لم يكن مستغربا أن تشارك الكويت بريطانيا احتفاءها بعيد ميلاد الملكة إليزابيث الثانية التسعين، فبين الكويت والمملكة المتحدة علاقات تاريخية عريقة ومتميزة تجاوزت القرن، مما يدفع الكويتيين إلى مشاركة البريطانيين، أفراحهم ومناسباتهم السعيدة، مدركين وهم يفعلون ذلك بأنهم إنما يردون الدين لشعب كانت ولاتزال العلاقات معه نموذجا للاحترام والمودة، وللوفاء بالعهود والمواثيق.
فمنذ أن أسس المغفور له الشيخ مبارك الصباح حاكم الكويت آنذاك لهذه العلاقات، ووضع لها أركانها وأسسها الأولى، عندما استشعر وقتها حجم الأطماع الخارجية التي تهدد الكويت، فعقد معاهدة حماية مع بريطانيا في عام 1899، وهذه العلاقات تمضي في خطها الصاعد، والذي لم يعرف التراجع أو النكوص يوما، حتى بعد أن حصلت الكويت على استقلالها، لم يحل ذلك دون استمرار الرابطة القوية بين الكويت وبريطانيا.. ولاننسى دور بريطانيا في مواقف عديدة بدفاعها عن الكويت، كما حدث في عام 1961 عندما هدد الرئيس العراقي آنذاك عبد الكريم قاسم الكويت، فأرسلت بريطانيا قوات للدفاع عن الكويت، وأعلنت أنها لن تغادر إلا بناء على طلب من الحكومة الكويتية، وما استتبع موقفا عربيا أدان التهديدات العراقية، وتقرر قبول عضوية الكويت في جامعة الدول العربية والأمم المتحدة.
ومن المؤكد أيضا أن الموقف البطولي الذي لا يقل عن هذا قوة ووفاء، وسيتذكره جيل بعد جيل، عندما غزت جحافل صدام حسين الكويت ودنست ترابه في عام 1990.. وقتها كان الموقف البريطاني هو الأشد قوة والأكثر إصرارا على طرد المحتل وتحرير تراب الكويت.
والمتأمل في هذه العلاقات التاريخية يلمس أن بريطانيا ومنذ عشرات السنين لا تزال هي الوجهة الأولى للكويتيين، الذين يقصدونها للسياحة أو التعليم أو التجارة والاستثمار أو للعلاج.. وعندما تسير في شوارع بريطانيا صيفا، كأنك سائرا في أحد شوارع الكويت.
يبقى أنه إذا كانت بريطانيا هي أم الديموقراطية والحريات في العالم، فإن الكويت هي منارة الديموقراطية والحرية في الخليج والمنطقة العربية، تماما كما أن الكويت تبدو في منطقتها مصدر إشعاع للثقافة والفن والاستنارة في كل مجال، وهذا ما يسهم بدوره في المزيد من التقارب بين الشعبين الكويتي والبريطاني.
مع تمنياتنا لجلالة الملكة إليزابيث الثانية بدوام الصحة والعافية والعمر المديد وكل عام وجلالة الملكة بخير.