قال الرئيس التنفيذي لشركة نفط الكويت جمال جعفر، أنه على الرغم من أن هبوط الأسعار يشكل هاجسا لدى الدولة والمواطنين إلا أن أسعار النفط بطبيعة الحال، لها دوراتها في الارتفاع والانخفاض، وتعاود الارتفاع بعد كل فترة ركود.
واستغرب جعفر، بحسب الراي، من عدم الشفافية ممن يتناولون أخبارا غير صحيحة، ويتجاهلون الأرقام الرسمية المعتمدة للكويت، بعدم هبوط الإنتاج الفعلي من النفط منذ عام 2016 عن مستوى 2.9 مليون برميل يوميا، في حين بلغ في أشهر عديدة نحو 3 ملايين برميل يوميا.
وأوضح جعفر أن الاستراتيجية المعتمدة تنص على أن الطاقة الإنتاجية المستهدفة تبلغ 3.150 مليون برميل يوميا في 2017 وليس 3.5 مليون برميل يوميا، مضيفا أن نصيبا كبيرا من المشاريع الرأسمالية تتماشى ضمن الخطة الخمسية للشركة، وستظهر آثارها مستقبلا، مثل مشروع النفط الثقيل ومشاريع الاستكشاف لمواكبة الأهداف المرحلية للإنتاج.
وفي ما يلي نص مقابلة مع الرئيس التنفيذي لشركة نفط الكويت جمال جعفر:
] ما الهدف من الآليات الثقيلة التابعة لنفط الكويت التي تجوب الشوارع ليلا نهارا؟
ـ لقد وردتني اتصالات كثيرة من المهتمين والمتابعين، مستفسرة عن هذه الآليات التي تجوب شوارع العاصمة روحة وجيئة، ونشير في هذا الصدد إلى أنها باختصار تتولى مشروع المسح الزلزالي في منطقتي جون الكويت والعاصمة، والذي يهدف إلى تحديث بيانات الشركة فيما يخص الطبقات الأرضية والتي تصب في النهاية في مساعيها لزيادة المخزون النفطي للبلاد.
ونحن نعتذر لأهالينا إن كانت هذه الآليات قد تسببت بالإزعاج لهم، غير أن الهدف من هذا المشروع يخدم مصلحة البلاد العليا، ونأمل بعد الانتهاء من جمع البيانات الخاصة به وتحليلها، أن يحقق الغايات المرجوة منه.
ونؤكد هنا أن الشركة عملت خلال الأسابيع الماضية التي سبقت هذا المشروع، على التعريف به، حتى لا يشكل عنصر مفاجأة للمواطنين والمقيمين، من خلال الحملة الإعلامية «دراية» والتي تمتد حتى مارس 2017، والتي تتضمن برامج متنوعة في توعية المواطنين والمقيمين من خلال استعراض هذا المشروع بأهدافه ومراحله ونطاق عمله في مختلف وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية.
ونقوم بالحملة أيضا في وسائل التواصل الاجتماعي، ونعقد جولات تعريفية في الأسواق الكبرى في البلاد، ومن ضمنها وضع مجسمات للآليات المستخدمة للمسح الزلزالي أمام الجمهور.
] هل يؤثر انخفاض أسعار النفط على خطط الشركة لرفع إنتاجها؟
ـ نحن ندرك أن هبوط الأسعار يشكل هاجسا لدى الدولة والمواطنين، لما له من آثار سلبية على الميزانية العامة، غير أننا قد تدارسنا مسألة المضي في المشاريع مع مؤسسة البترول الكويتية، وخلصنا إلى أنه من الضرورة أن نستمر فيها، والسير على خطى الاستراتيجية لبلوغ الطاقة الإنتاجية.
فأسعار النفط بطبيعة الحال، لها دوراتها في الارتفاع والانخفاض، وتخضع للتقلبات نتيجة العرض والطلب في الأسواق العالمية، وقد شاهدنا كيف أن الأسعار تعاود الارتفاع بعد كل فترة ركود كما حدث في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي وفي عام 2008 وما نشهده اليوم، وبالتالي يجب ألا تكون خطط الشركة الاستراتيجية رهنا لهذه الأحداث.
