عندما انتشر خبر تورط رئيسة كوريا الجنوبية (بارك غوين هيه) في قضايا فساد، ذاع صيتها في طول البلاد وعرضها، خرجت جماهير الشعب الكوري غاضبة لأن الرئيسة خانت ثقتهم، ولأن دولة سجلت اسمها كرابع اقتصادات العالم، لا يجوز أن يستمر في حكمها رئيس أو رئيسة فاسدة، يصل بها الأمر حد ترك صديقتها المقربة تطلع على أسرار الحكومة، وتضغط على كبار الشركات من أجل التبرع لصالح مؤسسات تابعة لها.
لقد سجلت التظاهرات الكورية لمن تابعها سلوكا شعبيا وحكوميا لا مثيل له من حيث الانضباط أولا، ومن حيث احترام حقوق التعبير عن الرأي والموقف ثانيا، فلم نر أحدا يندفع لإحراق المباني ولا لسرقة المتاحف، أو إشعال النار في وثائق المؤسسات أو إلقاء الزجاجات الحارقة على رجال الشرطة، أو غير ذلك مما نراه في مثل هذه الظروف التي تنحرف فيها المشاعر وتختلط النوايا، وبدلا من الانتقام من المفسدين يتم الانتقام من الوطن وممتلكاته!
باختصار لقد شكلت التظاهرات الكورية ضد الرئيسة أقصى درجات ممارسة حق المواطنة، فلم يتورط المتظاهرون في أعمال شغب ضد مرافق الدولة.
إن الصور الكثيرة التي تناقلتها صحف ووسائل إعلام العالم تلفت النظر كثيرا وتدعو للتوقف مليا أمام حالة الانضباط والاحترام والصرامة الكورية في التعامل مع الرئيسة التي عزلت واقتيدت لمكتب النائب العام، وتم التحقيق معها، ومن ثم عرضت على المحكمة لاحقا، حيث لم يتم التجاوز عليها لا فعلا ولا لفظا، كما لم يتم محاباتها لأي سبب كان، بل سار كل شيء بمنتهى الدقة وكما ينبغي لدولة يحكمها القانون!
السيدة التي كانت منذ أشهر قليلة فقط تتربع على قمة هرم الحكم في رابع أقوى اقتصاد في العالم، وثاني أقوى اقتصادات آسيا، لم يكن ينقصها شيء من نفوذ وقوة وأموال، لكن الفساد حين يقع يصعب إيجاد مبرر له كما يصعب تفسيره، لذلك بكت (بارك غوين هيه) بحرقة أثناء اقتيادها لزنزانتها في الأول من أبريل الجاري، قبل أن يتم توجيه الاتهامات إليها بالفساد.
وفي زنزانة انفرادية حجمها 10.6 أمتار مربعة بمركز سيئول للاحتجاز أصبحت السيدة الأولى الرئيسة المحترمة (سابقا) السجينة رقم 503 من الآن وحتى انتهاء المدة! وقبل الدخول التقطت لغوين هيه (65 عاما) صورة نصفية كغيرها من المجرمين، وأعطيت أغراضا شخصية وصينية للطعام وبطانية فقط!