قال محافظ بنك الكويت المركزي د.محمد الهاشل إن البيان الختامي لبعثة صندوق النقد أشاد بجهود السلطات الكويتية في اطار مضامين وثيقة الاصلاح المالي والاقتصادي، وجهود «المركزي» في تعزيز متانة القطاع المصرفي والمالي وزيادة تحصينه.
كما أكد الصندوق ضرورة إصلاح برامج الدعم الحكومية وترشيد دعم الطاقة وحذر من مواجهة تحدي تعثر أو بطء الإصلاحات.
وأضاف الهاشل، في بيان صحافي بمناسبة انتهاء زيارة بعثة خبراء الصندوق للكويت، أن الصندوق يدعم ايضا توجه الحكومة لمراجعة وإصلاح الرواتب والأجور.
وتوقع الصندوق ان يبلغ عجز الموازنة العامة بعد حساب مخصصات صندوق احتياطي الأجيال القادمة 13 في المائة من الناتج المحلي على المدى المتوسط. وستنجم عن ذلك احتياجات تمويلية تراكمية إجمالية بنحو 35 مليار دينار على مدى السنوات المالية الست حتى السنة المالية2020/2021.
كما توقع الصندوق أن يبلغ نمو الناتج المحلي 3.5 في المائة هذه السنة، والتضخم السنوي قد يبلغ 3.5 في المائة بسبب ارتفاع اسعار البنزين.
وفي مزيد من التفاصيل فقد أصدر بنك الكويت المركزي بيانا صحافيا بمناسبة انتهاء زيارة بعثة من خبراء صندوق النقد الدولي للبلاد خلال الفترة 6-14 الجاري في إطار المشاورات الدورية لعام 2016.
وفي هذه المناسبة، أدلى محافظ بنك الكويت المركزي د. محمد الهاشل بتصريح حول تلك الزيارة أوجز فيه أبرز مضامين البيان الختامي الذي أعدته البعثة، وأشار إلى إبراز البيان الختامي لطبيعة التحديات الهيكلية التي يواجهها الاقتصاد الكويتي في هذه المرحلة في ظل انخفاض أسعار النفط، وما ترتب على ذلك من تراجع ملموس في كل من الموازين الداخلية للمالية العامة والميزان الخارجي وسبل مواجهتها.
وقد رحب البيان الختامي لبعثة الصندوق بجهود السلطات الكويتية في إطار مضامين وثيقة الإصلاح المالي والاقتصادي، وجهود بنك الكويت المركزي لتعزيز متانة القطاع المصرفي والمالي وزيادة تحصينه.
وأوضح المحافظ بأن البيان الختامي للبعثة جاء ضمن 3 محاور رئيسية، تشمل التطورات المالية الكلية في الكويت، وتوقعات المالية الكلية والمخاطر التي تواجه تلك التوقعات، ومناقشة السياسات.
وقال الهاشل: ان بعثة صندوق النقد الدولي رحبت بنية الحكومة الكويتية احتواء فاتورة المرتبات والأجور كجزء من جهود إصلاح المالية العامة على المدى المتوسط.
ويهدف مقترح الحكومة بإصلاح المرتبات والأجور إلى تبسيط واتساق هيكل المرتبات والأجور الحكومية ومركزية قرارات سياسة تلك المرتبات والأجور.
وبالنظر إلى ارتفاع فاتورة المرتبات والأجور الحكومية، فإن تصميم الإصلاحات ينبغي أن يتم بطريقة تضمن عدم زيادة فاتورة الأجور الشاملة، وأن يتم تغطية تكاليف الانتقال إلى النظام الجديد بالتوفير في البدلات والمكافآت.
ووفقا للمحافظ، اشارت البعثة الى أنه ينبغي أن يسمح النظام الجديد بالسيطرة بشكل أفضل على نمو المرتبات والأجور في المستقبل.
ومع مرور الوقت، فإن هذا من شأنه تقليص الفجوة في المرتبات والأجور بين القطاعين العام والخاص، وتعزيز تنافسية القطاع الخاص، وتسهيل تنويع الاقتصاد.
كما تشجع البعثة السلطات على الحد من نمو التوظيف.
المحور 1- التطورات المالية
ففي مجال التطورات المالية الكلية أشار البيان الختامي إلى استمرار النشاط الاقتصادي في القطاعات غير النفطية في التوسع، وإن كان بوتيرة أبطأ، ما يعكس تأثير انخفاض أسعار النفط، ليصل معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للقطاعات غير النفطية إلى نحو 3.5 في المائة في عام 2015 مقابل 5 في المائة في عام 2014.
