• نوفمبر 21, 2024 - 4:42 مساءً

التنمية قضية مجتمع

من جديد تطرح قضية التنمية ودور الشباب الكويتي فيها نفسها بقوة، وتفرض على الجميع الاهتمام بها، والاشتغال بهمومها، والبحث عن مخارج لمعالجتها، عبر ندوات ومؤتمرات ومتابعات نيابية وشعبية عديدة. ولا شك أنها قضية بالغة الأهمية، كما أنها قضية دائمة ومستمرة، ولا ينبغي تجاهلها أو التغافل عنها في أي وقت.
ومن المهم ونحن نتناول هذه القضية أن نؤكد ضرورة المشاركة الفاعلة لشبابنا في تنمية وطنهم ومجتمعهم.. وحتى يحدث ذلك فلا بد من الإعداد الجيد لهذا الشباب علميا وعمليا. فما نلاحظه ويلاحظه الكثيرون أننا لا نزال نفتقر إلى الربط بين مخرجات التعليم وسوق العمل.. صحيح أن الكويت تستقبل سنويا آلاف الخريجين من جامعتها والجامعات الخاصة الموجودة لدينا، ومن كليات ومعاهد التعليم التطبيقي، وكذلك من الجامعات الأجنبية في الكثير من دول العالم، لكن مع الأسف الشديد هناك تكدس في تخصصات بعينها، أصبح لدينا فائض كبير من خريجيها، فيما لا نزال بحاجة ماسة إلى تخصصات علمية عديدة كالأطباء والمهن الطبية المساندة، والمتخصصين في الفيزياء والكيمياء والأحياء، وغيرها من التخصصات الدقيقة التي تمثل روح العصر، وتشكل أساس نهضة الأمم والشعوب.
يرتبط بذلك أيضا أهمية أن يكون هناك تناغم بين كل مؤسسات الدولة، في النظر إلى قضية التنمية، بحيث لا تكون هناك مؤسسات تبني وأخرى تهدم ما بناه غيرها. ونلفت هنا إلى فعالية الدور الذي يمكن أن يلعبه الإعلام والفن وكل وسائل التثقيف في هذا المجال.. فلا يجوز بحال الحط من قدر المهن والحرف المختلفة، أو النظر إليها باستخفاف واستعلاء، وقد آن الأوان أن نرى من شبابنا، خصوصا من خريجي «التعليم التطبيقي»، من يعمل في مهن النجارة والحدادة والسباكة والكهرباء وغيرها، وإلا فما جدوى وجود كل هذا العدد من الكليات والمعاهد في هيئة، قامت فلسفة إنشائها في الأصل على أساس أن تزود سوق العمل بالفنيين والتقنيين الكويتيين، وليس بعشرات الآلاف من الخريجين الذين يبحثون عن وظائف مكتبية، ويفاقمون من ظاهرة العمالة الزائدة أو البطالة المقنعة. وعلينا ألا ننسى أيضا دور البيئة الأسرية في هذا المجال.
إن التنمية قضية مجتمع بأكمله، وليست قضية الحكومة أو مجلس الأمة فقط، وعلينا أن نساهم جميعا في تفعيلها وجعلها حية ومتجددة على الدوام. ولن يتأتى ذلك إلا إذا أدركنا أن بناء أي دولة لا يأتي بالتمني، وإنما بإرادة حقيقية تعي قيمة العمل، وتؤمن بأنه شرف وواجب، وأن أبناء أي وطن هم القادرون على بنائه وإلحاقه بركب التقدم والتطور، وأنه لا غنى عن دورهم، مهما تمت الاستعانة بآخرين من خارج دولتهم. ولكن ذلك كله لا يتحقق إلا بشرط توافر الكفاءة المبنية على الدراسة المتخصصة والخبرة والجدية، أو كما لخصها أمير الشعراء أحمد شوقي بقوله :
وما نيل المطالب بالتمني.. ولكن تؤخذ الدنيا غلابا.

Read Previous

الرئيس ترامب: الامم المتحدة لم تحقق اهدافها بسبب سوء الإدارة

Read Next

الفريق محمد اليوسف يرفض الراحة بعد التقاعد: حاضر لخدمة الكويت كعمل وليس بمنصب شرفي

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x