أقامت السفارة المصرية أمسية تكريمية للأديب طالب الرفاعي، وفي بداية الأمسية أكد السفير المصري ياسر عاطف أن تكريم الأديب الكويتي طالب الرفاعي يأتي ضمن أواصر العلاقات الثقافية المتينة بين الكويت ومصر، وقال عاطف ان الرفاعي قامة أدبية لها حضور كبير، وأنه احد المهمومين بالإبداع في الكويت والمنطقة، وقد منح السفير عاطف درعا تكريمية للرفاعي.
من جهته قال الملحق الثقافي د. نبيل بهجت ان الرفاعي أحد الأسماء الإبداعية التي لديها همّ بان تكون الثقافة المحرك الاساسي في المنطقة، من خلال ممارسة المثقف لدوره الحقيقي كفاعل في الحراك على مستوى المجتمع والمنطقة.
وتضمنت الأمسية قراءة نقدية لرواية «ظل الشمس» قدمها الكاتب شريف صالح، كما قدمت الكاتبة هدى الشوا قراءة نقدية لرواية «في الهنا» أحدث روايات الرفاعي وأدارت الأمسية الكاتبة عواطف العلوي.
وفي الورقة التي قدمها بعنوان «ظل الشمس وازدواجية الصوت السردي» قال الكاتب شريف صالح ان الرواية تحيلنا إلى فن «التغريبة»، تلك الهجرة القسرية بحثا عن الرزق، واستدعى تغريبة بني هلال للشاعر الراحل عبدالرحمن الأبنودي الذي كتب كلمة الغلاف، مشيرا إلى أن التغريبة الهلالية خرجت من الجزيرة العربية «الجنوب» نحو الشمال، على عكس تغريبة «ظل الشمس» فكانت من الشمال إلى الجنوب.
وبعد أن تطرق صالح لموضوع الرواية التي تتناول شخصية حلمي المدرس المصري الذي جاء ليعمل في الكويت وأجواء عالم المهمشين، أشار إلى أن رواية طالب الرفاعي بها ملمح متكرر في مدونة السرد الكويتي، وهو تصوير المجتمع الكويتي من عين الغريب ووجهة نظره.
وتناول صالح تقنية السرد في الرواية من خلال المؤلف الحقيقي والضمني والسارد والبطل، حيث اشار إلى ان الرفاعي عكس نظرية رولان بارت عن «موت المؤلف» بمعنى تحييده خارج النص والانشغال بالنص وحده، حيث استحضرت الراوية «المؤلف الحقيقي» كشخصية روائية لبطل ثانوي، وتقريبا أبقت عليه بنفس الصفات والمواصفات.
بينما اشارت الكاتبة هدى الشوا في ورقتها عن رواية «في الهنا» انها تأخذ من علاقة حب ملتبسة، منطلقا للكشف عن شروخات في المجتمع تشمل الخلافات الطائفية عبر رصد (الأنا) الأنثوية لتكشف عن تشظيات رؤيتها لذاتها، ولمجتمعها.
واستعرضت الشوا أجواء الرواية التي تستهل من غرفة مكتب الرفاعي في المدرسة القبلية عبر تقنيته المعهودة في مشروعه الروائي «التخييل الذاتي»، حيث «يحيا هادئا متفرغا للقراءة والكتابة، ويتسلم راتبه في نهاية كل شهر، وحيث الانتقال إلى مساحات فضاءات داخلية متعددة ليرصد السرد الروائي تحولات علاقة حب بين مشاري الرجل المتزوج وله أطفال، وكوثر المرأة العزباء الجميلة التي تعمل في أحد البنوك.
وأكدت الشوا أن الرواية حققت لها المتعة الروائية، سواء في التنقل بين الأصوات الروائية المختلفة، أو في سلاسة السرد الروائي، مشيرة إلى التركيز على عنصر الخطاب النسائي في السرد الروائي، من خلال شخصيات كوثر والزوجة وموضي أم المؤلف، متسائلة عن تعددية الأصوات الروائية وتوزيعها، وتمنت الشوا أن يكتب الرفاعي قصة موضي يوما ما، ويفرد لها مساحات سردية بضمير المتكلم.
وأشاد الأديب عبدالله خلف بتكريم الرفاعي من السفارة المصرية وهو ما اعتبره تعبيرا عن عمق العلاقات الوطيدة بين مصر والكويت، وقال خلف إن أهم ما يميز أعمال الرفاعي أنها عن البسطاء والمهمشين وتحمل هما إنسانيا.
وفي سؤال للرفاعي إن كان تأثر بغسان كنفاني في روايته «رجال في الشمس»، قال الرفاعي: ان رواية «ظل الشمس» ولدت في مقهى مصري أثناء جلوسه مع الاديب الراحل جمال الغيطاني وطلب منه حلمي (بطل الراوية) مساعدته للعمل في الكويت، وأنه كتب الرواية عن هؤلاء المهمشين الذين عاش بينهم لمدة 15 عاما وشاهد يومياتهم عن قرب.
بينما أجاب عن سؤال يتعلق بورود اسمه الحقيقي في رواياته، بأنه يعتمد على مدرسة التخييل الذاتي، ويرى أن الأعمال الروائية توثيق لحياة المجتمع والكاتب، ولذا يقدم أجزاء من سيرته الحقيقية في أعمال.
بينما قال المنصف الخميري مترجم رواية «ظل الشمس» إلى الفرنسية أنه يعمل في اللغة الفرنسية منذ 30 عاما، ولم يسبق له التعرف على الأدب الكويتي، لكن ترجمته لرواية «ظل الشمس» حفزته على قراءة أعمال كويتية أخرى، مؤكدا على أن أهم ما يميز الرواية أنها تناقش هما إنسانيا بعيدا عن الأسلوب التعليمي.
وأشار الرفاعي تعلي قا على طلب الشوا بأن يكتب السيرة السردية لوالدته موضي بأن أمه دفعت ضريبة غالية بعد زواج زوجها بأخرى، وأنها أكثر من تأثر بها في الحياة، كما تحدث عن دور زوجته شروق التي أكد أنه لولاها ما تأسس واستمر الملتقى الثقافي الذي يشرف عليه، حيث أكد على أنها ساعده الأيمن في الإعداد والتجهيز لأمسيات الملتقى، وشكر الرفاعي مصر على هذا التكريم، مؤكدا على امتنانه للكلمة التي تعلي الإنسان والتي كانت السلم الذي صعد عليه خلال رحلته الإبداعية.