] إلى أين وصلت «نفط الكويت» في تطبيق استراتيجيتها الجديدة؟
ـ إن الفضل في بلوغ الشركة طاقتها الإنتاجية التي تتجاوز 3 ملايين برميل يوميا حاليا، يعزى إلى الجهود التي بذلها رجالنا ونساءنا في الشركة من عاملين ومقاولين، والدعم المطلق من قبل مؤسسة البترول الكويتية، بحيث امتدت هذه الجهود إلى ما يزيد عن 20 عاما.
ولنأخذ مثالا ليدلل على صحة ما ذهبنا إليه، فقد تعدت الطاقة الإنتاجية عام 2000 المليوني برميل، لتصل إلى 2.3 مليون برميل يوميا عام 2006، ثم إلى أكثر من 3 ملايين برميل يوميا اليوم.
ومن هنا، فإن ما نراه اليوم من إنجاز عظيم هو نتاج عمل وجهد كبيرين، لم يقتصرا على توسعة طاقة المنشآت النفطية وحسب، بل طالت المكامن النفطية والقدرات التصديرية، وهذا ما يفسر كبر حجم المشاريع النفطية التي تتداولها وسائل الإعلام بين فترة وأخرى.
فضلا عن ذلك، هناك تكاليف نعزوها للمحافظة على الإنتاج، بالإضافة الى التكاليف الخاصة بتنمية الطاقة الإنتاجية.
] ما ردكم على الأحاديث بأن أرقام الإنتاج المعلنة لا تعكس الواقع؟
ـ هناك التباس كبير في مفهومي الطاقة الإنتاجية والانتاج الفعلي، بحيث أن الأولى تفترض عند احتساب أرقام الإنتاج استبعاد أي غلق للمنشآت النفطية لأغراض الصيانة الدورية، أما الآخر فهو ما يتعلق بالإنتاج الفعلي، وقد بنيت الاستراتيجية على الاعتداد بالطاقة الإنتاجية، بحيث تعتبر ممارسة عالمية لدى الشركات النفطية الإقليمية والعالمية.
كما وأن الإنتاج الفعلي تحكمه عوامل أخرى، فـ «نفط الكويت» تلتزم بما تحدده مؤسسة البترول الكويتية من كميات للإنتاج، وبالتالي فإن الإنتاج الفعلي يعد معيارا يقاس به نجاح الاستراتيجية في ظل المتغيرات التي تطرأ عليه، نتيجة للصيانة الدورية للمنشآت النفطية، أو ما تحدده مؤسسة البترول وفقا لاحتياجات السوق العالمية.
من جهة أخرى، فنحن نرى أنه يتعين أولا أن نتعرف إلى كيفية استقاء أرقام الإنتاج من مصادرها الصحيحة ليتسنى التفسير بعدها.
ولنكن أكثر دقة في ذلك، تصدر منظمة «أوبك» تقريرا شهريا عن الإنتاج الفعلي للدول الأعضاء وهناك مصدران تشير إليهما المنظمة، الأول ويدعى «الاتصال الرسمي» والذي يستقي أرقام الإنتاج الفعلي من الدولة نفسها، والثاني يسمى بالمصادر الثانوية أو بمعنى آخر مصادر أخرى.
وتظهر التساؤلات هنا، حول أي المصادر يتعين علينا الاعتداد به، إذ أن الأرقام تختلف ما بين المصدرين، فوفقا للأرقام المعتمدة من الكويت لم يهبط الإنتاج الفعلي للدولة من النفط منذ عام 2016 عن مستوى 2.9 مليون برميل يوميا، بل وصل في أشهر عديدة إلى 3 ملايين برميل يوميا، أليس من باب أولى أن نشير إلى هذه الأرقام بمصادرها المختلفة بكل بشفافية.
مستويات الإنتاج
] كيف تنظرون إلى الشكوك في قدرة الشركة على تحقيق مستوى الإنتاج المستهدف عند 3.5 مليون برميل؟
ـ إجابتي هنا تتلخص في شقين، أولها فيما يتعلق بإنتاج 3.5 مليون برميل يوميا عام 2017 فقد جانب ذلك الصواب، بحيث تنص الاستراتيجية على أن تكون الطاقة الإنتاجية المستهدفة 3.150 مليون برميل يوميا، أما ثانيها فيخص مشاريعنا الضخمة فليس كل مشروع لدى الشركة معني بزيادة الطاقة الإنتاجية، وإنما يعمل جانب منها على الحفاظ على سلامة المكامن، فكما نحرص على رفع الطاقة الإنتاجية فإننا نسعى في الوقت نفسه لتأمين هذه المكامن من التأثر سلبا، والعمل على استدامة الإنتاج فيها باستخدامنا لأفضل الممارسات.
