اختتم البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، زيارته إلى الكويت، وهي أول زيارة له منذ تنصيبه على رأس الكنيسة القبطية في نوفمبر عام 2012، بدعوة رسمية من سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد.
وحظيت الزيارة بنصيب وافر من وسائل الاعلام المحلية والمصرية والدولية ، ووصفها العديد بالزيارة التاريخية إلى تجسد العلاقات الأخوية والمتميزة بين الكويت ومصر، حيث أكد قداسته في كلمة ارتجلها أنه سيذكر الكويت بكل حب حينما يعود إلى أرض مصر وأن قلبه وعقله يحملان الحب للكويت وأميرها وشعبها.
وفي مؤتمر صحافي أقيم في الشيراتون خلال زيارة البابا تواضروس للكويت اكد قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية وسائر بلاد المهجر ان الحوادث التي تحدث في مصر لا يقصد بها الأقباط وإنما يقصد بها «قلب مصر» وضرب وحدتها.
وشبه البابا مصر بالمعبد، وقال: أساس قوة واستقرار المعابد انها تقام على عدة أعمدة لا يمكن الاستغناء عن عمود منها، والا تعرضت للانهيار، وأعمدة مصر هي الجيش والشرطة والقضاء والازهر والكنيسة اضافة إلى مؤسسات الدولة الاخرى.
وقال قداسة البابا: ان الاعمال الإرهابية لا تمثل أي دين «ولا تمثل الدين الاسلامي في سماحته على الرغم من ادعاءات منفذي العمليات الإرهابية بأنهم ينتمون إلى الاسلام، ولن تؤثر الاعمال الإرهابية على الوحدة المصرية بل ستزيدهم قوة ومحبة».وزاد قداسة البابا: ان هؤلاء الإرهابيين الذين نصلي من اجلهم- يعلنون انهم يتبعون الإسلام بفهمهم الخاطئ وهم يشوهون صورة الإسلام، لابد ان تكون هناك وقفة لهذا التشويه للاسلام، وهذا مسوؤلية المؤسسات الإسلامية لتصحيح هذه الصورة، فأثر هذه الأفعال يطول كل المجتمع وليس الاقباط فقط كما ينبغي ان تجتمع الدول وتضع حلولا جريئة لمواجهة هذا الإرهاب حتى لا يرتبط الإسلام بالإرهاب رغم ان الحقيقة والواقع اننا نتعايش معا في سلام بعيدا عن هؤلاء وفي الواقع المصري لا يمكن ان نفرق بين المسيحيين والمسلمين وتشهد على ذلك الحياة الاجتماعية في مصر.
وأشار قداسة البابا إلى أن الحوادث التي تحدث في مصر لا يقصد بها الأقباط وإنما يقصد بها «قلب مصر» وضرب وحدتها، ولم توجه إلى أقباط مصر، وإنما استهدفت الجيش والشرطة والقضاء والمؤسسات والناس العادية في الشارع إلا انها لن تؤثر فيها وان كنا نتألم وننزعج.
ولفت إلى ان التفكير في ضرب وحدة مصر غير صحيح لان الوحدة المصرية ليست وليدة اليوم، فالوحدة المصرية متجذرة منذ 14 قرنا وليست حديثة العهد، وهذه الوحدة وهذا التلاحم قوي جدا على ارض الواقع، ومثل هذه الحوادث الإرهابية لا تؤثر فيها.
وفيما يتعلق بما اذا كانت المؤسسات الأمنية تتحمل أي قصور، قال البابا: ان المؤسسات الأمنية تقوم بدورها كاملا ولا يوجد اي تقصير.
وعن محاولات تهجير المسيحين في الدول العربية وعدم قبول بعض الطبقات الشعبية للمسيحيين، أكد البابا أن الجماعات الإرهابية تستهدف تفريغ الشرق، وما يجري بالمنطقة والشرق الأوسط من أعمال إرهاب استثناء لن يستمر، والمسيحيون سيعودون لأماكنهم.
وأضاف: هذه المنطقة نشأت وعاشت عليها الأديان وأراد الله ان توجد في هذه المنطقة لتحقيق نوع من الثراء والغنى، لذلك لا يمكن ان نتخيل منطقة الشرق الأوسط بدون المسيحيين، فهذا فيه خطورة شديدة حتى على الوجود الإسلامي، ولابد ان نكون واعين لهذا الخطر، فالوجود الإسلامي يسند الوجود المسيحي والعكس، فالوجود المسيحي له جذور متأصلة في كل الدول العربية والمسيحية ليست وافدة في الشرق الأوسط حتى في جزيرة فيلكا وجدوا آثارا لكنائس قديمة، مضيفا ان ذلك ليس مسؤولية الكنيسة وانما مسؤولية الدول، فلابد ان تحوي كتابا مقدسا كما تحوي القرآن الكريم.
وعما اذا كان مسيحيو الشرق الأوسط يدفعون فاتورة التغيرات السياسية مثلما يحدث في العراق وسورية وغيرهما، وربطه بما يحدث في مصر من تهجير للأقباط، قال قداسة البابا: مصر بلد كبير ولها تاريخ عريق وحضارة راسخة، وان ما حدث في سيناء ليس تهجيرا وإنما انتقال من منطقة يوجد بها خطر إلى منطقة أخرى آمنة لحين زوال هذا الخطر مثلما حدث اثناء الحرب العالمية الثانية مع سكان مدن قناة السويس، وهذا لا يقارن بما يحدث في العراق او سورية، لافتا إلى ان مصر تحوي اكثر من 5 آلاف قرية وما يحدث في قرية واحدة لا يعتبر تعميما وإنما حالات فردية او استثنائية، مشيرا إلى ان الاعلام في كثير من الأحيان يضخم الأمور.
وأكد ان النازحين من سيناء قدمت لهم الدولة كل الخدمات الصحية والتعليمية والسكنية لحين انتهاء هذه الازمة.
وفيما يتعلق بإعداد منهج المواطنة والاخلاق في مصر، قال البابا تواضروس: هناك منهج اهتمت به وزارة التربية والتعليم المصرية وهو خاص بالمواطنة والأخلاق ويضم فصولا تتعلق بالمسيحية وفصولا تتعلق بالإسلام ونفذ بالتعاون مع الأزهر، وقد شاركت في إعداد هذا المنهج وهو احدى الوسائل التي يمكن ان تواجه بها مصر الفكر المتطرف الذي تتأثر به حاليا، وارجو ان يأخذ مجاله على ارض الواقع من التطبيق.
وردا على سؤال حول ما اذا كانت هناك ضرورة لتجديد الخطاب الأخلاقي بالتنسيق ما بين الازهر والكنيسة اسوة بتجديد الخطاب الديني، قال البابا: ان الاخلاق لا تتجدد وانما يوجد اهتمام بالاخلاق والمبادئ الإنسانية، وهو ما يحاول الازهر ان يوجده، واكد ان التعليم الكنسي له دورة سنوية لذلك فان ما يقال في كنيسة الكويت يقال في كل الكنائس الموجودة في العالم، لذا يمكن القول: ان هناك نوعا من الثبات في الخطاب الديني المسيحي.
وتطرق إلى بيت العائلة، فقال: هي مؤسسة نحاول من خلالها الوصول إلى المناهج الوسطية التي نحمي بها الشباب من الأفكار المتطرفة ونحاول ان نشارك في بعض الموضوعات، وقد اجتمعنا مؤخرا بحضور فضيلة شيخ الأزهر وبعض المؤسسات لنحاول ان نرجع ما يسمى بالزمن الجميل في الأخلاق والمبادئ الانسانية والإعلام والثقافة.