كثرة أمراضه ورغم تعبه، إلا أنه كان يضغط على نفسه ليعطي درسا لباقي النواب كيف يكون النائب، وما هو الدور المناط به، ولن ينسى الكويتيون نبيل الفضل، مع قصر مدة عضويته، إلا أن بصماته واضحة من خلال اقتراحاته بقوانين، ومن خلال مواقفه الصارمة مع من كانوا يفرقون المجتمع، من تيارات وأحزاب، ويمثل رحيله خسارة فادحة للكويت ولمجلس الأمة.

ونعى مجلس الأمة، في بيان رسمي، ببالغ الحزن والأسى النائب نبيل الفضل، وقال المجلس في بيان له: بقلوب راضية بقضاء الله وقدره، ننعى ببالغ الحزن والاسى المغفور له بإذن الله النائب الفاضل نبيل نوري الفضل الذي وافته المنية في قاعة عبدالله السالم خلال جلسة مجلس الامة العادية. واننا اذ نعرب عن الحزن البالغ لهذا الرحيل المفاجئ، الا اننا مؤمنون بانه لا راد لقضاء الله وقدره، وانه حين تأتي منية المرء فإنه لا يستقدم ساعة ولا يستأخر. لقد كان الاخ العزيز الراحل نبيل الفضل حتى آخر دقيقة من عمره، نائبا مثابرا نشطا، برغم ظروفه الصحية الاستثنائية.
كما نعت الحكومة النائب نبيل الفضل. وقالت في بيان لها : «لم يبخل، رحمه الله، على الكويت يوما برؤيته الثاقبة دفاعا عن مصلحة الوطن مخلصا في النصيحة، صادقا في المشورة، نزيها في الرأي، نسأل المولى تعالى ان يتغمد فقيد الكويت برحمته وان يسكنه فسيح جناته وان يلهم اسرته ومحبيه واهل الكويت جميعا الصبر والسلوان».
كما نعى النواب زميلهم نبيل الفضل مستذكرين مناقبه ومواقفه الوطنية وإسهاماته الواضحة في العمل البرلماني وعلاقته الطيبة مع زملائه النواب رغم اختلاف البعض معه في وجهات النظر. وقال رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم: «لقد آلمنا وأحزننا جميعا رحيل النائب الفاضل نبيل الفضل لكنها بالنهاية إرادة الله، وكل له يوم لا بد فيه من الرحيل، وما أقوله في حق النائب الفضل كلمة حق أشهد بها من خلال ما علمت عنه في فترة رئاستي لمجلس الأمة، فقد كان نائبا مثابرا مخلصا في عمله وقد بذل جهودا كبيرة مشهودا له فيها بتطوير العمل البرلماني من خلال اقتراحات ومشاريع قوانين مهمة، وأضاف «أن الفقيد كان همه الأول تبني كل ما من شأنه الارتقاء بالبلاد وتحقيق طموحات الشعب، وقد أدى الأمانة، وشاءت القدرة الإلهية أن يقضي آخر ثوان له داخل قاعة عبدالله السالم ليكون دليلا على حبه للوطن وإخلاصه لسمو الأمير ورغبته في تحقيق الأفضل للبلاد، ولا نملك في الأخير سوى الدعاء له بأن يتغمده الله بواسع رحمته ويدخله فسيح جناته وأن يلهم أهله الصبر والسلوان».
بدوره، نعى نائب رئيس مجلس الامة مبارك الخرينج زميله واخيه النائب نبيل الفضل، وأكد الخرينج ان المغفور له باذن الله تعالى النائب الراحل نبيل الفضل واعتبر وفاته خسارة كبيرة للوطن ولمجلس الامة لما عرف عنه من وطنيته وحبه للكويت واهلها، وبوفاته خسرت الكويت ابنا بارا بها مدافعا شرسا عن الكويت ونظامها السياسي والعمل من اجل رفعة الكويت واستقرارها. ودعا الخرينج الله عز وجل ان يتغمد الفقيد العزيز بواسع رحمته، وان يلهم اهله ومحبيه واخوانه اعضاء مجلس الامة الصبر والسلوان.
في السياق ذاته، قال مراقب مجلس الأمة النائب عبدالله التميمي: هذا الرجل مهما تحدثنا عن سمو أخلاقه وطيبته ورجولته وشجاعته فلن نعطيه حقه، فقد كان وطنيا صادقا مع نفسة والآخرين، وأفنى حياته في خدمة أهل الكويت، وليس دليلا على ذلك أبلغ من أن الله أخذ أمانته تحت قبة عبدالله السالم.
وأعرب النائب حمود الحمدان عن تعازيه لرئيس مجلس الأمة والنواب وأهل الفقيد وذويه، سائلا الله أن يعفو عنه، وهذه سنة الله في الأرض ومن هم قبلنا فاضوا إلى الله، ونحن على هذا الدرب سائرون. وأضاف الحمدان: لابد أن نأخذ العظة والعبرة ومثل هذه المواقف الصادمة تذكرنا دائما بالحياة الآخرة من أجل أن نجتهد في أعمالنا الصالحة في الدنيا، وندعو للفقيد بالرحمة، فقد كان من المجدين والمجتهدين.