وتتوقع البعثة أن يصل معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى نحو 3.5 في المائة في عام 2016، وأن يبلغ معدل التضخم السنوي نحو 3.5 في المائة ليعكس الارتفاع الأخير في أسعار البنزين.
إلى جانب ذلك، قال الهاشل إن البعثة أشارت في بيانها الختامي إلى استمرار قوة القطاع المصرفي والمالي ومواءمة ظروف الائتمان، حيث سجلت رسملة البنوك معدلات مرتفعة وصلت إلى نحو 17.9 في المائة ، ومعدلات ربحية قوية، كما شهدت نسبة القروض غير المنتظمة انخفاضا لتصل إلى نحو 2.4 في المائة ، وارتفعت نسبة تغطية المخصصات للقروض غير المنتظمة إلى نحو 206 في المائة .
كما تحسنت السيولة المصرفية مدعومة بزيادة الودائع الحكومية.
وشهدت التسهيلات الائتمانية المقدمة إلى القطاع الخاص نموا بوتيرة ملموسة.
وأضافت البعثة في بيانها الختامي أن تراجع الإيرادات النفطية أدى إلى ظهور عجز مالي كبير في الموازنة العامة للسنة المالية 15/2016 (باستبعاد دخل الاستثمارات الحكومية، وبحساب مخصصات صندوق الأجيال القادمة) تفوق نسبته نحو 17 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، في حين تحسن تركيب مكونات الإنفاق العام لصالح الإنفاق الرأسمالي المعزز للنمو الاقتصادي.
من جهة أخرى، انخفض فائض الحساب الجاري لميزان المدفوعات بشكل كبير ليصل إلى نحو 5.25 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015، ومن المتوقع أن يشهد المزيد من الانخفاض ليصل معدله إلى نحو 4.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2016.
واضاف المحافظ أن البيان الختامي للبعثة ذكر أن الاحتياجات التمويلية للموازنة العامة تم الوفاء بها من خلال السحب من صندوق الاحتياطي العام، وزيادة إصدار السندات الحكومية المحلية هذا العام بنحو 1.43 مليار دينار، كما أعلنت الحكومة عن نيتها التوجه إلى الأسواق العالمية بإصدار أدوات دين سيادية خارجية بقيمة 2.9 مليار دينار.
المحور 2- أوضاع المالية والمخاطر
وفيما يتعلق بتوقعات أوضاع المالية الكلية والمخاطر، أشارت البعثة في بيانها الختامي إلى أنه من المتوقع أن يكتسب النمو الاقتصادي زخما على المدى المتوسط، مدفوعا بالاستثمار في البنية التحتية.
وسيدعم التحسن المستمر في تنفيذ المشاريع في إطار الخطة الإنمائية الانتعاش التدريجي للنمو الحقيقي في الناتج المحلي للقطاعات غير النفطية ليصل إلى نحو 3.5 في المائة في عام 2017 ونحو 4 في المائة بعد ذلك.
وبشكل عام، سيحقق الناتج المحلي الإجمالي نموا حقيقيا يصل إلى نحو 3 في المائة على المدى المتوسط.
كما تتوقع البعثة أن يزيد معدل التضخم السنوي بشكل مؤقت ليصل إلى نحو 4.5 في المائة في عام 2017، ليعكس ارتفاع أسعار الطاقة خلال السنوات 2016 و2017، قبل أن يتراجع تدريجيا في السنوات اللاحقة.
كما تتوقع البعثة أن ارتفاع صادرات النفط سيزيد فائض الحساب الجاري إلى أكثر من نحو 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2021.
واوضح الهاشل ان البعثة توقعت في بيانها الختامي تحسن وضع الموازنة العامة للكويت بشكل متواضع.
ويفترض السيناريو الأساسي للبعثة تعافيا تدريجيا لأسعار النفط لتصل إلى نحو 60 دولارا للبرميل في عام 2021، أخذا بالاعتبار الأثر المالي للتدابير التي تم إقرارها مؤخرا (زيادة أسعار البنزين، وصدور قانون بشأن تحديد تعرفة أسعار الكهرباء والماء).
وبموجب ذلك السيناريو الأساسي، فإن عجز الموازنة العامة بعد حساب مخصصات صندوق احتياطي الأجيال القادمة سينخفض نحو 17.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 16/2017 إلى نحو 13 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على المدى المتوسط.
