بعد ردة الفعل الغاضبة من المقترح الحكومي بمنح المواطن 75 لتر بنزين، لوح غير نائب بتقديم استجوابات منهم استجوابان على الأقل للوزير الصالح، وقال النائب صالح عاشور بأن الكل يشعر اليوم بصعوبة الوضع المعيشي للمواطن الكويتي نتيجة القرارات التي اتخذتها الحكومة بشأن الكهرباء والبنزين والقرارات التي سوف تتخذها كذلك بالمستقبل والمتعلقة بخصخصة جهات مهمة بالدولة والتي ستؤثر بلا شك على الوضع الاقتصادي للدولة والمواطن.
وأضاف عاشور بأن هذه الخطوات اتجهت لها الحكومة للأسف نتيجة موافقة بعض أعضاء مجلس الأمة على وثيقة الإصلاح الاقتصادي والتي ضمت هذه القضايا، مبينا بأن على الجميع أن يعلم بأن هناك المزيد من الخطوات الحكومية بهذا الشأن تحت مسمى إصلاح المسار الاقتصادي والتي في النهاية يدفع ثمنها المواطن العادي.
وأكد عاشور على أنه في مثل هذا الظروف لا يمكن أن نقبل باستمرار هذا الوضع الضاغط على المواطن وبالتالي نحمل الحكومة بشكل عام ووزير المالية بشكل خاص هذه المسؤولية ولن نقبل كذلك بالحلول الترقيعية في مشكلة زيادة أسعار البنزين مثل القرار المهين بحق الشعب الكويتي بتعويضه سبعة دنانير في الوقت الذي ما زالت فيه الحكومة تستنزف ميزانية الدولة في توزيع الهبات والمنح يمينا وشمالا بعيدا عن رقابة مجلس الأمة.
وختم عاشور تصريحه بالقول بأن جميع الخيارات الدستورية متاحة أمامه لإصلاح هذا الخلل وحفاظا على حقوق المواطن ومكتسباته التي أقرّها له الدستور.
استجواب ثلاثي
بدورهم اكد النواب مطيع والخميس والطريجي تقديم استجواب لوزير المالية بسبب قرار زيادة أسعار البنزين، مشددين على أنه جاء بناء على قناعة تامة.
وأكد النواب أن استجوابهم نائب رئيس الوزراء وزير المالية وزير النفط بالوكالة أنس الصالح يأتي بناء على قناعة تامة باستحقاقه هذه المساءلة.
وقال مطيع: صبرنا على الحكومة ونفد صبرنا، قررنا استجواب وزير المالية، وقريبا سنحدد الموعد والمحاور، مضيفا: لو تراجعت الحكومة عن قرارها وعادت إلى صوابها وإلى الحق فتلك فضيلة.
من جانبه، أكد النائب علي الخميس أنه وزميليه الطريجي ومطيع سيشكلون كتلة لمعالجة تداعيات تعاطي الحكومة مع ملف البنزين والاصلاحات المالية، ولن نقبل بهذا القرار ومس جيب المواطن، لذلك قررنا استجواب الصالح.
واشار الخميس الى ان هناك مواطن هدر كثيرة في المصروفات العامة لم تعالج، مبينا ان القرار الذي جاءت به السلطة التنفيذية كان مخيبا للامال رغم كثير من التحذيرات التي اطلقها النواب في مطالبة الحكومة بمعالجة هذا الملف، داعيا الحكومة إلى التراجع عن هذا القرار الذي اوقعت فيه نفسها.
بدوره، وصف النائب الدكتور عبدالله الطريجي قرارات الإصلاح الحكومية بالعشوائية، مؤكدا أن قراره وزميليه النائبين علي الخميس وأحمد مطيع استجواب وزير المالية أنس الصالح جاء عن قناعة تامة باستحقاقه هذه المساءلة، كي يتحمل الصالح تبعات هذه القرارات.
وأضاف أن قرار رفع سعر البنزين صدر في يوم مشؤوم في ذكرى الغزو العراقي الغاشم لبلدنا، وخلال العطلة البرلمانية، مخالفة تعهدها الذي أطلقته خلال اجتماع تشاوري عقد في مجلس الأمة بإصدار القرار مطلع دور الانعقاد بعد التنسيق مع المجلس.