ومن ناحيته، قال النائب د. يوسف الزلزلة: اننا فقدنا أخا حبيبا وصديقا رائعا وزميلا لم أر منه الا الخير في محبة الكويت وأهلها، وحقيقة أشعر انه سيترك فراغا كبيرا في مجلس الأمة وبين محبيه. ووصف الزلزلة المشهد الذي تم في المقبرة أثناء توديع النائب بأنه كان مهيبا، حيث التف زملاؤه النواب مع أهل الكويت من مختلف الطوائف والتوجهات لتوديع المرحوم نبيل الفضل.
واعتبر النائب خليل الصالح أن رحيل الفضل فاجعة ليست بالهينة، معتبرا ان الجمع الغفير الذي جاء لتوديعه إلى مثواه الأخير دليل على محبة الناس له، مشيرا إلى حرص الحكومة على المشاركة في توديعه ممثلة بسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك وجمع من الوزراء يتقدمهم رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم.
وقال النائب د. عبدالرحمن الجيران: نعزي انفسنا والجميع بهذا المصاب المفاجئ، وقد عاشرته في اللجنة التشريعية ولمست مدى عمق وطنيته وهمومه التي يحملها عن الوطن وأهل الكويت ومعاناتهم، فقد كان يحمل رسالة البسطاء من الشعب، وله اجتهادات أصاب في بعضها وأخطأ في بعضها مثله مثل جميع النواب والبشر بصفة عامة، ولا نملك إلا أن ندعو له، ورحمة الله واسعة، ونتمنى أن تستمر رسالته الوطنية من خلال مشاريع القوانين التي قدمها بأن ترى النور.
وتقدم النائب ماضي العايد الهاجري بخالص العزاء إلى اسرة الفقيد ومحبيه والى زملائه نواب مجلس الامة، رئيسا واعضاء، في وفاة زميلنا نبيل الفضل رحمه الله، وندعو الله ان يسكنه فسيح جناته، وان يلهم اهله وذويه الصبر والسلوان. واضاف الهاجري، إن النائب الفقيد تميز بنشاطه الكبير في مجلس الامة من خلال حضوره اجتماعات اللجان والجلسات العامة، ونستذكر آخر كلماته في القاعة من الالتزام بالحضور وانعقاد الجلسة في موعدها، كما انه توفي داخل قاعة عبدالله السالم حينما كان يؤدي واجبه الوطني.
من جانبه، قال النائب فيصل الدويسان: لقد سقط عامود من أعمدة الديموقراطية في الكويت أحد أعمدة مجلس الأمة، فقد تعودنا على هذا الرجل الوطني الذي دائم التفكير في وطنه في كل شاردة وواردة، كانت الكويت في قبلته ومحرابه.
وأضاف بقوله: نحن متأثرون بترجل الفضل، لم يسقط نبيل الفضل انما عرج إلى مكان أعلى عند مليك مقتدر، فكلنا زائلون وتبقى الكويت في قلوبنا، وإنا على فراقك أبا براك لمحزونون.
بدوره، قال النائب أحمد لاري: رضا بقضاء الله وقدره نعزي الشعب الكويتي ورئيس مجلس الأمة والأعضاء وذوي الراحل النائب نبيل الفضل الذي ترجل بعز عطائه من أجل الكويت، حيث ادى دوره النيابي وترك بصمة واضحة في كثير من التشريعات والمواقف، ويبقى اسمه مسطرا في ذهن الكويت، وإنا لله وإنا إليه راجعون. من جانبه، قال النائب جمال العمر: نعزي أنفسنا والشعب الكويتي بوفاة النائب نبيل الفضل أثناء أداء دوره الوطني في جلسة المجلس داخل قاعة عبدالله السالم، موضحا انه يعتبر خسارة للمجلس، رحمه الله، داعيا المولى له بالرحمة ولأهله بالصبر والسلوان.
وقال النائب طلال الجلال نعزي أنفسنا والشعب الكويتي في وفاة الاخ والزميل المرحوم باذن الله تعالى نبيل الفضل، الذي لفظ أنفاسه الأخيرة في قاعة مجلس الأمة أثناء الجلسة. وأضاف الجلال: ان الكويت فقدت أحد أبنائها الذين عملوا لخدمة البلد، سائلا المولى عز وجل ان يتغمد الفقيد بواسع رحمته وان يسكنه فسيح جناته ويلهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان.
وقال النائب الدكتور خليل عبدالله أبل: اننا نعزي نواب الأمة وأهل الكويت كافة بوفاته وانتقاله إلى جوار ربه، سائلين الله عز وجل ان يتغمده بواسع رحمته، وان يلهم أهله الصبر والسلوان. وأضاف عبدالله ان الراحل كان من النواب المثابرين بالعمل البرلماني والملتزمين بالحضور إلى الجلسات واجتماعات اللجان البرلمانية رغم ظروفه الصحية، التي كان يمر بها، لافتا إلى ان رحيله من على كرسيه النيابي، وخلال ممارسة عمله الذي أحبه، يجعلنا نستذكره دائما، ويعد فقدانه خسارة للمجلس، وشكل مفاجأة للجميع.

