• نوفمبر 24, 2024 - 5:23 صباحًا

مَنْ يُحاسِب مَنْ عن هذه القضية؟

ما تشهده الساحة السياسية في هذه الأيام من سِجال وحراك حول مسائل الجنسية، سواء المتعلق منها بإعادة الجنسية لمن سحبت منهم، أو حول المشروع المقدم بالتعديلات على قانون الجنسية، أو بالتعديل على قانون المحكمة الإدارية، وغيرها من اقتراحات، هو في الواقع نتاج طبيعي وامتداد لمناقشات تاريخية حول ممارسات كانت موجودة، ولكنها كانت بالاتجاه المعاكس، حيث بدأت فيها حكومات سابقة منذ منتصف الستينات من القرن السابق، ومازالت، حين حكومات سابقة استخدمت الجنسية كأداة لكسب الموالاة السياسية لزيادة الأتباع، وتغيير الخريطة الانتخابية في البلاد، كما استخدم سحبها كعقاب للمغضوب عليهم، ومن ذلك الوقت تم المَنْح لحالات كثيرة، مع تغاضي الحكومة نفسها عن المخالفات والتجاوزات للقانون وإغماض العين عن الازدواجية، كما تم استبدال فئة الجنسية الثانية إلى الفئة الأولى، لإيصال بعض المَرْضِي عنهم إلى البرلمان، وغيرها من ممارسات.
والجديد الآن هو أن النواب أو بعضهم عرف أصول اللعبة، واستخدم نفس الأداة، وتعمد خلط المطالبات بعودة الجنسية لمن سحبت منهم بمشروع التعديلات على قانون الجنسية، لشرعنة المخالفات مع خلط كبير بين المستحق وغيره، وذلك بالطبع وسيلة هامة لكسب واستقطاب الأصوات الانتخابية والبر بالوعود الشعبية. باختصار «خبز خبزته الحكومات على امتداد عُمرها، بدأ النواب والكتل السياسية، بأكله الآن»، وفي الحالتين كان الوطن هو الضحية، واختطلت الأمور، فلم نعد نعلم من سيحاسب من؟!
لذا، فإن ما نشهده اليوم من حيوية في نقاش هذا الأمر هو مظهر صحي ومستحق، سواء من قِبَل المؤيدين للتغيير أو المعارضين له، حتى يتبين للجميع خطورة التساهل في هذا الأمر أو التعسف في استخدامه من قِبَل السلطتين.
ولعلّ الأمانة الوطنية تتطلب من الجميع الحرص في منح الجنسية، وعدم التساهل في استخدام هذا الأمر كأداة سياسية أو انتخابية.. ثم وضع الضمانات وإعطاء الحق للمتظلم باللجوء إلى القضاء، ويمكن التفكير والاتفاق بإحالة قضايا الجنسية إلى محاكم خاصة بدرجاتها المختلفة تُخصص لهذا الغرض على غرار محاكم الوزراء والمحكمة الدستورية، وذات سلطة عليا ونافذة للنظر في قضايا الجنسية، وذلك للطبيعة الخاصة لهذه القضايا وتعلقها بأمور سيادة الدولة.. والله يهدي الجميع إلى الرشاد ومصلحة الوطن.
همومهم وهمومنا
في الوقت الذي يهدر فيه سياسيونا وقت مجلس الأمة الثمين في السجال بين جلوس المرأة، النائب، بجانب أحد النواب، وبين نصيحة النائب الفاضل بأنه يجب على المرأة أن تَقَرَّ في بيتها!، وهو نسفٌ كامل لحق المرأة كإنسانة ومواطنة قد فرضت نفسها كنائبة ووزيرة وزميلة لهذا النائب في المجلس، في نفس هذا الوقت، يجتمع خمسون عالِما من رجال ونساء العالم المتقدم مع بعض السياسيين في بريطانيا، للنظر وتحديد أولويات قضايا العالم، التي يجب أن تكون على الأجندة العالمية للمعالجة خلال السنة القادمة، وتم الاتفاق على اثنتي عشرة أولوية، أذكر منها:
كيف يمكن السيطرة على انتشار الأمراض في عالم حدوده منفتحة على بعضها، وأزماته وأمراضه تتزايد وتنتشر، ونحن كدولة جزء من اهتمام هؤلاء العلماء، وكيف يمكن زيادة معدل الحياة وتخفيض الوفيات، وخاصة وفيات الأطفال، وكيف يمكن أن تتم السيطرة على التلوث، خصوصا الناشئ من الانبعاث غير الطبيعي من عوادم السيارات، وذلك للنمو الكبير في التجمعات البشرية وزيادة عدد السيارات على الطرق، وكيف يمكن ترشيد استهلاك المياه ومقابلة الشُحّ القادم فيها مع تبدل المناخ العالمي.
القائمة طويلة، واخترت منها ما يمس حياتنا مباشرة ونشعر بوطأته كدولة، وباختصار «الله يخلف علينا وعلى سياسيينا وأولوياتهم».

Read Previous

نريد حلولا واقعية لا مسكنات

Read Next

«تسليم المجرمين» بين الكويت وبريطانيا في عهدة المجلس

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x