توجت القمة السعودية ـ الأميركية التي عقدها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتوقيع سلسلة من الاتفاقيات تفوق قيمتها 350 مليار دولار إضافة إلى توقيع الرؤية الاستراتيجية المشتركة بين البلدين.
كما وقع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي ووزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون اتفاقية لتطوير وتحديث القوات المسلحة السعودية.
وحظي ترامب باستقبال تاريخي في المملكة، فمن الصور الضخمة والأضواء، إلى الطلقات المدفعية والطلعات الجوية، استقبلت المملكة السعودية بحفاوة السبت 20 مايو، الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أول زيارة خارجية له منذ تسلمه منصبه في يناير 2017.
وحطت طائرة «اير فورس وان» في مطار الملك خالد في الرياض عند الساعة 09.50 بالتوقيت المحلي (06.50 ت غ)، وتوقفت أمام سجادة حمراء، ثم فتح باب الطائرة وظهر أحد مرافقي الرئيس الذي انتظر وصول السلم لبدء خروج الوفد.
وعند مدرج الطائرة، استقبل الملك سلمان بن عبدالعزيز (81 عاما)، متكئا على عصا، الرئيس الأميركي وزوجته ميلانيا التي ارتدت ملابس مغايرة تماما لتلك التي غادرت بها الولايات المتحدة: سروال أسود فضفاض مع قميص أسود وحزام ذهبي، مكشوفة الشعر، بدل القميص الأبيض الضيق والتنورة البرتقالية في بداية رحلتها.
وأطلقت المدفعية فور وصول ترامب طلقات ترحيبية، وحلقت مجموعة من الطائرات السعودية ترحيبا، بحسب وكالة الأنباء الرسمية.
وسار ترامب والملك جنبا إلى جنب وخلفهما السيدة الأولى بين صفين من حرس الشرف السعودي، ثم توقفا لبضع دقائق في صالة كبار الشخصيات حيث جلس الملك بين الرئيس الأميركي وزوجته وتناولوا القهوة.
ومن الباب الخلفي للطائرة، خرجت ابنة ترامب ايفانكا، مرتدية ثوبا طويلا باللونين الأسود والأبيض، وزوجها جاريد كوشنر، يدا بيد، إلى جانب أعضاء آخرين في الوفد بينهم المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر ومساعدة مستشار الأمن القومي الأميركية المصرية الأصل دينا حبيب باول.
وتوجه الملك سلمان بالحديث إلى ترامب مبتسما، ثم رافقه في سيارة رئاسية سوداء حملت العلمين السعودي والأميركي ضمن موكب كبير إلى مقر اقامته في أحد فنادق العاصمة. وخلت الطرقات التي زينت بالأعلام وبصور الملك وترامب إلا من سيارات الشرطة.
«العزم يجمعنا»
وكانت سلطات الرياض أغرقت شوارع العاصمة بصفوف طويلة من أعلام البلدين، وباللوحات الضخمة التي جمعت العاهل السعودي وترامب وإلى جانبهما شعار الزيارة «العزم يجمعنا».
وواكبت وسائل الإعلام السعودية الزيارة، وبثت القناة الرسمية الاستقبال من اللحظة التي حطت بها الطائرة الرئاسية في المطار وحتى وصول ترامب يرافقه الملك إلى مقر إقامة الوفد الزائر.
وفي خطوة استثنائية، منحت المملكة تأشيرات لمئات الصحافيين الأجانب لتغطية الزيارة، إلا أنها وضعت قيودا على تحركاتهم وعلى حضورهم للفاعليات الرئيسية. وفي المركز المخصص الإعلاميين في أحد الفنادق الكبرى على بعد نحو عشرة كلم من مقر إقامة ترامب، اكتفى صحافيون بتصوير لحظات وصول الرئيس الأميركي بهواتفهم من على شاشات التلفزيون.
وعلى الواجهة الضخمة لمبنى الفندق الذي يقيم فيه ترامب، يعكس عرض من الأضواء صورة البيت الأبيض على المبنى، قبل أن يتحول إلى معالم من السعودية، ثم يعكس صورتين كبيرتين للملك لسلمان ولترامب وبينهما يدان تتصافحان.
