تختصر قرية الشيخ صباح الأحمد التراثية غنى التاريخ وعراقة الماضي.. فهي وجهة واحدة.. تحكي قصة ماض عريق.. قرة صباح الأحمد التراثية في تجدد متواصل للموسم الرابع على التوالي.
قد تقرأ كثيرا من القصص والكتب التي تخبرك عن ماضي الكويت وطرق عيش أهلها من بدو وحضر، لكنك بلا شك لن تحظى بفرص عديدة كي تعيش التجربة نفسها على أرض الواقع.
أنت ليس أمام عرض مسرحي يستعيد الماضي، وإنما أنت في قلب الماضي نفسه، بمجرد أن تقصد قرية صباح الأحمد التراثية في منطقة السالمي ـ كيلو 59 تبدأ رحلة استكشافك لحياة أجدادك وأسلافك لتتعرف إلى ماضيهم، فهذه القرية التي باتت اليوم معلما سياحيا يقصده الآلاف من داخل الكويت وخارجها سنويا، شيدت لتكون شاهدا على التاريخ، ولتختصر عراقة الماضي الكويتي وأصالته.
القرية هي نتاج رؤية ثاقبة ووطنية راسخة لصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، الذي تابع بعناية متواصلة العمل فيها وأشرف على كل مراحل إنشائها.
ويأتي إنجازها انطلاقا من توجهاته لإحياء التراث الكويتي وضرورة الاهتمام بالموروث الكويتي الشعبي والتراث الشعبي في دول مجلس التعاون الخليجي، لتكون القرية ملتقى محبة وانتماء لجميع أبناء مجلس التعاون الذين تجمعهم روابط الأصالة والتاريخ المشرف لكفاح الآباء والرؤية الواحدة للأبناء نحو بناء غد مشرق.
تجمع القرية التراث بالحداثة، فإلى جانب الأجنحة التي تركز على حضارة الكويت، تجد في القرية أوجه معاصرة تحاكي أسلوبك، لمزيد من المرح والتسلية والفرح، وتشهد القرية الكثير من النشاطات التفاعلية والألعاب والعروض الترفيهية المنوعة التي تلائم جميع الفئات العمرية، كما تجرى المسابقات ويتم توزيع الجوائز القيمة على المشاركين لمنح الزوار لحظات لا تنسى.
السيرك الإيطالي هذا العام، يؤدي عروضا مبتكرة وفريدة من نوعها.
وإذا كنت تبحث عن قضاء بعض الوقت مع العائلة والأصدقاء، فالقرية هي وجهتك المثالية، حيث تنتشر في أرجائها العديد من المقاهي والمطاعم الحديثة والمحال التجارية في تصميم يعكس التداخل بين الماضي والحاضر.
كل قسم من القرية يخبر حكاية. تنقل بين أجنحتها سيرا على الأقدام أو عبر قطار القرية واكتشف هذا العام الأجنحة الأربعة الجديدة التي استحدثت لتضفي مزيدا من الغنى والبعد التاريخي.
العمل الدؤوب الذي استمر على مدى 7 أشهر ما كان ليتكلل بالنجاح لولا الجهود الضخمة التي بذلت لإتمام أوجه التحديث التي أدخلت إلى القرية وذلك بإشراف مباشر من المستشار محمد ضيف الله شرار، الذي أبدى كل اهتمام وإصرار لإنجاز العمل في الموعد المحدد له، كي تستقبل القرية زوارها كما كل عام في مطلع السنة الجديدة.
شرار، الذي كرس الكثير من وقته لإنجاح هذا الموسم، أضاف هذا العام أيضا قرية البادية، المحمية، ساحة المحافظات، ومدينة الكويت القديمة.
في قرية البادية، خيم وبيت للشعر حيث كان الكويتيون القدماء يستخدمون شعر الإبل لصناعة منسوجاتهم.
وبين الخيم، تجد تماثيل تجسد يوميات حياة البدو الرحل ومستلزمات العيش من أوان قديمة وغيرها، كما تصادف حيوانات محنطة تشتهر بها صحراء الكويت.
