• نوفمبر 23, 2024 - 4:03 مساءً

الأوبرا ..حضارة

عرفت الكويت طوال العقود الستة الماضية، وتحديدا منذ بداية الستينات من القرن الماضي، بأنها قِبلة الثقافة والفن في منطقة الخليج، إلى حد أنها اشتهرت بتسمية «هوليوود الخليج».. فقد شهدت على مدار تلك السنوات الطويلة نهضة ثقافية وفنية كبيرة، وشكل المسرح فيها بوجه خاص مصدر إشعاع ثقافي وفني رائع لكل دول وشعوب المنطقة، وساهم بلا جدال في بعث وانطلاقة الحركة المسرحية في كل الدول المجاورة.
من هنا يأتي افتتاح مركز جابر الأحمد الثقافي (دار الأوبرا) في الكويت، ليكون تتويجا مستحقا لمسيرة الثقافة والفن في الكويت، واعترافا من الدولة بقيمة وأهمية ما بات يطلق عليه الآن اسم «القوة الناعمة» التي تمثلها ثقافة وأدب وفنون وعلوم أي دولة، حيث تسهم جميعها في ترسيخ مكانة الدولة، لدى كل شعوب العالم. وكلنا يعرف – على سبيل المثال ـ الدور الكبير الذي لعبه الأدب الإنجليزي والفرنسي والألماني والإيطالي، في الترويج لهذه الدول وصناعة أرضية مشتركة لها مع معظم شعوب العالم، وهو ما تقوم به السينما حاليا بالنسبة للولايات المتحدة.
ولا شك في أنه عندما يتفضل صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد بنفسه، بافتتاح دار الأوبرا، فإن ذلك يعد تكريما ساميا للثقافة والفن الكويتيين، كما أنه يدشن مرحلة جديدة وبالغة الأهمية في هذه المسيرة الممتدة عبر عقود طويلة، مرحلة نتوقع أن نشهد معها المزيد من الاهتمام الرسمي بالفن والثقافة، وأن تتلقى الحركة الفنية بهذا الحدث الكبير، دفعة قوية ومهمة تضخ في عروقها دماء الحياة من جديد، وتساعد في إعادة الفنون الكويتية إلى سابق عهدها، لتكون بحق معبرة عن تراث وعادات وتقاليد وقيم هذا الشعب الأصيل، وليدرك صناع هذه الفنون أن دورهم لا يقل بحال عن دور الآباء والأمهات في البيوت، والمعلمين في المدارس، والأساتذة في الجامعات، وأن على عاتقهم يقع دور تربوي كبير وخطير، من أجل تنشئة أجيالنا الصاعدة على كل القيم والمبادئ والأخلاقيات الرفيعة، وعلى محبة الوطن، والتمسك بوحدته الوطنية، ونبذ الفتنة والفرقة، والتطلع لكل ما هو أصيل ونبيل وجميل.
لقد كان الفيلسوف اليوناني أفلاطون يقول «علّموا أولادكم الفنون، وبعدها أغلقوا السجون».. وفي اعتقادنا أن هذا القول لا يحمل أي مبالغة، فالشعب الذي يشيع فيه الفن الراقي، والأدب الرفيع، والثقافة العالية بكل أشكالها ومضامينها، يكون بكل تأكيد أكثر حبا للحياة، وبغضا للعنف والجريمة، ونشرا للمحبة والوئام والسلام.
وكما أننا نتوقع أن تنقل لنا الأوبرا الكويتية فنون وثقافات الشعوب الأخرى، فإننا نتمنى أن تكون قادرة بحق على أن تنقل إلى شعوب العالم أيضا تراث الكويت العريق، بكل ما يتضمنه من ثقافات وفنون، وأن تؤدي أيضا إلى تطوير كبير للحركة الفنية الكويتية، والارتقاء بالذوق الفني، وجذب المزيد من الجماهير لمتابعة وتعلم كل ألوان الفن الرفيع.
وستبقى الكويت دوما منارة للفن والثقافة والإبداع، في منطقة الخليج، والمنطقة العربية كلها.

Read Previous

«جائزة ناصر» وتكريم أممي للمعتوق

Read Next

الخالد: تعاون أمني راسخ بين الكويت وقطر

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x