• نوفمبر 23, 2024 - 10:48 صباحًا

د.محمد الهاشل: النظام الاقتصادي الإسلامي يستحق اهتماما أكبر

أفاد محافظ بنك الكويت المركزي د.محمد الهاشل ان المبالغ الضرورية لتحقيق التقدم المطلوب حيال اهداف «التنمية المستدامة» تتراوح ما بين 3٫5 و5 تريليونات دولار سنويا، مشيرا إلى اهمية هذه الارقام عند مقارنتها بقيمة اجمالي صناديق الثروة العالمية مجتمعة والتي تبلغ 7٫4 تريليون دولار اميركي.
وقال خلال مشاركته في القمة العالمية للاقتصاد الاسلامي في دبي: وحتى لو تم تخصيص هذا المبلغ بأكمله لتمويل «أهداف التنمية المستدامة»، فإنه بالكاد يلبي احتياجات التمويل لمدة عامين. وبالنظر إلى إمكانية توفير الأموال من خلال الوسائل والأطر المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية ـ على الرغم من نموها اللافت خلال الأعوام القليلة الماضية ـ فإنها تمثل مجتمعة، حتى بعد إدراج سوق الصكوك، ما يزيد قليلا عن 2 تريليون دولار. ولا شك أن تلك الأرقام وهذا الواقع يؤكدان على اتساع الفجوة بين التمويل المتاح والتمويل المطلوب لتحقيق «أهداف التنمية المستدامة».
وأضاف قائلا: أما الجانب الثاني والأكثر أهمية في التمويل فهو ذو طبيعة نوعية إذ أنه وبغض النظر عن مقدار التمويل المتاح على الصعيد العالمي، فإن جزءا كبيرا منه لا يمكن توجيهه على الفور وبسهولة «لأهداف التنمية المستدامة»، وذلك نظرا لطبيعة «الصالح العالم» التي تميز هذه الأهداف. وحيث أن معظم «أهداف التنمية المستدامة» ترمي إلى تحقيق تقدم مستدام في النواحي الاجتماعية، الاقتصادية، والبيئية في مجتمعاتنا، فإن تلك المشاريع قد لا تكون مجدية ومربحة في مراحلها الأولى بالقدر الكافي لجذب التمويل من القطاع الخاص.
وعلاوة على ذلك؛ فإن المجتمعات التي تحتاج إلى هكذا نوع من الاستثمارات قد تكون الأكثر فقرا وغير قادرة على الاستدانة بسعر السوق، وكذلك الحال بالنسبة للدول الأقل نموا أو ذات الدخل المنخفض فإن دخولها إلى الأسواق العالمية لجمع الأموال يظل تحديا كبيرا بسبب ضعف جدارتها الائتمانية.
وقال: إن الدور الذي ينبغي أن تضطلع به حكومات الدول في المساعدة لتوفير التمويل المطلوب، على الأقل في مراحله الأولى، يعتبر دورا حيويا وهاما للتحفيز على حشد الاستثمارات من قبل القطاع الخاص. إلا أن ضيق الحيز المالي المتاح لمعظم الحكومات ومحدوديته لا يترك لها مجالا واسعا للمناورة وذلك في ضوء جمود المصاريف في موازناتها من جهة، وفي ضوء غياب الإصلاحات الهيكلية المصاحبة من جهة أخرى.
وتابع بالقول: إن دور النظام الاقتصادي الإسلامي يستحق منا جميعا اهتماما أكبر ومداولات أكثر جدية، أخذا في الاعتبار ما ينطوي عليه من اهتمام حقيقي بشأن أحوال ورفاهية الناس وعلى مستقبل كوكب الأرض على حدٍ سواء.