ومن حياة البدو إلى الحضر، ينقلك ممر مخصص متصل بمتاحف السيارات القديمة حيث تعرض أول الموديلات التي استخدمها الكويتيون، يليه ساحة المحافظات التي خصص لها مبنى مستقل بالكامل صمم على شكل دائري وهو مسور ويحتوي على ستة «دروازات»، تمثل كل منها محافظة مستقلة وتضم ساحة مجهزة للعروض الشعبية والتراثية والنشاطات الخاصة بكل محافظة مثل «العراضة» وغيرها، ويقوم أهل كل منطقة بعرض عاداتهم ومشاركتها مع المحافظات الأخرى، كما تشهد الساحات عروضا من دول الخليج العربي أيضا.
يضم مبنى المحافظات كذلك مسرحا للفعاليات الترفيهية، حيث تقوم قنوات التلفزيون كما كل عام بتغطية النشاطات ونقلها بالبث الحي المباشر لتصل إلى أكبر عدد ممكن من المشاهدين.
قرية صباح الأحمد التراثية، تولي اهتماما كبيرا بالبيئة، لذلك خصص قسم كبير منها لإنشاء المحمية هذا العام، وتضم المحمية، حديقة للزهور تحتوي على أنواع شتى من النباتات البرية التي تنمو على أرض الكويت وقد أنشئت بإشراف ومتابعة من هيئة الشؤون الزراعية الكويتية.
إلى جانب الزهور، تحتوي المحمية على أصناف متعددة من الحيوانات التي تعيش في صحراء الكويت أيضا.
وإلى حارات الكويت القديمة أو «الفريج»، تأخذك قرية صباح الأحمد التراثية في نزهة قصيرة بين منازل الكويت القديمة والبسيطة والمتقاربة التي كانت تبنى من الطين والطوب، يمكنك أيضا مشاهدة الديوانيات القديمة التي اتسمت بتواضعها في السابق، كل ذلك في مدينة الكويت القديمة، والتي تعتبر بمنزلة مدينة كاملة تستعيد معك الماضي بكل تفاصيله.
لم تنته زيارتك هنا، فعليك قبل المغادرة أن تدخل إلى غرف البيت الكويتي القديم وتكتشف «الحوش» و«غرفة العروس» و«غرفة الجهال» وغرفة «الكيل والمطبخ» وغرفة «الحريم»، لتتعرف عن كثب إلى تفاصيل الحياة الكويتية القديمة، أو تتجول بين الدكاكين وسوق بيع الأقمشة ودكان العطار والبقالة، أو تتمعن في تفحص آثار القلعة الهلنستية الآتية من جزيرة فيلكا.
وإذا كنت من محبي الفن، فلا تنس زيارة متحف الكويت وشاهد السفن الشراعية القديمة وأدوات الصيد البحري وعمارة النوخذة لبيع الأدوات البحرية وورشة «القلاف» وغرفة «الطواش» وميزان اللؤلؤ واكتشف أيضا جناح المتاحف الخاص حيث تعرض الحرفيات والمباخر والرادو وغيرها.
قرية صباح الأحمد التراثية أيضا تضم 6 متاحف ولكل دولة من دول مجلس التعاون متحفها الخاص بها ولها أن تعرض في هذه القرية فنونها وأعمالها التراثية التي تبرز ما تتمتع به كل دولة من موروث شعبي فبالإضافة إلى الآثار التاريخية والمصنوعات الحرفية والفنون الشعبية هناك مسابقات الأغنام والصقور بأنواعها أيضا، إضافة إلى العديد من المسابقات الأخرى التي تثري وتغني القرية في كل عام.
هذا العام، هو عنوان للتطوير المستمر في القرية، حيث تم فيه تحديث المباني الموجودة مسبقا مع إدخال بعض التحسينات والتعديلات التي تمنح الزائرين راحة أكبر وسهولة أكثر للتعرف إلى ماضي أهل الكويت الراقي.
باختصار، تثبت قرية صباح الأحمد التراثية في موسمها الرابع أنها معلم سياحي بامتياز ومنارة للتجدد فهي بحق.. «تتألق سنة بعد سنة».