وتابع أن الرئيس مرزوق الغانم دعا إلى اجتماع تشاوري آخر الاربعاء «وكنا نتوقع أن نستمع من الحكومة إلى ما يتناسب ومطالب النواب، لكن فوجئنا بأن ما قدمه الوزير الصالح لا يلبي الطموح، كما فوجئنا بأن الشريحة المستهدفة من الدعم – رغم محدوديته ـ هي مستخدمو البنزين الممتاز فقط».
وأوضح الطريجي ان حديث الوزير الصالح عن مستقبل الإصلاح المالي والاقتصادي في الكويت تمحور حول إجراءات من شأنها التضييق على المواطنين، حيث اقتصر الإصلاح على أبسط وأسرع الطرق وهو المواطن، مضيفا: إذا كنا تصدينا للحكومة في رفع أسعار الكهرباء على السكن الخاص من خلال تعديل القانون المقدم للمجلس في هذا الشأن، فإن الحكومة استخدمت صلاحياتها برفع سعر البنزين من خلال قرار لكنها خالفت تعهداتها وحان وقت المحاسبة لوزير المالية ليتحمل تبعات قراراته.
وأصدر النواب الثلاثة بيانا مشتركا جاء فيه ما يلي: تابعنا خلال الفترة الماضية التداعيات الناجمة عن تفرد الحكومة بإصدار قرار برفع سعر البنزين والذي فاجأنا من حيث التوقيت وآلية التطبيق التي تختلف عما اتفق عليه النواب مع الحكومة وبدا من خلال هذا القرار المتسرع أن يد الإصلاح المالي والاقتصادي الحكومية تتجه إلى المواطن الذي يئن أساسا من إخفاق الحكومة في ضبط الأسعار ومحاسبة المسؤولين عن أوجه الهدر والفساد في مختلف القطاعات.
ورغم كل التداعيات السلبية التي صاحبت هذا القرار فإننا تدرجنا في محاولة ثني الحكومة عن الاستمرار بهذا القرار أو على الأقل استثناء المواطنين منه، فأصدرنا تصريحات صحافية ووجهنا تساؤلات إلى الحكومة عن مبررات القرار وما تتجه الحكومة إليه في الفترة المقبلة، وانتظرنا موقفا ايجابيا من الحكومة بلا جدوى، ثم جاءت فكرة الدعوة إلى جلسة طارئة لمناقشة هذا الملف ولم نسمع موقفا ايجابيا من الحكومة منها، ولم تعقد الجلسة الطارئة، وجاء مقترح رئيس مجلس الامة الأخ مرزوق الغانم بدعوة الحكومة والنواب إلى اجتماع تشاوري في مكتب المجلس وعقد هذا الاجتماع بالفعل وكنا نتوقع أن نسمع من الحكومة مقترحات متوائمة مع مطالب النواب، خصوصا أنها أخذت الوقت الكافي منذ إصدارها القرار المستعجل لتقييم ومتابعة الدعوات النيابية التي تمثل غضب الشعب الذي تفاجأ من توجيه الحكومة خططها الإصلاحية إلى جيب المواطن، إلا أنه للأسف الشديد أتت حلول الحكومة دون الطموح بكثير، فقطعت الحكومة بذلك آخر فرصة للتعاون معها، ومع اننا توقعنا من الحكومة مثل هذا الموقف لكننا ارتأينا منحها الفرصة الكافية لعل وعسى أن نسمع منها شيئا ايجابيا وحتى لا يقال عن النواب أنهم يستهدفون الحكومة لأمور شخصية أو تكسبات انتخابية، فقد منحنا الحكومة كل الوقت لتتراجع عن قرار رفع سعر البنزين او تقدم دعما مناسبا للمواطنين لكنها لم تفعل.
