اثار تقرير مؤسسة «QS» لتصنيف الجامعات حول تصنيف جامعة الكويت التي بلغت المرتبة 24 على مستوى الدول العربية، والمرتبة قبل الأخيرة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، ردود فعل النواب والمختصين في المجال الاكاديمي.
وكان رئيس لجنة الميزانيات والحساب الختامي النائب عدنان عبدالصمد قد كشف عن هذا التقرير، مؤكدا ان جامعة الكويت هي الاقدم في المنطقة وهو ما يضع على عاتق إدارة الجامعة ان تكون ضمن المراكز الأولى بين دول المنطقة وليس قبل الأخير.
واعتبر عدد من النواب أن ما ورد في تقرير مؤسسة «QS» لتصنيف الجامعات مؤشر خطير على تراجع العملية التعليمية في البلاد، مشددين على ان وزير التربية وزير التعليم العالي مسؤول عن إصلاح هذا الوضع التعليمي المتدهور.
واكد النواب في تصريحات ،بحسب (شبكة الدستور)، أن جامعة الكويت تعاني الكثير، بسبب افتقارها للبحوث العلمية وغياب الدعم الحقيقي لهذه البحوث، وغياب قدرة قيادييها على الإبداع والتطوير.
في هذا السياق قال النائب د. خليل عبدالله: أن الارتقاء بالجامعة يأتي من خلال الإيمان القاطع بأهمية دورها في نهضة المجتمع الكويتي، مطالبا الحكومة ومسؤولي التربية والتعليم أن يدركو الدور الحقيقي للجامعة.
وبين عبدالله ان هناك تخبط في القرارات الحكومية وافتقاد النظرة لتطوير التعليم، مضيفا: أنه بعد سنوات من العمل لإنشاء جامعة الشدادية وإعمار المباني يطالب المسؤولين بأن لا تعود إلى جامعة الكويت.
وأكد على ان اختيار المسؤولين والمناصب القيادية والإشرافية في جامعة الكويت يتم بالمحسوبية وبعيدا عن المتميزين وقبولهم في الوسط الأكاديمي.
وطالب بإطلاق يد الجامعة في العمل والبحث وزرع فكرة الإبداع، مبينا انه لا يوجد لدى قياديي الجامعة الإبداع والتطوير وافتقار الجامعة للرؤية والعمل الواضح، معتبرا أن الميزانية تذهب للرواتب فقط دون الصرف على الأبحاث والانشطة والدراسات العلمية.
من جانبه أكد النائب محمد الدلال ان ما نراه من تصنيف متدني لجامعة الكويت والتعليم بشكل عام «أمر مؤسف»، خصوصا وأننا لا نراها تتمتع بسمعة قوية على المستوي الفني والعلمي.
وعزا الدلال هذا التراجع إلى سوء الإدارات المتعاقبة في الجامعة وان هناك اشكالية في الادارة الجامعية خلال الفترة الماضية وذلك لأن الأسس التي قامت عليها الجامعة في اللوائح والنظم ليست بالمستوي المطلوب.
واشار إلى ان الوزراء في الحكومات المتعاقبة والذين تسلموا دفة وزارة التربية خلال السنوات الماضية من أسباب تدني التعليم التي لم تعطي التعليم العالي وجامعة الكويت الدعم اللازم.
ولفت الدلال إلى وجود اشكالية في تعيين مدراء الجامعة والية اختيارهم، معتبرا ان كثيرا من مدراء الجامعة نزلوا بـ «الباراشوت» ولم يتم اختيارهم علي أسس علمية وموضوعية وفنية.
واكد الدلال ان معظم القيادات التي أشرفت على جامعة الكويت لم تكن بالمستوي المطلوب وانعكس ذلك بالنهاية على تواضع النتائج والتي لم تحقق المراد منها.
وقال: إنه لكي نرتقي بالتعليم العالي لا بد أن يتولى ادارة الجامعة شخصيات كويتية تتمتع بالكفاءة العلمية ومنحهم الصلاحية لتطوير اللوائح والنظم للارتقاء بالصرح التعليمي عربيا ودوليا وعالميا.
وطالب بتطوير قانون الجامعة ووضع ضوابط في قضية الإدارة والقيادة ووضع بعض النصوص التشريعية التي تساعد الجامعة على ارتفاع مؤشر الكويت التعليمي، مؤكدا ان هذا الامر سنضعه في حساباتنا في الفترة المقبلة.
ودعا الدلال الحكومة إلى الحرص علي هذه المؤشرات التعليمية والتصنيفات الدولية في المجال التعليمي حتي نرتقي بالجامعة والمؤسسات التعليمية في الكويت.
من جهته استغرب النائب خالد العتيبي مجيء جامعة الكويت في ترتيب متدني على في المستوى التعليمي، معتبرا ان التصنيف لا يقارن ولا يتناسب ابدا مع ما تنفقه الحكومة ووزارة التربية على جامعة الكويت والاهتمام بالتعليم والبحث العلمي.
واعتبر العتيبي ان تلك الأرقام بمثابة «جرس انذار» على الجميع في الوزارة، داعيا مجلس الوزراء إلى الالتفات اليه وإدراك الجميع حقيقة ان التعليم والبحث العلمي هما أساس تقدم الشعوب.
وزاد العتيبي ان تقرير ديوان المحاسبة لم يشر الى التصنيف العلمي المتراجع فقط ولكنه أرسل رسائل شديدة اللهجة الى الآلية التي تدار بها الجامعة والمنشآت التعليمية.
