• نوفمبر 23, 2024 - 4:40 مساءً

من أولها.. مجلسان

عندما ظهرت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، تفاءل الكثيرون ـ ونحن منهم ـ بأننا سنشهد مجلسا جديدا يختلف عن كثير من المجالس السابقة.. ولا شك أنه كانت هناك مبررات عديدة لهذا التفاؤل، أهمها أن قوائم الفائزين تقول ببساطة إن الشعب الكويتي أراد التغيير، وقد عبر عن رغبته تلك بأكثر من وجه، منها حجم الإقبال على التصويت، والذي ناهزت نسبته السبعين في المئة، وهي نسبة تعد كبيرة جدا حتى بالمقاييس العالمية. كما أن معدل التغيير في تركيبة المجلس الجديد، بناء على نتيجة الانتخابات بلغ ستين في المائة. ليس هذا فحسب، فلا يقل عن ذلك أهمية أن الناخبين منحوا ثقتهم لعدد كبير نسبيا من الشباب، واختاروهم لتمثيلهم تحت القبة.. كل ذلك دفع للاعتقاد بأننا سنكون بإزاء برلمان شديد التميز والحيوية، وأولى الدلائل التي كنا نترقبها لحيويته وتميزه، أن ينأى بنفسه عن تلك الصراعات بين الكتل السياسية، التي طالما أفسدت الحياة النيابية في سنوات سابقة، وأدخلت الكويت في الكثير من الأزمات السياسية، وعطلت المسارات الاقتصادية والتنموية، وحرمت الوطن من مشاريع عملاقة كان ممكنا أن تشكل النواة الحقيقية لمرحلة «ما بعد النفط».
لكن هل هذا هو ما حدث بالفعل؟
لا نريد أن نستبق الأحداث، غير أن الشواهد التي رأيناها حتى الآن لا تبشر بخير، فكلها تنبئ مع الأسف بأن «حليمة رجعت لعادتها القديمة»، وأننا لم نغادر بعد المربع القديم، مربع الخلافات والمشاحنات و«التربيطات» التي تتم خارج القبة، حول المناصب المهمة، وانقسام أعضاء المجلس إلى فريقين مختلفين، كل فريق منهما يجتمع وحده بمعزل عن الفريق الآخر، للتشاور والتنسيق بشأن المناصب وأولويات القضايا التي يفترض ان يتبناها المجلس، في فصله التشريعي الجديد.
فما الذي يعنيه ذلك كله؟!
هل هذا ما أراده الشعب الكويتي، من خلال مشاركته الانتخابية الواسعة واللافتة؟ وهل هكذا يكون «رد الجميل» لشعب حلم بالتغيير وسعى إليه، وكان إيجابيا بحق في إرادته وسعيه، حين عبر عنهما بقوة في استحقاق السادس والعشرين من نوفمبر؟
إننا نقرع الأجراس منذ الآن، وننبه إلى أن مثل هذا الانقسام لا يبني نهضة، ولا يؤسس تنمية.. لسنا متشائمين، بل لا نزال محتفظين بتفاؤلنا وإصرارنا على أن هذا المجلس يمكن أن يكون مختلفا ومتميزا، ومشاركا بقوة في صنع مستقبل أفضل للكويت بشرط أن يعيد اعضاؤه قراءة نتائج الانتخابات مجددا، ليكونوا عند حسن ظن شعبهم بهم، وعلى مستوى الثقة الكبيرة التي أولاهم إياها المواطنون.. أما إذا مضوا في طريق الخلاف والانقسام منذ البداية، كما هو حادث حاليا، «فلا طبنا ولا غدا الشر».. وما نخشاه أن يؤدي ذلك إلى نفور الناس من الديمقراطية وإفرازاتها، وهو ما لا نتمناه، ولا يتمناه بالتأكيد كل المخلصين لهذا الوطن ولديمقراطيته ودستوره وتاريخه الناصع والمشرق.

Read Previous

«الإعلام»: قانون الإعلام الإلكتروني لا يشمل الحسابات الشخصية

Read Next

وكيل «الداخلية» يشيد بالتنسيق الأمني مع العراق

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x