طالب مثقفون ونشطاء بوقف هدم «بيت لوذان» الثقافي الذي يعدّ مركزا مهما لتبنّي المواهب الحرفية وإقامة الأنشطة الثقافية، وذلك بعدما تردد عن نية مُلاكه بيعه وبناء مجمع تجاري مكانه. داعين الحكومة الى استملاكه باعتباره اثرا تاريخيا.
بيت لوذان الذي كان قد تم بناؤه في 1926 كان بيتا لأمير الكويت الراحل الشيخ صباح السالم الصباح، ويتمتع بموقع متميز مطل على الخليج العربي بمنطقة السالمية وهو ملكية خاصة.
بدورها قالت الناشطة دلع المفتي، إن «بيت لوذان مركز ثقافي تنويري ومركز للأعمال الخيرية»، لافتة إلى أنه «كان نقطة ضوء، ونحن نطالب بعدم هدمه نظرا لما له من طابع تراثي وتاريخي».
وأضافت: أن بيت لوذان ملكية خاصة ولا يجوز التدخل في مسألة بيعه، وقالت: «هذا صحيح، ونحن كل ما نقوم به هو مطالبة أصحابه بأن يتركوا لنا هذه الفسحة الثقافية التنويرية».
واكدت أنه مازال لديها أمل في عدم الهدم وأن تقوم الحكومة بشراء البيت وتبقي عليه مركزا ثقافيا كما هو.
بدوره قال وزير النفط السابق والكاتب الصحافي علي البغلي: ان بيت لوذان في منطقة السالمية، هو المنزل الذي عاش فيه أمير البلاد 12، المغفور له الشيخ صباح السالم المبارك الصباح، الذي انتقل في السكن فيما بعد مع عائلته الكريمة إلى قصر المسيلة العامر.
واشار الى استخدام البيت فيما بعد من قبل كريمته الشيخة أمل صباح السالم كمركز ثقافي، وكمؤسسة غير ربحية خلال الـ20 عاما التي مضت، وقال : ساهم البيت العريق في تشجيع وإثراء عدة نشاطات ثقافية، وأدى خدمات مجتمعية أخرى، مثل تشجيع الشباب الكويتي من الجنسين لممارسة الأنشطة الفنية والثقافية والتطوعية.. كما شجعهم ونمى فيهم روح تطوير مشاريعهم الصغيرة.. وأتاح لهم ممارسة هواياتهم، وكل ما من شأنه تنمية معارفهم ومواهبهم.
وطالب الحكومة باسم جميع من انتفع طوال العقدين الماضيين بالخدمات التي أدتها مؤسسة «بيت لوذان» الثقافية المتميزة، أن تتدخل وتستملك ذلك الأثر التاريخي والمعلم الثقافي العزيز على قلوب آلاف الكويتيين، ليستمر في نشاطه الفعال، والذي لا يضاهيه أحد في دولتنا الحبيبة الكويت. مناشدا سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك أن يوعز للجهة المختصة ان تتعامل مع «بيت لوذان» كما يتم التعامل مع مؤسسات ثقافية وتاريخية شبيهة في دول الحضارة والتقدم والرقي، لاعتباره مبنى تراثيا محفوظا، وذلك برفع الحرج عن ملاكه واستملاكه.
من جانبه قال الباحث في التراث الكويتي صالح المسباح إن «هذا البيت له تراث وتاريخ طويل»، متسائلا: «ماذا تبقى لنا في الكويت حتى يتم هدم هذا البيت التراثي وهو معلم تاريخي مهم؟».
وناشد مُلاك البيت التوقف عن الشروع في هدمه، مقترحا أن يتم تثمينه والإبقاء عليه وتعويض مُلاكه ماديا.
وذكر أن قطر والإمارات عوّضتا مُلاك البيوت التراثية بقرابة 10 أضعاف أثمان بيوتهم حتى يقبلوا بالإبقاء عليها والتنازل عنها.
