لا يسع المرء وهو يستحضر الذكرى السنوية الـ13 لعودة العلاقات الدبلوماسية العراقية الكويتية إلا أن يستذكر شريط العلاقة بين البلدين الجارين الشقيقين بما شهده من مد وجزر حتى صار لسنوات طويلة مؤشرا لرسم تاريخ المنطقة ومحركا للعلاقات الدولية بأسرها.
كما لا تغفل العين عن خط الحدود البرية العراقية الكويتية المشتركة بما شهده من تناقضات السلب والايجاب، فتلك الحدود التي انتهكها جيش صدام حسين غازيا في عام 1990 هي ذاتها التي تمر عليها اليوم قوافل الإغاثة الكويتية باتجاه الشمال لتقديم الدعم والمساعدات للنازحين العراقيين في محنتهم وهم يقارعون قوى الإرهاب والتطرف.
كما أن الحدود التي مرت عبرها «القداحات» التي أضرمت النار في حقول النفط الكويتية إبان الغزو هي بعينها التي مرت عبرها في الاتجاه المعاكس معدات الإطفاء التي أرسلتها الكويت قبل أشهر للمشاركة في اخماد نيران الحقول النفطية في الموصل.
مثال يحتذى
تاريخ مزدحم بالأحداث والشجون كلما استحكمت حلقاته انفرجت نحو صورة جديدة من التآخي والاقرار للآخر بالجميل وتجاوز عثرات الماضي وكأن المصير الجغرافي والاجتماعي المشترك يأبى لهذين البلدين إلا أن يرتبا علاقة أخوية تعد مثالا يحتذى كما وصفها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي.
وقال العبادي في لقاء بمناسبة ذكرى عودة العلاقات إنه «على الرغم من أن النظام السابق حاول أن تكون علاقتنا بالكويت علاقة دموية تعسفية لكننا ولله الحمد نجحنا اليوم كدولتين من أن نحول تلك العلاقة إلى مثال يحتذى في المنطقة، وأن نعمل على إعادة التوازن إلى تلك العلاقات وقد نجحنا في ذلك إلى درجة كبيرة».
إنهاء الملفات
وأعرب عن أمله في انهاء كل الملفات العالقة بين البلدين منذ غزو الكويت بما فيها ملف التعويضات الكويتية التي لم يتبق منها سوى مبلغ 6، 4 مليارات دولار مؤكدا التزام العراق بسدادها كونها قرارا أمميا واجب التنفيذ.
كما تعهد العبادي بانهاء كل الملفات الأخرى مع الكويت ومنها ملف المفقودين الكويتيين، مؤكدا أن بلاده زودت الحكومة الكويتية بمعلومات كثيرة بهذا الخصوص.
ودعا العبادي إلى مزيد من التعاون بين البلدين لتجاوز ما تبقى من متعلقات، مؤكدا أن بغداد مستعدة لهذا التعاون لدفع العلاقة بين البلدين إلى الأمام وبما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين.
وأكد ان حكومته تشجع الاستثمارات الكويتية في العراق وتحث على المزيد من التعاون بين البلدين في مختلف المجالات الثنائية الأخرى.
تحسن ملحوظ
ولا تختلف رؤية السلطة التشريعية في بغداد عن رؤية السلطة التنفيذية بشأن علاقات البلدين، فالنائب الأول لرئيس مجلس النواب العراقي همام حمودي أكد أن هذه العلاقات شهدت تحسنا ملحوظا في الآونة الأخيرة مدفوعة بمساع جادة من البلدين لتحسينها.
وأشاد حمودي بمساعي القيادة الكويتية وعلى رأسها سمو أمير البلاد «الذي حرص على أن يكون من بين أوائل القادة العرب الذين زاروا العراق بعد التغيير».
ونوه بمساعي سموه التي ساهمت في رأب الصدع بين البلدين وقال إنها «لم تقتصر ثمارها الإيجابية على العلاقات بين البلدين فحسب بل شملت جميع شعوب المنطقة».
وأكد حرص العراق على إزالة كل مخلفات مرحلة النظام البائد والتأسيس لعلاقات متينة بين الدولتين الجارتين معربا عن التقدير للدعم الإنساني الذي تقدمه الكويت للشعب العراقي، لاسيما في مجال بناء المدارس وهي «رسالة جميلة للأجيال المقبلة».
دعم الاستقرار
في المقابل قال سفير الكويت في العراق سالم الزمانان إن موقف الكويت ثابت في دعم أمن ووحدة وسيادة واستقرار العراق الشقيق من دون التدخل في شؤونه الداخلية، معربا عن أمله في أن تتكلل جهود تحقيق المصالحة الوطنية في هذا البلد بالنجاح.
ولفت إلى أن مشاركة سمو أمير البلاد في القمة العربية التي أقيمت في بغداد وهو الأعلى تمثيلا في مستوى المشاركة دليل على حرص الكويت على عودة العراق إلى مكانته الطبيعية في المنطقة.
وأفاد بأن الكويت لم تدخر أي جهد في سبيل مساعدة العراق وشعبه في كل المجالات، مشيرا إلى إنجازات الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية المتمثلة بإنشاء 23 مدرسة نموذجية في عدد من المحافظات العراقية، إضافة إلى المنحة الكويتية المخصصة لبناء مستشفى الجراحة في البصرة الذي وصل إلى مرحلة متقدمة من الإنجاز.
دحر «داعش»
وحول الحرب على الإرهاب أبدى السفير الزمانان تطلع الكويت إلى الاحتفال مع الأشقاء في العراق بإعلان النصر النهائي على ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
وأوضح أنه بناء على توجيهات سمو الأمير سارعت الكويت في مد يد العون للنازحين في محافظات الأنبار وصلاح الدين وديالى وكركوك ونينوى، إذ تعهدت في عام 2015 بتقديم 200 مليون دولار لإغاثة النازحين.
وعلى الصعيد السياسي قال الزمانان إن حكومتي البلدين قطعتا شوطا كبيرا في التفاهم والتنسيق والتعاون، حيث وصل عدد الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة بين البلدين إلى 53 اتفاقية ومذكرة نتيجة للأجواء الإيجابية والرغبة الأكيدة والنوايا الحسنة لدى البلدين.