ونؤكد في هذا السياق، أن نصيبا كبيرا من تلك المشاريع الرأسمالية لا تظهر آثارها في الوقت الحاضر، إذ أنها تتماشى ضمن الخطة الخمسية للشركة، مثل مشروع النفط الثقيل ومشاريع الاستكشاف، إذ إن «نفط الكويت» ومن خلال خططها الخمسية تعمل على مواكبة الأهداف المرحلية للإنتاج.
] لماذا لا نرى أثرا مباشرا للاكتشافات النفطية الجديدة؟
ـ إن خطط الشركة الاستراتيجية بإضافة النفط الجديد أو المستكشف، تسير على ما يرام، ونحن نرى كافة المؤشرات الإيجابية التي تدل على تحقيق الرقم المستهدف بحلول عام 2020، ولكن يتوجب علينا في الوقت نفسه أن ندرك أنه هناك دورة مستندية يتعين أن تأخذ مداها لنقل هذا النفط من حالة الاستكشاف إلى حالة الإنتاج، وهو ما يطلق عليه بالصناعة النفطية بـ «E to P»، والتي تستغرق في المتوسط 12 عاما.
ومن هنا، تعمل الشركة حاليا وبالتعاون مع مؤسسة البترول الكويتية، على اختصار تلك الدورة المستندية قدر المستطاع.
] ما الاحتياجات المطلوبة لنجاح «نفط الكويت» في تنفيذ خططها؟
ـ لا بد من الإشادة في هذا الإطار بجهود سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك، ووزير النفط بالوكالة أنس الصالح اللذين لم يتوانيا عن تقديم كافة التسهيلات للشركة، وتسخير الموارد اللازمة لتمكينها من تحقيق استراتيجيتها.
غير أنه من الجدير بالذكر أن نشير إلى أن هناك تحديات كبيرة تواجه الشركة من جراء التوسع بنشاطها، فهي تحتضن مستشفى الأحمدي الذي يقدم خدماته الطبية لما يزيد عن 100 ألف مراجع سنويا، كما وتقوم بإدارة مدينة الأحمدي والعمل على تطويرها، وتعمل على إدارة شبكة نقل النفط والوقود في كافة أنحاء الكويت، كما تتولى إدارة موانئ التصدير.
فضلا عن ذلك فإن المتغيرات التي طرأت على طبيعة أعمال الشركة، كمثل التعامل مع كميات هائلة من المياه المصاحبة وزيادة نشاطها في الاستكشاف والتنقيب والحفر وصيانة الآبار وعمليات النفط الثقيل وإنتاج الغاز الحر، وتوسع نشاطها في الإنتاج الثانوي، كل ذلك بمجمله يشكل عبئا إداريا كبيرا يتطلب معه زيادة أعداد العاملين والمقاولين، ومراجعة الهيكل التنظيمي لها باستمرار، بما يتناسب وهذه التحديات.
] كيف تقيمون علاقاتكم مع الجهات الرقابية؟
ـ إن العلاقة بين «نفط الكويت» والجهات الرقابية في الدولة هي علاقة شراكة وليس علاقة ند لند على الإطلاق، وأثناء عملي لقرابة عام كرئيس تنفيذي للشركة ومن خلال تعاملي عن قرب مع ملاحظات تلك الأجهزة وعلى رأسها ديوان المحاسبة، فقد وجدتها أنها تخدم الصالح العام، إذ إن الأخير هو العين الثالثة التي نستشف عبرها الفرص لتحسين إجراءاتنا وممارساتنا.
كما حرصت الشركة على توفير كافة التسهيلات لفرق ديوان الحاسبة والتدقيق الداخلي، بحيث يتجلى ذلك بحصولنا على تقييم عال بين الشركات النفطية الزميلة العام الماضي، من خلال الاستبيان السنوي الذي يجريه ديوان المحاسبة في كل عام.