جاء الحديث الذي وجهه صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد خلال لقائه يوم الأربعاء الماضي برؤساء تحرير الصحف المحلية، ليقطع الطريق على أي محاولات لإثارة الفتنة بين مكونات هذا الوطن، وليؤكد للجميع أن الكويت كانت وستظل موحدة متآلفة متحابة ، لا يعرف أبناؤها انتماء إلا إليها ، وأن قيادتها وشعبها لن يسمحا بجرها إلى مستنقع الطائفية والقبلية ، أو أي شكل آخر من أشكال التحزب والفرقة التي ساقت دولا ومجتمعات عديدة من حولنا إلى الخراب والدمار .
من هنا كان تركيز سمو الأمير على ضرورة عدم إتاحة الفرصة لكائن من كان ، لاستغلال المنصات الإعلامية لتأجيج المشاعر وإثارة النعرات والشحن الطائفي ، والابتعاد عن الإساءة لأي فئة من مكونات المجتمع. ويرتبط بذلك ارتباطا وثيقا تأكيد سموه أيضا على ضرورة احترام القضاء وأحكام السلطة القضائية ، وعدم التعرض لهما ، فالقضاء هو الحصن الحصين للمجتمع ، وأحكامه “عنوان الحقيقة” – كما يقال – ومن ثم فعلى الجميع أن يرتضيها ، لأنها الضمانة الحقيقية لاستمرار السلام المجتمعي ، ولأمن الوطن واستقراره .
ومن الضروري أن نتوقف أيضا عند عبارة بالغة الأهمية وردت في حديث صاحب السمو، وهي دعوة سموه لأن نضع “مصلحة الوطن فوق كل اعتبار” .. وإذا كان المخاطب بذلك هو وسائل الإعلام التي لا شك لها دور كبير في المرحلة المقبلة ، فإن الرسالة موجهة للجميع ، لاسيما في ظل ما يكتنف منطقتنا من ظروف استثنائية “بالغة الدقة” – كما وصفها سموه بحق – وهو ما يضع على كاهل كل مواطن كويتي ، وكل مؤسسة من مؤسسات الدولة، مسؤولية كبيرة ، للحفاظ على وحدة المجتمع وتماسكه، وحمايته من أن تتسلل إليه عوامل الضعف ومبررات الوهن .
وفي تناوله للشأن الاقتصادي ، فقد حرص صاحب السمو على أن يلفت الأنظار إلى نهج “التوازن” المطلوب ما بين الترشيد وخفض بنود الميزانية، لمعالجة النقص في موارد الدولة المالية من ناحية ، والحفاظ على الحياة الكريمة للمواطنين ، وعدم المساس بمتطلباتهم المعيشية الاساسية من ناحية أخرى ، وهو التحدي الذي يواجه السلطتين التنفيذية والتشريعية خلال الأيام المقبلة ، ونتمنى أن تنجحا في تجاوزه .
أما حديث سمو الأمير عن أهمية تعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك، ودفع مسيرته الخيرة نحو التكامل والتكاتف في مختلف المجالات ، بما يحقق أهداف وتطلعات شعوب دول المجلس ، ويكفل ازدهارها ونماءها وأمنها واستقرارها ، فليس مستغربا على زعيم كبير بمكانة صاحب السمو الذي يحرص دائما على الدعوة للحفاظ على هذه المنظومة الخليجية التي تثبت كل يوم ، أنها مظلة الأمن والأمان والخير لكل دول وشعوب المجلس ، وستبقى كذلك مادام قادتها ومواطنوهم متمسكين بها ، وباستمرارها كيانا وحدويا هو الأبقى والأنجح في التاريخ العربي الحديث .