في رثاء
نبيل الفضل

بسم الله الرحمن الرحيم
(ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون)
صدق الله العلى العظيم
الكلمات احيانا تعجز عن الوصف والتعبير؛ لأن الشخص الموصوف أكبر من الكلمات والإطراء
نبيل الفضل كان نائبا وثروة وطنية فقدتها الكويت، لما يتمتع به من مزايا وطنية قد لا توجد في بعض الاعضاء.
كان سدا قويا امام الموجه التكفيرية التي غزت العالم، وفكر ايضا بعض الاعضاء الموجودين، وضد اي توجه او طرح يمزق الوحدة الوطنية! لقد كان يحمل على اكتافه وفي صدره آلام الوطن وتحدياته! وكان يؤدي عملا يخاف بعض النواب القيام به لمصالحهم الشخصية! همه الوحيد الكويت وتطبيق القانون على الجميع، والناس سواسية، والكويت في نظره اسرة واحدة! لم يقم مقرا انتخابيا حيث كانت آراؤه تتنقل وتصل لفكر كل مواطن!
كان شجاعا بالطرح من اجل الكويت! ولا يسوّق لنفسه بهرجه اعلامية مثل الباقين!
الكويت فقدت انسانا كان ثروة وطنية خالصة، اللهم أسكنه فسيح جناتك وألهم ذويه والشعب الكويتي الصبر والسلوان، إنا لله وإنا إليه راجعون.
المحامي جليل الطباخ

 

