أكد خبراء اقتصاديون أن إدراج اليوان الصيني ضمن سلة العملات الدولية الأربع (الدولار، الين، اليورو، الجنيه الإسترليني)، سوف يكون له حل سحري لإنهاء أزمة الدولار نهائيا في مصر، حيث تبحث الصين مع المركزي المصري اعتماد اليوان كعملة تبادل تجاري بينهما مع الجنيه المصري بدلا من الدولار الأميركي، وذلك من خلال استخدام ترتيبات خاصة تسمح للطرفين باستخدام عملة كل دولة في تسوية المعاملات التجارية، في إطار نظام لمعدلات صرف بين العملتين، يتم تحديده بصورة مباشرة من دون استخدام عملة دولية وسيطة، كالدولار الأميركي.
ولفت الخبراء إلى أن الاستيراد من الصين باليوان سيخفض الطلب على الدولار، ويزيد المعروض منه في السوق، ومن ثم يتم بيعه، والتخلص منه من تجار السوق السوداء، ما يعزز خفض قيمته المالية، وهو ما يعمل على خفض الطلب على الاحتياطي الأجنبي الحالي، وتوفير الدولار لشراء سلع لشعب في حاجة إليها مثل الأدوية.
ويرتبط الجنيه المصري بالدولار الأميركي على مرّ التاريخ، ويبلغ سعر الدولار في البنك المركزي المصري نحو 8.85 جنيهات، فيما سجل في السوق السوداء نحو 13.55 جنيها خلال الأيام الماضية، ويبلغ حجم التبادل التجاري بين الصين ومصر نحو 11 مليار دولار.
حجم التبادل التجاري
تشير التقارير الاقتصادية الدولية إلى أن حجم المعروض النقدي من اليوان في العالم وصل إلى ما يزيد على 150 تريليون يوان، ما يعادل 200 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للصين، ونحو 22 من البنوك المركزية في العالم تحتفظ باليوان كعملة «احتياطي نقدي»، في حين بلغت حجم المبادلات بين الصين والاتحاد الأوروبي باليوان 400 مليار يوان.
كما إن التجارة الدولية للصين تحتل 11 في المائة من حجم التجارة العالمية، بإجمالي صادرات بلغت 4 تريليونات دولار سنويا، في حين يبلغ إجمالي الاحتياطي النقدي الأجنبي 3.5 تريليونات دولار (60 في المائة فقط من حجم الدولار).
كما تشير بيانات لوزارة الصناعة والتجارة الخارجية إلى أن العجز في الميزان التجاري بين مصر والصين يتسع بشكل مستمر، حيث إن صادرات مصر إلى الصين تقلّ سنويا، في الوقت الذي تزيد فيه الواردات المصرية من الصين، وبلغ حجم الصادرات المصرية إلى الصين في 2015 نحو 221 مليون دولار، مقارنة بـ 291 مليون دولار في عام 2014.
بينما زادت الواردات من الصين إلى نحو 8.589 مليارات دولار مقابل 6.688 مليارات دولار عن الأعوام نفسها. وجاء في صدارة الصادرات المصرية إلى الصين، قطاع مواد البناء بقيمة 106 ملايين دولار في عام 2015، ثم المنتجات الكيميائية والأسمدة 33 مليون دولار.
بينما جاءت السلع الهندسية والإلكترونيات على رأس المنتجات التي يتم استيرادها من الصين، بقيمة 3.3 مليارات دولار في عام 2014، ثم المنتجات الكيميائية والأسمدة، ومواد البناء، والملابس الجاهزة بنحو مليار دولار لكل منها.
خسائر أميركية
من جانبه يرى الدكتور أكرم بسطاوي، الخبير الاقتصادي، أن الاستيراد من الصين باليوان سوف يساعد كثيرا في خفض الطلب على الدولار، وتوفيره في الأسواق وداخل البنوك، وإحداث رواج للاحتياطي الأجنبي المصري المتوافر بالدولار حاليا.
وقال بسطاوي لـ«إيلاف»: «إن هناك عددا من الدول العربية، خصوصا الخليج، تبحث اعتماد اليوان الصيني كعملة تبادل تجاري بدلا من الدولار الأميركي، وهناك اتفاق تم بالفعل في هذا الشأن بين الصين والسعودية، وهو ما قد يؤدي في حالة اعتماد تلك الدول اليوان الصيني إلى وصول الدولار إلى أدنى انخفاض عالميا ،حيث يتوقع أن تصل الخسائر الأميركية من إدراج اليوان الصيني في التبادل التجاري بين الصين ودول الخليج إلى أكثر من 9 تريليونات دولار سنويا».
وحول الاستيراد باليوان الصيني، لتخفيف أزمة أرصدة الدولار في مصر، أكد بسطاوي أن نجاح هذا الأمر يتطلب من الحكومة اتخاذ إجراءات اقتصادية مهمة منها: ضبط ميزان المدفوعات، أي تعاملات مصر مع العالم الخارجي، بمعنى زيادة إيرادات مصر من العملات الأجنبية الرئيسة، ويتمثل ذلك في رفع إيرادات الصادرات المصرية لدول العالم والأسواق الكبرى، ورفع إيرادات قطاع السياحة وتحويلات العاملين في الخارج والاستثمار الأجنبي المباشر وإيرادات قناة السويس.
آثار إيجابية
في السياق عينه، قال الدكتور محمد عبد العال، أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر، إن «ضم اليوان الصيني ضمن سلة العملات المعتمدة في صندوق النقد الدولي سيكون له أثر إيجابي على الاقتصاد المصري، حيث سيؤدي إلى عدم ربط تعاملات مصر التجارية بعملة الدولار، بل سيدخل ضمنها اليوان، كما إن ربط الجنيه بالعملات «كاليوان، واليورو، والين» بدلا من الاعتماد فقط على الدولار ستكون له آثاره الإيجابية على استقرار العملة ورفع الاحتياطي الأجنبي داخل البنك المركزي المصري».
وأكد عبدالعال ﻟ «إيلاف»: أن «الحكومة الآن مطالبة برفع حجم التبادل التجاري مع الصين، ولا بد من وجود خدمات تصدر لهم حتى يكون هناك رصيد من اليوان داخل البنك المركزي، والاعتماد عليها بشكل كبير، بدلا من الدولار، وبالتالي فالأمر ليس بالسهل على الحكومة حاليا، كما يظن الجميع».