تمضي الحكومة في تطبيق توجيهات سمو الامير بعلاج اختلالات الميزانية ، وفي المقابل يريد النواب الحفاظ على مقاعدهم النيابية لذلك اي توجه حكومي برفع الدعوم يلقى معارضتهم، مما يوتر العلاقة بين السلطتين واستغل النواب وجهة نظر رئيس مجلس الامة بأن أسعار الكهرباء في المشروع الحكومي « مرتفعة جدا» وان المشروع «يمثل الحكومة وحدها»، أضافة إلى تصريح مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد التي استغربت من الحديث عن «وجود عجز في ميزانية الكويت»، ليوجهوا «صواعقهم» تجاه الحكومة ووزرائها الى حد المطالبة برحيل الحكومة والتهديد باستجواب وزير المالية.
حكوميا حاولت وزارة الكهرباء على لسان الوكيل المساعد للتخطيط والتدريب في وزارة الكهرباء والماء الدكتور مشعان العتيبي التهدئة من مخاوف المستهلكين من تطبيق تعرفة شرائح الاستهلاك التي أقرها مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة، متوقعا ألا تزيد قيمة فواتير المستهلكين الذين يسكنون شققا استثمارية بمساحة 100 متر مربع على 15 دينارا شهريا.
وقال العتيبي: ان مشروع مراقبة العدادات الذكية يظهر ان متوسط استهلاك الشقق الشهري في هذا الحجم يبلغ 1600 كيلوواط، أي ما تكلفته على المستهلك وفق التسعيرة الحالية نحو 3.5 دينار، أما وفق التعرفة الجديدة في حال اقرت فستكون 11 دينارا تقريبا، إذ ستحسب الألف كيلوواط الأولى وفق الشريحة الأولى بـ 5 فلوس للكيلوواط والـ 600 كيلوواط بـ 10 فلوس، وفق الشريحة الثانية».
وأوضح العتيبي ان الغالبية العظمى من الشقق الاستثمارية التي لا تتجاوز مساحتها الـ 100 متر مربع لا يزيد استهلاكها على الـ 2000 كيلوواط، وبالتالي فهي تقع في حدود الشريحة الثانية، أي أن فاتورتها لن تفوق وفق التعرفة الجديدة 15 دينارا شهريا.
اما النواب فاعتبروا أن المشروع الحكومي لزيادة أسعار خدمة الكهرباء والماء غير مقبولة وتناقض الوعود الحكومية لمجلس الأمة في عدم مساس نظام الشرائح المقترح بذوي الدخول المحدودة والمتوسطة منوهين إلى أن هذا المشروع الحكومي لن يلقى قبولا نيابيا حيث تزيد الاسعار فيه بصورة مبالغ فيها وتصل إلى أرقام فلكية.
من جهته، حذر النائب صالح عاشور المواطنين مما أسماه مسرحية شرائح الكهرباء والماء وبدائلها داعيا النواب إلى الوقوف وقفة جادة ضدها لأنها تمس جيب المواطن.
وطالب عاشور النواب بالوقوف وقفة جادة أمام ملف شرائح الكهرباء والماء الذى سيفرض على المواطنين والمقيمين واصفا إياه بأنه سيكون بمثابة كارثة لأنها تمس جيوبهم الخالية أصلا وسوف تؤثر على مصروفات أسرهم واحتياجاتهم.
وقال عاشور: «انتبهوا إلى مسرحية رفض هذه الشرائح والإتيان بغيرها وهو متفق عليه مسبقا وتفرض عليهم أعباء مالية جديدة لا يقدر عليها رب الأسرة لقلة دخله» داعيا الحكومة إلى أن تبدأ بأصحاب المجمعات التجارية والشركات والبنوك والأراضي الصناعية بالشرق والشويخ التى تحولت إلى معارض تجارية تدر عليهم الملايين.
وأضاف: «لتفرض الحكومة رسوما على أرباح الشركات في البورصة ولتحول أرباح هيئة الاستثمار وصندوق التنمية لدعم ميزانية الدولة بدلا من صرفها على الخارج، قائلا إن علينا كنواب ممثلين للمواطنين أن نحمي جيب المواطن البسيط المثقل بالديون والأعباء المالية من أن يمس تحت أي ذريعة فالبدائل كثيرة أمام الحكومة».
وختم عاشور تصريحه قائلا: «أقول لإخوانى أعضاء المجلس إن المواطنين يراقبون مواقفنا بكل دقة ووضوح وسوف يكون لهم موقف واضح في الانتخابات المقبلة فلنكن عونا لهم».
وفي هذا السياق دعا النائب د.عبدالله الطريجي وزير المالية أنس الصالح إلى ضبط تصريحاته «التي ادعى فيها وجود عجز في ميزانية الدولة وكانت محل سخرية رئيسة صندوق النقذ الدولي كريستين لاغارد» على حد قوله، متسائلا.. هل تريد الحكومة الترويج لتحميل المواطن كلفة الإصلاح الاقتصادي بمثل هذه التصريحات؟.