وتساءل الهاشل: هل التمويل حقا هو العقبة في ظل وجود سيولة عالمية عالية متاحة؟ فبعد سنوات كثيرة من السياسات النقدية التوسعية من قِبل البنوك المركزية الكبرى حول العالم، وبلوغ العائد على السندات مستويات منخفضة تاريخيا، دفع ذلك بالمستثمرين العالميين إلى البحث عن عوائد مجدية ولكن دون جدوى. علما بأن إجمالي أصول أكبر ألف مصرف عالمي تبلغ نحو 115 تريليون دولار أميركي، ومعظمها يواجه تحديا كبيرا يتمثل في تراجع هوامش أرباحها وسط أسعار فائدة قريبة من الصفر إن لم تكن سالبة. وبالتالي، فإن النظر في حجم التمويل المتاح عالميا، يُصوِرُ للبعض بأن التمويل لا يشكل بالضرورة شرطا ملزما لتحقيق «أهدف التنمية المستدامة»، لكن الواقع مختلف تماما؛ إذ ان إيجاد التمويل الكافي «لأهداف التنمية المستدامة» لا يزال يشكل تحديا مهما.
وأشار الهاشل في كلمته إلى ان المبادئ الأساسية للنظام الاقتصادي الإسلامي تتوافق مع العديد من «أهداف التنمية المستدامة». فعلى سبيل المثال إن مبدأ المشاركة في التمويل الإسلامي، المبني على تقاسم الأرباح والخسائر، يمكن أن يساعد في معالجة الظلم والغبن والحد من اللامساواة وتقليص الفوارق، وهو ما جاء ضمن الهدف العاشر في وثيقة «أهداف التنمية المستدامة» (SDG-10) بشأن تقليص اللامساواة. وعلى غرار ذلك، فإن الحظر الإسلامي للأنشطة الضارة إنما يهدف إلى تعزيز السلام في المجتمعات، وهو ما يتطابق مع البنود الأساسية للهدف السادس عشر في «وثيقة التنمية المستدامة» (SDG-16) حول إيجاد مجتمعات مسالمة وشاملة لتحقيق التنمية المستدامة، وضمان تحقيق العدالة إلى الجميع وبناء مؤسسات فعالة ومسؤولة على جميع المستويات.
ودعا الهاشل للجوء إلى الأدوات المالية الإسلامية مثل الصكوك في تعبئة الموارد اللازمة لتمويل مشاريع المياه والصرف الصحي (الهدف السادس (SDG-6)، والطاقة المستدامة بأسعار معقولة (الهدف السابع SDG-7)، وبناء البنية التحتية المرنة (الهدف التاسع SDG-9)، وتوفير المأوى (الهدف الحادي عشر SDG-11). إضافة لذلك، فإن تركيز التمويل الإسلامي على النشاط الاقتصادي الحقيقي يمكن أن يساعد في تعزيز النمو وخلق فرص عمل، وهو ما يتجانس مع «الهدف الثامن» (SDG-8).
وختم الهاشل بالقول: إن برامج العمل الخيري الإسلامي أو أدوات إعادة توزيع الثروات مثل الزكاة، والصدقة، والأوقاف، يمكن أن تلعب دورا هاما وحيويا في التخفيف من حدة الفقر (هدف التنمية المستدامة الأول SDG-1)، القضاء على الجوع (هدف التنمية المستدامة الثاني (SDG-2)، تحسين الصحة (هدف التنمية المستدامة الثالث (SDG-3)، والحد من عدم المساواة (هدف التنمية المستدامة العاشر (SDG-10). وباعتراف الجميع، فإن ذلك يتطلب نقلة نوعية في طريقة تفكيرنا وفي أهمية وضع مجموعة علاجات لتلك الأدوات ليس فقط كجزء من طقوس دينية نمارسها، ولكن باعتبارها أداة ستراتيجية للتنمية المستدامة. وعلاوة على ذلك، سوف تحتاج الحكومات إلى كسب ثقة الجمهور وتعزيز قدرتها على جمع الأموال بكفاءة وإعادة توزيعها بفعالية، ليس فقط لدعم الاستهلاك على المدى القصير، إنما من أجل بناء القدرات على المدى الطويل ذات التأثير الدائم على مجتمعاتنا.

Read Previous

الجراح: «المركزي» يقود القطاع المصرفي إلى بر الأمان

Read Next

انطلاق الأسبوع الكويتي التاسع في مصر من 7 إلى 9 نوفمبر المقبل

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x