أحمد إسماعيل بهبهاني 
قبل أحد عشر عاما، وتحديدا في التاسع والعشرين من يناير 2006، وقف صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد تحت قبة البرلمان، يؤدي اليمين الدستورية، أميرا للكويت.. ومنذ ذلك التاريخ بدأ عهد جديد للدولة، لم يكن بالطبع منفصلا عما سبقه، بل هو متصل به أوثق الاتصال، بحكم كون صاحب السمو الأمير مشاركا في بناء الكويت الحديثة، ووضع أسس نهضتها في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، لكن عهد سموه اتسم بالعديد من الأمور التي جعلته متميزا ومتفردا، وجديرا بأن يتوقف التاريخ عنده طويلا.
فقد ترسخت خلال السنوات الإحدى عشرة من حكم صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد، الممارسات الديموقراطية والدستورية.. ورغم أن الكويت واجهت ظروفا وتحديات شديدة الصعوبة، منها ما هو داخلي بسبب إساءة البعض استخدام الديموقراطية، ومحاولة إثارة الفتن والانقسامات في الصف الوطني الواحد ومنها ما هو خارجي، نتيجة الاضطرابات والقلاقل التي تعيشها المنطقة منذ نحو ست سنوات، وقد كان كل ذلك كفيلا بأن يعصف بالتجربة الديمقراطية الكويتية، فإن ذلك لم يحدث، بل استمرت الكويت تعيش ربيعها الدائم، وتحافظ ليس فقط على ديموقراطيتها، وإنما أيضا ـ وهو الأهم ـ تحافظ على أمنها واستقرارها ووحدة وتماسك مجتمعها.
ومما ميز هذه السنوات أيضا أنها شهدت قفزة كبيرة في التنمية الاقتصادية، عبر عدد كبير من المشروعات العملاقة، التي بدأت تشق طريقها إلى النور، لتشكل إضافة كبرى إلى النهضة الكويتية، ولترسم ملامح اقتصاد حديث لا يكون النفط هو مصدره الوحيد أو شبه الوحيد للدخل، بل يصبح اقتصادا متعدد المصادر، يتسم بتنوعه وشموله، ويكون الإنسان الكويتي فيه عنصرا أساسيا فاعلا ومؤثرا.
ولا يمكن لأي مراقب أن يغفل أيضا البعد الإنساني الذي تميزت به سنوات حكم صاحب السمو، فقد امتدت أياديه البيضاء لتأسو الجراح، وتمد يد العون والمساعدة للمنكوبين والمعوزين، في كل أرجاء الأرض، بصرف النظر عن دينهم أو عرقهم أو لونهم، وهو دور رائد وكبير، توجته الأمم المتحدة باختيار سمو الأمير «قائدا للعمل الإنساني»، واختيار الكويت «مركزا للعمل الإنساني»، ولعل كلمة الأمين العام السابق للأمم المتحدة «بان كي مون»، قد لخصت الكثير، عندما قال «إن الكويت دولة صغيرة، لكن قلبها الكبير يسع العالم كله».
كل عام وصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، والكويت وشعبها الطيب، بخير وسلام وأمان وازدهار.