وأضاف: إن متانة الوضع المالي الكويتي وضخامة إيرادات الاستثمار وحجم الاحتياطي العام يجعلان دولة الكويت في مأمن من أي عجز حقيقي، ولن نحتاج إلى الاقتراض أو بيع السندات كما يروج لذلك وزير المالية بين الفينة والأخرى.
بينما اعتبر النائب د عودة الرويعي أن ملف الدعوم ومعالجة الوضع الاقتصادي قد يقود الوزير الصالح إلى منصة الاستجواب.
وأضاف: إن على الصالح الإصلاح أو ترك المنصب الوزاري لغيره»، مشيرا إلى أن الحكومة فشلت في إقناع النواب بجديتها وقدرتها على تحقيق الإصلاح المنشود، كما أن استنادها إلى تقرير وكالة «موديز» ليس منطقيا.
وبدوره، استغرب النائب سعود الحريجي المشروع الحكومي بشأن شرائح الماء والكهرباء الذي أحيل أخيرا إلى مجلس الأمة، معتبرا أن هذا المشروع يتعارض بشكل واضح مع وعود الحكومة بعدم المساس بذوي الدخول المحدودة والمتوسطة.
وأوضح الحريجي: «ان الدراسات تؤكد بأن معدلات الاستهلاك الطبيعي للكهرباء وفق الحد الأدنى تبلغ حوالي 6 آلاف كيلو واط شهريا، وأن متوسط الاستهلاك 9 آلاف كيلو واط، مشيرا إلى أن التعرفة التي حددتها الحكومة لتلك الشرائح هي ما بين 8: 10 فلوس».
وأضاف: «أن هذه التعرفة تعني ارتفاع تسعيرة الكهرباء على أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة بنسب قد تصل إلى أكثر من 225 في المائة، وبالتالي فإن المشروع المطروح صوب تجاه جيوب المواطنين دون مراعاة لتبعات ذلك على أوضاعهم الحياتية».
وأكد الحريجي رفضه لهذه التصورات التي تتنافى مع الأهداف المعلنة من أن المطلوب هو الترشيد وليس جباية الأموال، مشددا على ان النواب سيكون لهم موقف من هكذا تصورات لا تنسجم مع رؤى الإصلاح الاقتصادي حيث ان الإصلاح لا يكون على حساب المواطنين.
وقال الحريجي ان مساعي الترشيد وإن كانت مقبولة نظريا فإنه لا يمكن تغافل طبيعة أجواء الكويت التي تفرض استهلاكا متزايدا للكهرباء والماء سواء لجهة طبيعة الطقس أو لجهة ما اعتاد عليه الكويتيون.
كما انتقد النائب كامل العوضي ما تم الإعلان عنه من قبل وزير الكهرباء والماء السيد احمد الجسار بخصوص زيادة تعرفة الكهرباء والماء والتي ستصل إلى أربعة أضعاف سعرها الحالي، مؤكدا بأن هذا الرقم مبالغ فيه بصورة خيالية ولا يراعي ظروف المواطنين، إضافة إلى أنه سيحمل الكثير من التداعيات السلبية مثل ارتفاع أسعار الإيجارات وزيادة في اسعار السلع الاساسية من دون شك.
وأكد العوضي في تصريح صحافي بأن هذا التصريح يتنافى مع ما تم إعلانه مسبقا من اللجوء إلى سياسة الترشيد في الاستهلاك، كما انه يتعارض مع ما تم التصريح به من أن الإصلاحات الاقتصادية لن تمس جيب المواطن كما وجه سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد بخصوص عدم المساس بالمواطن في أي إجراء إصلاحي وخاصة فئة محدودي الدخل، مؤكدا بأن الحكومة لا ترغب في أن تكلف نفسها عناء البحث عن أي إصلاحات اقتصادية مبتكرة من أجل الخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية والتي تضرب العالم كله، بل إنها تلجأ إلى الحلول التقليدية العقيمة وغير المدروسة على المدى القريب أو البعيد والتي تتمثل في زيادة الأسعار على المواطن بأي شكل وبأي طريقة.
وأعرب العوضي عن استغرابه من التضارب في تصريحات وزير الكهرباء وفي تصرفاته، متسائلا: كيف يتم الاتفاق بين الحكومة ومجلس الأمة واللجنة المالية والاقتصادية بمجلس الوزراء على أن يتم تكليف اللجنة المالية بمجلس الأمة بعقد اللجان المكثفة من أجل تقديم اقتراحات بالإصلاحات الاقتصادية للعبور من هذه الأزمة ثم يتم الإعلان المنفرد من وزير الكهرباء والماء عن نية الحكومة زيادة تعرفة الكهرباء أربعة أضعاف دون حتى الانتظار لمناقشة اقتراحات اللجنة المالية!!
وبين العوضي بأن الحكومة تختار الطرق الصعبة والوعرة على المواطن على الرغم من وجود الطرق الاسهل نصب عينها، مبينا بأن الحكومة كان يمكن أن تلجأ إلى الزيادة التصاعدية في الأسعار بحيث لا تمس الزيادة أصحاب الشرائح المقبولة وبالتالي يتم الترشيد وتحصل الحكومة على مبتغاها في الزيادة ولا يتأثر المواطن العادي بذلك.