حين تحتفل سلطنة عُمان بيومها الوطني السادس والأربعين هذا العام، فإن هذا الاحتفال لا يمر مرورا عابرا، لأن سلطنة عمان تحظى باهتمام كبير، إقليميا وعالميا، باعتبارها نموذجا رائدا للنهضة وللتنمية الشاملة، ونموذجا شديد التميز أيضا للاستقرار السياسي، الذي باتت تفتقده الكثير من المجتمعات هذه الأيام.
فقد استطاعت السلطنة أن تحقق نموذجها الخاص والمتفرد للتقدم والتطور، على مدى 46 عاما، ومنذ أن تعهد جلالة السلطان قابوس بن سعيد، في خطابه التاريخي الأول عام 1970، بإقامة «الدولة العصرية»، وأوفى بوعده تمام الوفاء، وهو ما يلمسه كل زائر لعُمان، حيث يجد أنها من سنة إلى أخرى تقطع شوطا كبيرا في مسارها التنموي، ورحلة صعودها للحاق بركب العصر.. ولعل ذلك يتأكد هذا العام بوجه خاص، في ظل تزامن الاحتفال بذكرى اليوم الوطني مع الاستعداد لإطلاق إستراتيجية «عُمان 2040»، والتي تسعى من خلالها السلطنة إلى إحداث أكبر نقلة اقتصادية وتنموية للدولة، عبر تنويع مصادر الدخل، واجتذاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وإعطاء القطاع الخاص مساحة أكبر للمشاركة في عملية التنمية، وهو ما نثق في أن سلطنة عُمان ستنجح فيه باقتدار، كما نجحت في كل خططها وإستراتيجياتها السابقة.
يتواكب مع ذلك كله مضي السلطنة في مسارها الديمقراطي المتفرد أيضا، والذي ارتضاه الشعب العُماني، ووجد فيه بغيته، واستطاع من خلاله ترسيخ أمنه واستقراره.. فليست العبرة بشكل الديمقراطية وصورتها، وإنما العبرة بالجوهر والمضمون.. وفي هذا فإن الكل يجمع على أن عُمان حققت نجاحا يحسدها عليه الكثيرون، واستطاعت أن تحافظ على استقرارها وسط كل العواصف التي ضربت ولا تزال تضرب محيطها العربي. وهي إذا كانت قد اختارت الحياد فلسفة لسياستها الخارجية، فإنها تطبق هذه الفلسفة بمعناها الإيجابي، وليس السلبي.. ويكفي أنها لم تتخلّ يوما عن قضايا وأزمات محيطها الخليجي أو فضائها العربي، فهي حاضرة في كل المواقف التي تستوجب حضورها، وقد شاركت وقدمت الكثير من المبادرات لمعالجة تلك القضايا والأزمات، واستضافت على أرضها عشرات الوفود، سعيا لتكريس الأمن والاستقرار في المنطقة كلها.
وستظل سلطنة عُمان في محيطها الخليجي والعربي، نموذجا رائعا ورائدا للتقدم والتطور، وللحفاظ على الأمن والاستقرار والازدهار.
كل عام والسلطنة الشقيقة، قيادة وشعبا، بألف خير.