ووجهت الناشطة لبنى سيف عباس، دعوة للمهتمين بالثقافة والآداب والفنون والتراث، تحت عنوان «أضوي شمعات لوذان» قالت فيها: «اليوم بداية وخطوة للحفاظ على ماضينا وخلق حاضر ومستقبل… هل نحتاج إلى مجمع تجاري أو فندق آخر؟ لمن؟ بيت لوذان أكثر من رمز و أكثر من إشارة، ونتمنى من المعنيين أن يشاهدوا الموروث الحضاري «ويدركوا» بأنه لن يباع وليس له ثمن، اليوم في الساعة 17:46 أمام بيت الجميع.. بيتنا.. بيت لوذان».
وأضافت: «ما هو الموروث الحضاري بالنسبة لك؟ وما أهمية المعالم والمواقع التاريخية اذ لم نعاصرها؟ بيت لوذان ملكية خاصة، ولكن الجميع يشعر بأن بيت لوذان جزء منا جميعا وللكويت… احتفالاتنا لن تكون كاملة لنا اذا أزيل بيتنا… بيت لوذان، ندعو الجميع لإشعال شمعات لوذان عند غروب الشمس».
عريضة من 4000 شخص
العريضة التي قارب عدد الموقعين عليها من 4000 شخص جاء فيها: «سيتعرّض المبنى التاريخي بيت لوذان للهدم قريبا لتنفيذ مخطط بناء مركز تجاري مخصص للمطاعم والمقاهي».
وأضافت: «نتمنى من أصحاب القرار ومن مُلاك بيت لوذان الالتفات إلى قيمة بيت لوذان الثقافية والتاريخية كمنزل للأمير الراحل الشيخ صباح السالم الصباح قبل اتخاذ قرار الهدم، في جميع أنحاء العالم تتم صيانة والمحافظة على المباني التاريخية وتحويلها إلى مراكز معاصرة بدلا من هدمها وبناء مبانٍ جديدة».
الموقعون على العريضة ختموا بقولهم: «هذا نداء للجميع للمساعدة في إنقاذ جزء من ماضينا، نرجو التوقيع على هذه العريضة لإظهار الدعم الخاص».
«بيت لوذان» .. ملاذ الشباب
بيت لوذان في الكويت الحديثة منارة للفنون تسلح شبابها بأسباب الحضارة وتصقل مواهبهم بما يؤهلهم لخوض المنافسات الدولية.
وبيت لوذان الذي تأسس قرب السالمية في منزل الشيخ صباح السالم الصباح امير الكويت الثاني عشر رحمه الله هو مؤسسة غير ربحية تجمع تحت مظلتها الصغار والكبار من المبدعين.
ويعد البيت صرحا كبيرا ومهما في واقع الثقافة الكويتية، اذ يضم مختلف انواع التجارب الثقافية من رسم وموسيقى وتصوير فوتوغرافي وفن تشكيلي، ويسعى لتدريب الشباب والارتقاء بالفنون والحرف وابرز ابداع الفنان الكويتي.
ومما يدل على نجاح البيت ان دوراته لا تتوقف مثل دورة الرسم التي لم تتوقف منذ عام 1998 فلا تكاد تنتهي دورة حتى تبدأ الاخرى بسبب تزايد الاقبال عليها.
واصبح الطلاب والطالبات الذين تخرجوا في البيت اعضاء فاعلين في مجالاتهم وتمكن بعضهم من المشاركة الفعالة في منافسات محلية ودولية.
وبيت لوذان هو نموذج للبيت الكويتي القديم حيث يتكون من ثلاثة احواش. فالحوش الاول، هو حوش الديوان واصبح حوش المحترف الذي يتكون من ورش عمل تدرس فيها الحرف والفنون بكل اشكالها ويستطيع استخدام الورش كل من يرغب في الاستفادة منها. والحوش الثاني، حوش العائلة (الحرم) واصبح حوش الانشطة محاطا بالقاعات التي اخذت اسماء نباتات الكويت الصحراوية مثل نويرة، اثلة، صفصاف، سدرة، ثندة، حوذان، حيث تقام في هذا الحوش الانشطة الثقافية والتعليمية والحرفية والموسيقية والفنية وايضا تقام عروض لمنتجات من مختلف البلدان. والحوش الثالث، حوش المطبخ والذي خصص لمكاتب الادارة حاليا.