الفضل .. في سطور

النائب الراحل نبيل الفضل من مواليد العام 1949، بدأ حياته المهنية طيارا مدنيا في الخطوط الجوية الكويتية، وعمل في المجال الصحافي، وحاز عضوية جمعية الصحافيين الكويتية، وكتب للعديد من الصحف المحلية إلى جانب مشاركته في العديد من المقابلات التلفزيونية والندوات.
وحاز النائب الراحل عضوية مجلس الأمة لدورتي فبراير 2012 وديسمبر 2012 المبطلتين بحكم المحكمة الدستورية، وعاد الفضل إلى مجلس الأمة في ديسمبر 2013 على خلفية حكم صادر من المحكمة الدستورية التي حسمت الطعون الانتخابية وأقرت بفوزه عن الدائرة الثالثة.
وخلال المجلس الحالي شغل، رحمه الله، خلال دور الانعقاد الرابع الحالي للمجلس عضوية كل من لجنة الشؤون التشريعية والقانونية البرلمانية ولجنة المرافق العامة البرلمانية ولجنة الشباب والرياضة البرلمانية.
له العديد والكثير من الكتب والاصدارات الدينية آخرها كتاب «دين محمد والديانات السماوية»، والكتب الفلسفية كتبها أثناء حياته قبل أن يتوجه إلى العمل السياسي، والتي ادت إلى ان تتسم كتاباته اللاحقة بأن تكون سياسية وبأسلوب النقد الشرس (غير الساخر)، وغالبا ما ينتقد أعضاء مجلس الأمة الكويتي، مثل نقده للنواب السابقين من المعارضة المبطلة. كما يتميز أسلوبه الفريد باستخدام الأسلوب القاسي ويبرر ذلك بأنه لا يمكن مواجهة ذوي اللسان البذيء إلا بالقسوة، وإن ترفعنا عنهم فإنهم سيتمردون.
توفي الراحل نبيل الفضل صباح يوم الثلاثاء 22 ديسمبر 2015 الموافق 11 من ربيع الأول 1437هـ، وذلك أثناء انعقاد جلسة لمجلس الأمة، حيث سقط مغشيا عليه وقد حاول المسعفون إنقاذه إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل، الأمر الذي أدى إلى إيقاف الجلسة وإخلاء القاعة من الجمهور ووسائل الإعلام. وتم وضع علم الكويت في موضع جلوس النائب الراحل.

 

أهم مواقف الفَضْل

كان الراحل نبيل الفضل مثالا للنشاط والحيوية داخل المجلس، وخلال فترة عضويته التي امتدت نحو 3 سنوات قدم خلالها 103 اقترحات بقوانين و 136 اقتراحا برغبة و108 أسئلة برلمانية، فضلا عن العديد من القوانين المهمة، مثل قانون تجريم الجماعات الإرهابية وتغليظ العقوبة لمن يسيء لمسند الإمارة وقانون حماية الوحدة الوطنية، وكان الفضل مثالا للتعاون مع زملائه ومخلصا، ساهم بكل إخلاص في أداء دوره التشريعي والرقابي.
وكان الفضل مستقلا من الناحية السياسية، ومدافعا شرسا عن الدولة المدنية ومن دعاة الوحدة الوطنية، وبرز كاتبا شجاعا اتسمت مقالاته بالنقد المباشر والمواجهة الحادة، وسجل الراحل الفضل في مسيرته البرلمانية حزمة من المواقف الشجاعة، فقد كان نائبا جريئا في مواقفه وآرائه، نشيطا في اداء واجباته البرلمانية، وكاتبا لا يخشى في اعلان آرائه لومة لائم، معبرا عن نبضات قلوب ناخبيه الذين حملوه الامانة. ومن ابرز المعارك السياسية والاعلامية التي خاضها تلك التي تصدى فيها لتيارات «الاسلام السياسي»، ولرموز المعارضة.

Read Previous

اجتماعيون وسياسيون لـ الخليج: مسجد الصادق أصبح رمزًا للوحدة الوطنية

Read Next

سمو الأمير يشيد بمناقب الفقيد الفضل: قدم خدمات مقدرة لوطنه

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x