وسينجم عن ذلك احتياجات تمويلية تراكمية إجمالية بنحو 35 مليار دينار على مدى السنوات المالية الست حتى السنة المالية 20/2021.
وفي إطار السيناريو الأساسي، أشار البيان الختامي إلى أن الكويت لا تزال معرضة لعدد من المخاطر الداخلية والخارجية المحتملة. ويتمثل الخطر الرئيسي بالمزيد من الانخفاض المستمر في أسعار النفط، الذي من شأنه أن يؤدي إلى عجز واحتياجات تمويلية أكبر.
إلى جانب ذلك، وعلى الرغم من أن التصنيف الائتماني القوي للدولة عند «AA» سيمكنها من الاستفادة من أسواق رأس المال العالمية، إلا أن إقبال المستثمرين على سندات دول مجلس التعاون لدول الخليج قد ينخفض في ظل الاحتياجات التمويلية الإقليمية الكبيرة.
وتواجه الكويت تحديا يتمثل في الاختيار بين إصدار المزيد من الديون المحلية التي تؤدي إلى الضغط على السيولة المحلية ومزاحمة الائتمان المقدم للقطاع الخاص، أو السحب من الاحتياطيات وتعريض المصدات المالية للتراجع.
وتشمل المخاطر الأخرى تعثر الإصلاحات أو بطء تنفيذ الخطة الإنمائية، وما قد يترتب عليهما من عجز مالي أكبر ونمو اقتصادي أبطأ.
كما أن الظروف المالية العالمية الأكثر تقلبا يمكن أن تزيد تكاليف الاقتراض. من جانب آخر، أشارت البعثة إلى نتائج اختبارات الضغط المصرفية التي أظهرت مرونة النظام المصرفي وقدرته على امتصاص الصدمات الأكثر شدة للملاءة والسيولة، إلا أن انخفاض أسعار النفط لفترة طويلة سيزيد مخاطر السيولة والائتمان، ويفاقم تقلبات سوق الأسهم، ويؤثر سلبا على أسعار قطاع العقار.
المحور 3- مناقشة السياسات
وتطرق محافظ البنك المركزي الى مجال مناقشة السياسات، حيث تناول البيان الختامي للبعثة دعامات الاستقرار الاقتصادي الكلي، مؤكدا أن هناك حاجة لجهد متدرج ومستمر لإصلاح المالية العامة ولزيادة الادخار الحكومي إلى مستويات تتوافق مع اعتبارات الإنصاف بين الأجيال.
ويستلزم ذلك تقليص عجز الموازنة العامة (بعد استقطاع مخصصات صندوق احتياطي الأجيال القادمة) من نحو 17.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 15/2016 إلى نحو 7 في المائة بحلول عام 2021، وإنهاء العجز تقريبا بحلول عام 2025.
ويضيف البيان الختامي أن هذا المسار المقترح الذي يوازن بين تحقيق وفورات مالية ضرورية والتخفيف من تأثير الإصلاحات على النمو الاقتصادي يمكن أن يتحقق من خلال مزيج من الإصلاحات في الإنفاق العام والإيرادات العامة المدرجة ضمن المحاور الستة لوثيقة الإصلاح المالي والاقتصادي الحكومية.
وأشار البيان الختامي إلى أهمية المزيد من الإصلاحات في برامج الدعم الحكومية، مشيرا إلى أن الحكومة اتخذت في هذا الصدد خطوات هامة هذا العام، حيث قامت برفع أسعار البنزين ورسوم بعض الخدمات الحكومية.
وتشجع البعثة السلطات على مواصلة خططها لمزيد من ترشيد دعم الطاقة.
وسيساعد التنفيذ المتدرج للإصلاحات على التقليل من آثارها التضخمية وإتاحة الوقت لقطاع الأعمال للتكيف معها.
وينبغي تصميم آليات للتخفيف على الفئات المجتمعية الأكثر عرضة للتأثر سلبا بالإصلاحات، ولتعزيز كفاءة استهلاك الطاقة.
كما أن وضع استراتيجية توعوية مصممة بشكل جيد سيساعد في بناء توافق وطني بشأن هذه الإصلاحات، بحيث يتم في تلك الاستراتيجية تسليط الضوء على التكاليف الناجمة عن دعم الطاقة وتوضيح تأثير آليات تخفيف الآثار السلبية للإصلاحات المخطط لها.