وقبل وصول ترامب، أطلقت الرياض موقعا إلكترونيا خاصا بالزيارة تصدره عد تنازلي باليوم والساعة والدقيقة والثانية لوصول الرئيس الأميركي إلى المملكة، مرفقا بعبارة «القمة العربية الإسلامية الأميركية ـ قمة تاريخية لغد مشرق».
وقد شهدت القمة التي عقدت في قصر اليمامة بالعاصمة السعودية الرياض، توقيع الرؤية الاستراتيجية المشتركة بين البلدين، كما وقعت اتفاقيات بين الرياض وواشنطن بقيمة 280 مليار دولار، ستوفر مئات آلاف الوظائف في البلدين.
كما شهد الملك سلمان والرئيس ترامب توقيع عشرات الاتفاقيات في المجالات العسكرية والتجارية والطاقة والبتروكيماويات.
وحضر خادم الحرمين والرئيس الأميركي كذلك التوقيع على عدد من الاتفاقيات مع شركة أرامكو السعودية، كذلك تم التوقيع على اتفاقية في مجال الاستثمارات البتروكيميائية «اتفاقية تأسيس مصنع للإيثيلين في الولايات المتحدة»، كما تم الاتفاق على التعاون على تطوير التطبيقات الخاصة بالرعاية الصحية «نظام بريدكس».
وأيضا تم التوقيع على اتفاقية مع شركة جي اي هشام باهكالي لتبادل خطاب نوايا بين وزارة الصحة وشركة جنرال إلكتريك، وكذلك التوقيع على اتفاقية في مجال توليد الطاقة.
وفي مجال التعدين، تم توقيع 3 اتفاقيات تعاون بين الرياض وواشنطن، كما تم توقيع اتفاقية تعاون في المجالات الصحية.
وفي مجال النقل الجوي، تم توقيع اتفاقية شراء طائرات. كما تم توقيع اتفاقية في مجال الاستثمارات العقارية.
في الأثناء، قال مسؤول في البيت الأبيض إن أميركا بصدد توقيع اتفاقيات نوايا دفاعية مع السعودية، بقيمة نحو 110 مليارات دولار.
وأضاف في بيان أن الاتفاقيات هدفها التصدي لـ«تهديدات» ايران ودعم جهود المملكة العربية السعودية في «مكافحة الإرهاب».
وفي المجال العسكري أيضا، وقعت اتفاقية تقضي بتجميع عدد من الطائرات المروحية لشركة «لوكهيد مارتن» من نوع بلاكهوك في السعودية.
وكان الرئيس التنفيذي لشركة النفط الوطنية العملاقة أرامكو السعودية أمين الناصر أعلن في وقت سابق أن الشركة تعتزم توقيع صفقات قيمتها 50 مليار دولار مع شركات أميركية في إطار مسعى لتنويع موارد اقتصاد المملكة المعتمد على صادرات النفط.
كما أعلنت شركة جنرال إلكتريك توقيع صفقات بقيمة 15 مليار دولار مع المملكة العربية السعودية.
وقبيل الزيارة أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أن زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المملكة «ستحقق الأمن والاستقرار للمنطقة والعالم».
وقال الملك سلمان بن عبدالعزيز، في تغريدة على تويتر: «نرحب بفخامة الرئيس الأميركي في المملكة. ستعزز زيارتكم تعاوننا الإستراتيجي، وستحقق الأمن والاستقرار للمنطقة والعالم».
وبحث صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية مع الرئيس ترامب العلاقات الثنائية المميزة التي تربط بين البلدين الصديقين وتنامي هذه العلاقات لما فيه صالح الشعبين السعودي ـ والأميركي.
وأشاد الرئيس الأميركي في بداية اللقاء بالتعاون البناء القائم بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية في جميع المجالات، واصفا لقاءه بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وتبادل الاتفاقيات بين البلدين بأنه «شيء عظيم».
كما جرى خلال اللقاء بحث التعاون الثنائي القائم بين المملكة وأميركا في مجال مكافحة الإرهاب، إلى جانب مناقشة آخر تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط والجهود المبذولة تجاهها وموقف البلدين منها.