وتساءل: إذا كان التقرير أشار إلى تدني نسبة الإنجاز في واحد من أهم المشاريع الحيوية في دولة الكويت والمتمثل في جامعة الشدادية فكيف سيكون الحال مع بقية المشاريع الانشائية المتعلقة بالكليات؟
وأشار العتيبي إلى أن لجنة الميزانيات ناقشت التقرير وأشارت إلى ارتفاع تسوية ملاحظات ديوان المحاسبة بشكل إيجابي وتصنيف الجامعة من قبل الديوان انها من ضمن الجهات الجديدة في تسوية ملاحظاتها بشكل إيجابي.
واكد ضرورة تلافي الملاحظات المالية والإدارية الأخرى التي وردت بالتقرير وعلى رأسها صرف مبالغ مالية بناء على لوائح غير معتمدة من ديوان الخدمة المدنية، لكي تبرهن الجامعة على جديتها في تسوية ملاحظات الجهات الرقابية بشكل كامل.
وطالب إلى الالتفات إلى الملف التعليمي والذي يعد من أهم الملفات الذي يتصدر أهم أولوياته، مشيرا الى ضرورة التجاوب مع الجامعة إذا أرادت إعادة ترتيب بنود ميزانية البحث العلمي حسب أولوياتها بموافقة المجلس ولجنة الميزانيات ووفق النظم المعمول بها.
وقال العتيبي سنمد يد العون للجامعة فيما تطلبه على امل ان يتحسن تصنيفها العلمي وسنراقب تحركات التنفيذيين فيها في الفترة القادمة.
بدوره طالب النائب سعدون حماد اللجنة التعليمية بدراسة أسباب تراجع مستوى جامعة الكويت وانحدار تصنيفها بين الجامعات العربية والخليجية، مؤكدا أن اللجنة مطالبة بإعداد تقرير متكامل حول هذا الموضوع يتضمن أسباب التراجع والإجراءات والتشريعات المطلوبة لمعالجة الخلل.
وقال حماد: إنه أمر مؤسف أن تكون جامعة الكويت أقدم جامعة خليجية وتحل في مراكز متأخرة في التصنيف بين الدول العربية والخليجية، مبينا أن التعيينات في الجامعة يجب أن تكون مبنية على أسس صحيحة ووفقا للكفاءة، بعيدا عن الواسطة والمحسوبة والتدخلات السياسية.
وطالب بالاستفادة من خبرات الدول الأخرى في المجال التعليمي، وأن تحذو الكويت حذو الدول الخليجية التي افتتحت لديها أفرعا للجامعات العالمية المعروفة وان يتم تشجيع المنافسة في المجال التعليمي.
وأضاف: يجب الاستعانة أيضا بكوادر تعليمية على مستوى عال من الكفاءة، مؤكدا أن هذه الإجراءات ستنعكس إيجابا على المخرجات التعليمية.
إلى ذلك رأى النائب د. عودة الرويعي أن تراجع تصنيف جامعة الكويت أمر طبيعي نتيجة للمشاكل الكثيرة التي تواجهها الجامعة، مؤكدا أن الجامعة تزخر بالكفاءات المتميزة من الإداريين وأعضاء هيئة التدريس.
وأشار إلى أن تلك الكفاءات لا تتحقق طموحاتهم وأحلامهم وجهودهم نتيجة أسباب ليس لها علاقة لا بالبحث العلمي ولا بالتدريس.
وقال الرويعي: إن جامعة الكويت يفترض ان تكون جامعة بحثية وهذا هو الهدف من إنشائها، وهي من الجامعات التي تمنح الدرجات العلمية العليا مثل الدكتوراه والماجستير، وكانت بها البرامج متميزة، وأنها كانت رائدة وشعلة نور وعلم في المنطقة.
ورأى أن جامعة الكويت وبعد فترات من التميز والتنافسية مع جامعات أخرى أصبحت مثقلة باللوائح والقوانين التي أرهقتها وأرهقت حتى القانون رقم 29 لسنة 1966 الذي يعنى بالتعليم العام الذي استخلصت منه جامعة الكويت.
وأعرب عن أسفه عن انحدار جامعة الكويت في مستوى الأداء والإنتاجية البحثية ودعم البحوث، وأيضا من ناحية التميز في التدريس والبرامج العلمية.
وبين أن هذا الانحدار جاء لأسباب عديدة منها أن جامعة الكويت يفترض ان يكون مبناها الحالي مؤقتا، لكنه أصبح دائم على مدى 50 عاما، ما عطل الكثير من المشاريع مع الانفجار السكاني وتغير متطلبات الحياة.
وأكد أن معالجة هذا الخلل تقتضي أن تكون الجامعة موحدة من حيث المبنى والنشأة والكينونة، وأن تنتقل إلى مبنى متكامل وهو الموجود في منطقة الشدادية، لافتا إلى أن هذا الأمر يجب التركيز عليه.
وبين أن قضية التعيينات في الجامعة والبعثات يفترض ان تكون بمنأى عن التجاذبات، معتبرا أن هناك مشاكل كثيرة بسبب التعيينات المبنية على الواسطة وعدم الإستحقاق، ما نتج عنه تدني المستوى التعليمي والمخرجات التي لم تبنى على التميز وتكافؤ الفرص، وإنما بنيت على العلاقات.
ولفت الرويعي إلى ان هذا الأمر خلق إشكالية كبيرة للأشخاص الذين لم يتمكنوا من استكمال دراسته او الذين تم تغيير البرامج التي ابتعثوا من أجلها، متمنيا أن تعمل الحكومة على زيادة التنافسية من خلال إنشاء جامعات حكومية أخرى غير الموجودة حاليا.