• نوفمبر 27, 2024 - 6:26 صباحًا

البحرين … أصالة وتاريخ

فى الطريق من مطار البحرين بالمحرق إلى فندق «الريتز»، جالت فى خاطري حضارة البحرين وأشجار النخيل، والسوق القديم فى المحرق، ومحلات الحلوى البحرينية الشهيرة، والمنازل القديمة والشعب البحريني الذي يتميز بالطيبة والكرم، وأعادتني الذكريات إلى تأمل كيف تطورت البحرين من السبعينيات إلى اليوم.
لقد استطاعت مملكة البحرين أن تحقق خلال هذه الفترة طفرة اقتصادية وتنموية كبيرة جدا، بشهادة الكثير من المؤسسات المعنية، لاسيما في السنوات التي تلت تولي الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة، مقاليد الحكم في العام 1999، ويكفي أن نشير ـ على سبيل المثال ـ إلى ما أوردته بعض التقارير التنموية الدولية، والتي أكدت أن البحرين واصلت جهودها وتفردها حيث اعتبرت الأولى إقليميا وخليجيا و18 عالميا في العام 2015، وذلك من أصل 178 دولة، في مجال الحرية الاقتصادية، وفي التنافسية الاقتصادية، والتدفقات الرأسمالية، وفي حماية الملكية الخاصة، وتنويع مصادر الدخل، والاستغلال الأمثل للموارد والثروات.
وتلك شهادة تثبت أن البحرين تمضي على الطريق الصحيح، وذلك لأن قيادتها السياسية آمنت على الدوام، بأن الإنسان هو الثروة الأغلى، وأنه مهما امتلكت الدولة من ثروات وإمكانات، فإنها لا تستطيع إحراز أي تقدم، أو بناء أي نهضة من دون الارتقاء بالإنسان نفسه، وبنائه علميا وتربويا وثقافيا.. ومن ثم فقد شهدت المملكة تطورا كبيرا وواسعا في الميدان التعليمي والثقافي، وهو تطور آتى ثماره جيدا، وأعتقد أن مواطني دول مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص، يلمسون ذلك بوضوح، ففضلا عن الريادة الثقافية والفكرية والإبداعية، التي عرفت بها البحرين في منطقتها، فإن الإنسان البحريني يكاد يتفرد بين أقرانه الخليجيين أيضا، بحبه للعمل، وعدم استنكافه من أن يعمل بيده، وأن يشتغل بنفسه في كل المهن الحرفية، التي تكاد تكون مقتصرة في دول الخليج الأخرى على الوافدين فقط.. وهو بلا شك إحدى ثمرات الغرس الطيب لتنشئة الإنسان البحريني وتثقيفه، والارتقاء بفكره وذهنيته، بحيث لم يعد يجد غضاضة في امتهان أي عمل، انطلاقا من يقينه بأن العيب هو في البطالة، وإن كانت مقنعة، وأن العمل ـ أي عمل ـ يشرف الإنسان، ولا يشينه أو ينقص منه شيئا.
وربما لهذا السبب، لا يشكل تراجع أسعار النفط بالأسواق العالمية، هاجسا مؤرقا لحكومة البحرين، التي اتخذت برئاسة الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، تدابيرها المسبقة لمواجهة التداعيات المرتقبة لمثل هذا التراجع، في تناغم تام مع الإستراتيجية الشاملة للمملكة، والتي بنيت على أساس تعدد مصادر الدخل وتنوعها، وهو ما نراه واقعا وماثلا أمام أعيننا في النهضة السياحية البحرينية، وكذلك في مؤسساتها المالية والاستثمارية العملاقة التي باتت مصدر جذب لكل دول مجلس التعاون الخليجي.
فهنيئا للبحرين بعيدها الوطني، وكل عام و»ابنة دلمون» الطيبة الجميلة، التي لا تزال حضارتها متصلة، تشع ثقافة وفكرا واستنارة، على محيطها الخليجي، وعلى كل أنحاء منطقتها العربية.

Read Previous

مصرع السفير الروسي في تركيا عقب إطلاق النار عليه

Read Next

الحمود لمسؤولي «الإعلام»: محاربة الفتنة ونبذ أفكار الغلو والتطرف

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x