يحل الرئيس عبدالفتاح السيسي ضيفا على دولة الكويت هذه الأيام بدعوة كريمة من سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد.
وتأتي هذه الزيارة تأكيدا لعمق العلاقات بين البلدين وتوافق الرؤى حيال قضايا الإقليم وتكتسب أهميتها من اهتمام قيادتي البلدين بالعمل العربي المشترك ووضع مصالح الشعب العربي في قمة الأولويات.
والراصد للعلاقات المصرية ـ الكويتية يكتشف الثراء والتوسع في مختلف المجالات الثقافية والاقتصادية والسياسية والعسكرية التي تعبر عن مصير مشترك يمتد إلى أعماق التاريخ، فالعلاقات تعود بدايتها إلى منتصف القرن الـ 18 عندما استقبل حاكم الكويت آنذاك الشيخ جابر بن صباح أحد كبار ضباط الحملة المصرية على الإحساء برئاسة خورشيد باشا، واحتفى حاكم الكويت بمندوب خورشيد باشا واستعرض الطرفان الأوضاع على ساحل الخليج العربي.
وكانت البداية الفعلية لعلاقات الإخوة والصداقة عام 1919 عندما قام الشيخ أحمد الجابر ولي عهد الكويت بزيارة إلى القاهرة في طريق عودته من بريطانيا واحتفت به الحكومة المصرية احتفاء كبيرا، واستقبلت مصر أول بعثة طلابية كويتية عام 1939 للدراسة في الأزهر الشريف وساهمت مصر في بداية إنشاء التعليم النظامي الحديث عام 1942 عندما أرسلت البعثة التعليمية وكانت رواتبهم تدفع مناصفة بين معارف الكويت والحكومة المصرية وأحضرت البعثة معها الكتب والكراسات ولوازم التعليم الأخرى كما ساهمت مصر في تطوير التعليم في المعهد الديني بإشراف الأزهر الشريف.
وفي مارس 1953 تلقى الشيخ عبدالله الجابر رئيس المعارف دعوة إلى زيارة القاهرة واستُقبل بحفاوة وترحيب من اللواء محمد نجيب وقادة الثورة، وساهمت الزيارة في توطيد العلاقة بين البلدين.
وكان موقف مصر واضحا من تهديدات عبدالكريم قاسم في يونيو 1961 بعد إعلان استقلال دولة الكويت وسارعت بالتنديد بالموقف العراقي وأكدت أنها لا تقبل منطق الضم مع إيمانها بالوحدة الشاملة، وشاركت مصر في قوة الطوارئ العربية التي وصلت إلى الكويت في سبتمبر 1961 مكونة من السعودية والأردن والسودان وتونس إضافة إلى مصر.
وتكرر موقف مصر المبدئي عندما قام صدام حسين بغزو الكويت في أغسطس 1990، ولعبت مصر دورا سياسيا كبيرا في دعم الحق الكويتي المشروع وشاركت قواتها ضمن قوات الشرعية الدولية لتحرير الكويت فبراير 1991.
وكان للكويت مواقف مشرفة في دعم مصر في مختلف الأزمات، ففي عدوان 1956 انتفض الشعب الكويتي وقامت تظاهرات تندد بالعدوان وتبارت الهيئات الشعبية في جمع التبرعات لدعم مصر.
واستمر الموقف الكويتي وتطور إلى دعم تسليح الجيش المصري بعد نكسة 1967 والوقوف مع مصر لإزالة آثار العدوان، واختلط الدم الكويتي بالدم المصري في منطقة السويس وتكرر موقف الكويت في حرب أكتوبر 1973 بالدعم بالمال ومشاركة القوات الكويتية في العمليات العسكرية على قناة السويس.
وهناك صور أخرى لعلاقات التعاون بين البلدين في مختلف المجالات من أبرزها صور الدعم الاقتصادي الكويتي لمصر بمختلف الأشكال والصور.
وتأتي زيارة الرئيس السيسي تتويجا لهذا التاريخ الطويل في علاقات البلدين التي تنتظر مستقبلا واعدا لخدمة أماني الشعب العربي في كل مكان بفضل حكمة قيادتي البلدين.