وإذا كان قرار البنزين السبب المباشر لهذه الغضبة النيابية على الحكومة، إلا أن من المهم جدا الإشارة إلى أن أسلوب تعاطي الحكومة مع هذا الملف يثير قلقنا ومخاوفنا من خطوات حكومية أخرى تستهدف المواطن، وحتى نقطع الطريق أمام أي محاولة لاستهداف المواطن البسيط من أي قرارات تسميها الحكومة إصلاحية، ولذلك ارتأينا أن الواجب يحتم علينا توجيه استجواب إلى وزير المالية وزير النفط بالوكالة حتى يتحمل مسؤولياته كاملة أمام الأمة وممثلي الشعب الكويتي والذي لن نقف متفرجين على ما يصيبه من ضرر بسبب اجراءات الحكومة.
استجواب الكندري
وكان النائب فيصل الكندري قد أكد أن استجوابه لنائب رئيس الوزراء وزير المالية وزير النفط بالوكالة أنس الصالح قائم «وسأقدمه في الموعد الذي أعلنته سابقا وهو 18 أكتوبر الجاري»، مشددا على أنه لن يقبل المساس بمكتسبات الشعب خصوصا بعد نتائج اجتماع السلطتين بشأن زيادة أسعار البنزين الذي عقد أمس الأول وجاء «مجحفا، وغير منصف وغير مقبول، ونتج عنه ما يسمى (75 لترا)، وكان يوما كبيسا بالنسبة إلي».
وقال الكندري: لو رجعنا إلى التسلسل في قضية زيادة أسعار البنزين فإن الحكومة هي التي تفردت بالقرار واعلنت عن الزيادة اول اغسطس، ونفذت قرارها مطلع سبتمبر الماضي في العطلة البرلمانية، لافتا الى أن «الحكومة كانت تظن أن المجلس سيسكت، ولكننا نعلنها صراحة: لن نقبل ان يمس جيب المواطن، واستجوابنا جاهز للتسليم، وعلى الوزير الصالح أن يتحمل مسؤولياته لانه من أصدر قرار الزيادة».
وذكر الكندري «أنني وقعت طلب عقد جلسة طارئة رغبة في ايجاد حل ولكن الجلسة لم تعقد حتى جاء اجتماع السلطتين المجحف، وعموما لسنا في صدام مع الحكومة، ولكنها إن ارادت ذلك فلا مانع لدينا»؟
وطالب الكندري الحكومة بتطبيق الزكاة لدورها في بناء الدولة، داعيا الحكومة إلى تقديم رؤية لتنويع مصادر الدخل، «ولو كانت الحكومة بحاجة إلى من يعلمها آلية وضع الخطط والرؤى فنحن مستعدون ولدينا خبرة في هذا المجال بدلا من رؤيتها القصيرة لدرجة أن جيب المواطن أصبح أولوياتها».
موقف الصالح
في المقابل لا يزال نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية وزير النفط بالوكالة أنس الصالح على موقفه في تطبيق وثيقة الإصلاح حيث يؤكد ان وثيقة الاجراءات الداعمة لمسار الإصلاح المالي والاقتصادي في المدى القصير باتت نافذة الفعل منذ أن صادق عليها مجلس الوزراء، فضلا عن حصولها على دعم كامل من القيادة السياسية.
ورحب الصالح بالاستجواب على خلفية قرار الحكومة ترشيد دعم أسعار البنزين.
وأوضح الصالح في أنه يرحب بالاستجواب لسببين، الأول أن الاستجواب الدستوري هو أداة كفلها الدستور لعضو مجلس الأمة لتحقيق الرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة، والثاني هو أن جلسة الاستجواب ستكون مناسبة طيبة لتوضيح ما قامت به الحكومة من إجراءات لتنفيذ وثيقة الإصلاح المالي والاقتصادي في جوانب التنمية الاقتصادية كافة، وليس فقط ما يتعلق بترشيد الإنفاق وتنمية الإيرادات.
وبيّن الصالح أن «مثل هذه القرارات تصب في مصلحة البلاد والمواطنين على المديين المتوسط والبعيد، رغم أنها قد توصف في الوقت الحاضر بأنها غير شعبية»، لاسيما وأنها مبنية على دراسات وتوصيات المؤسسات الاقتصادية والمالية المحلية والدولية كافة.
وتابع الوزير الصالح أن الحكومة ومن منطلق التعاون بين السلطتين عاكفة على دراسة مقترح اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس الأمة، الذي تسلمته في اجتماع السلطتين الأخير.