الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال زيارته السعودية اعرب عن تفاؤله بمستقبل العلاقة بين الولايات المتحدة والمملكة. لكنه عاد إلى الوراء ايضا حين قال إن الملك عبدالعزيز «هو الذي بدأ الشراكة الدائمة بين بلدينا»، مشيرا إلى لقاء مؤسس المملكة مع الرئيس الاميركي فرانكلين روزفلت.
في تقرير لمجلة تايم ، نقلته «ايلاف»، كان روزفلت عائدا من قمة يالطا مع تشرتشل وستالين حين اجتمع في 14 فبراير 1945 على متن البارجة الاميركية كوينسي مع الملك عبد العزيز بن سعود، الذي وصفته مجلة «تايم» وقتذاك بأنه «من الحكام الأحياء القلائل الجديرين بهذا الاسم».
تحدث الكولونيل وليام إيدي، الذي شارك في تنظيم القمة، كيف انسجم الزعيمان، لا في القضايا السياسية فحسب، بل على المستوى الشخصي ايضا. وأهدى روزفلت الملك طائرة مدنية من طراز دي سي 3 «كانت مجهزة حتى بعرش دوار، بحيث يكون الملك دائما باتجاه القبلة في أثناء السفر جوا»، إضافة إلى كرسي متحرك بعد أن شكا الملك من مشكلات في الركبة تعيقه عن المشي، بحسب تأريخ ذلك اللقاء نشره سلاح الهندسة في الجيش الاميركي.
يُقال إن الرئيس الاميركي رفض التنازل عن طباخه الذي أعد فطيرة تفاح للملك، وسمح بدلا من ذلك لطباخ السفينة بتدريب طباخ الملك على صنعها. كانت تلك أول زيارة للعاهل السعودي خارج مملكته.
لكن الأهم من الهدايا كانت العلاقة التي دشنها ذلك اللقاء، بما في ذلك الدعم الاميركي للسعودية وعمل الشركات النفطية الاميركية في المملكة.
كان اللقاء حلقة واحدة في سلسلة استمرت حتى نهاية الحرب العالمية، حين أدركت الولايات المتحدة أهمية السعودية استراتيجيا، بما تتوافر عليه من ثروات نفطية ضخمة.
كانت عين أميركا الأخرى مصوبة نحو سورية، ممهدة الطريق لصراع بينها وبين روسيا ما زال مستمرا حتى اليوم.
وكتبت «تايم» في حينه: «العالم العربي مهم بسبب موقعه وليس بسبب ما يملكه. إن نظرة على خرائط الثلاثة الكبار تبين أن موقعه الاستراتيجي مهم اليوم اكثر من أي وقت مضى: طهران في الشمال الشرقي ويالطا في الشمال الغربي والبحيرة المرة الكبرى في الجنوب الغربي».
ونوّهت المجلة بأن العالم العربي يطل على البحر المتوسط والبحر الأحمر وعبره يمر طريق الهند من جهة الخليج وبحر العرب، وفيه مناطق من أغنى مناطق العالم بالنفط.
تجاور العالم العربي من الشمال والشرق تركيا وايران المسلمتان لكن غير العربيتين، وهو قريب من البحر الأسود وبحر قزوين الواقعين على بوابات روسيا، التي قد تجد لها منافذ في جنوبه.
أكدت «تايم» اهتمام الغرب بالعالم العربي، حيث «تتشبث فرنسا ببقايا امبراطوريتها في الشام «سورية ـ ولبنان» ولن تتخلى عنها من دون مقاومة قد تهدد التعاون الدولي من أجل السلام. وأن ملايين في الغرب لا يمكن أن ينسوا العالم العربي لأنه يضم فلسطين».
أضافت المجلة أن الملك عبدالعزيز بن سعود يمثل القضية العربية ويتحدث دائما باسمها من أجل فلسطين عربية بالكامل، في حين أن الحكومتين الاميركية والبريطانية ملتزمتان بإقامة فلسطين يهودية ـ ليست بالضرورة يهودية تماما، ولكن بأعداد كبيرة من اليهود لا ترضي العرب الذين عاشوا في فلسطين منذ قرون.
وتوقعت «تايم» أن تؤدي نتائج مؤتمر يالطا إلى تفاقم «هذه المشكلات المتفجرة»، على حد وصفها قائلة إن إعلان القرم الذي حدد مجالات تعاون الثلاثة الكبار في أوروبا لم يتناول الشرق الأوسط وقلبه العربي.
ولاحظ العالم أن فرانكلين روزفلت وونستون تشرتشل حين كانا في طريقهما إلى مصر قادمين من يالطا اجتمعا، كل على حدة، مع الملك عبدالعزيز والملك فاروق وامبراطور الحبشة هيلا سيلاسي.
ختمت «تايم» تقريرها بالقول: «هذه المنطقة تشهد صعود قوة جديدة والملك عبدالعزيز يقف على رأسها. هذه القوة هي القومية العربية، ذلك الحلم القديم والمجهض في أحيان كثيرة، الذي يكتسب الآن حياة حقيقية في القاهرة».
في 5 أبريل، كتب روزفلت رسالة إلى الملك عبدالعزيز بن سعود يتعهد فيها بالتعاون مع الملك في القضايا المتعلقة بفلسطين. وبعد اسبوع، في 12 ابريل، توفي روزفلت.
في عهد هاري ترومان، صوتت الولايات المتحدة مع قرار الأمم المتحدة تقسيم فلسطين في اواخر 1947. لكن نظرة أميركا إلى السعودية بوصفها حليفا استراتيجيا لم تتغيّر منذ ذلك اللقاء التاريخي الأول.