ودعت الكويت أمس علما اقتصاديا بارزا هو العم سعد الناهض، رئيس غرفة التجارة والصناعة الأسبق، عن عمر ناهز الـ 86 عاما، بعد مسيرة اقتصادية ووطنية، كان خلالها اسما معروفا بنزاهته وعصاميته وخبرته الطويلة التي مكنته من تولي المهام التي أسندت اليه بنجاح وتميز كبيرين.
وذكرت الزميلة ( الأنباء ) أن الراحل شغل مناصب بارزة خلال مسيرته، حيث كان اول رئيس لمجلس ادارة البنك العقاري، ورئيس غرفة التجارة والصناعة، ورئيس لجنة المصارف، ورئيس اللجنة الكويتية الوطنية (غرفة التجارة الدولية)، ورئيس مجلس ادارة المجموعة الاستثمارية العقارية، بالاضافة إلى عضوية العديد من الهيئات والمؤسسات كجمعية الهلال الأحمر ومجلس الخدمة المدنية والمجلس الاعلى للجامعة ومؤسسة التأمينات الاجتماعية والبنك المركزي ومؤسسة الكويت للتقدم العلمي.
كان العم أبو مازن، رحمه الله، في كل المحطات والمناصب التي تولاها نظيف الكف، لا تسمع عنه الا طيب القول والاشادة لما تمتع به من طيبة قلب ونزاهة ويد بيضاء نظيفة واحترام الكبير والصغير على السواء من كل الذين عرفوه وتعاملوا معه، حيث كان، رحمه الله، قليل الظهور الاعلامي لقناعته بأن ما قدمه في كل مواقعه ما كان الا للكويت وواجب وامانة يجب القيام بها بصدق واخلاص كوظيفة او تطوع، تاركا الناس ترى وتعطي الرأي المناسب والأمين.
التجارة والاقتصاد
ولد العم سعد الناهض، رحمه الله، في ديسمبر 1935، ودرس لدى مدرسة عبدالوهاب العصفور في منطقة شرق (حي المطبة)، ثم في المدرسة الشرقية، وكان ناظره في المدرسة المرحوم فيصل العظمة ثم الناظر البخمي ثم الناظر عبدالحميد الحبشي، رحمهم الله.
ومع انتهاء تعليمه المدرسي، سلك الناهض، رحمه الله، طريق التجارة والاقتصاد من بداية مرحلة شبابه، حيث توجه لدراسة التجارة والاقتصاد في جامعة القاهرة عام 1958 بعد حصوله على الثانوية من الكويت في نهاية العام الدراسي 1956 ـ 1957.
ولم يكتف سعد الناهض بالحصول على بكالوريوس التجارة والاقتصاد من القاهرة عام 1958، فبعد 8 سنوات حصل على الدراسات العليا في الاقتصاد والادارة من جامعة لندن في عام 1963، وتقلد الناهض الكثير من المناصب الاقتصادية والخدمية في الكويت منذ تخرجه.
اول منصب تولاه الناهض، رحمه الله، في العمل الحكومي فكان عمله في ديوان الموظفين ثم مسؤولا بالشؤون الادارية في وزارة الصحة ثم وكيل وزارة الصحة العامة من عام 1969 حتى عام 1974، وبعد ذلك انتقل الى العمل المصرفي، حيث تولى رئاسة مجلس ادارة البنك العقاري لمدة 21 عاما وضع خلالها النظم والقواعد الاساسية لعمل البنك، وقد شهد البنك العقاري في فترة رئاسته الكثير من الخدمات المهمة التي طرحها البنك لعملائه، وقد رأس الناهض مجلس ادارة البنك العقاري في الفترة من عام 1974 الى عام 1995.
واثناء تولي سعد الناهض ادارة البنك العقاري الكويتي، ترأس العديد من مجالس ادارات بعض الشركات، كما كان عضو مجلس ادارة في البعض الآخر، كما ترأس بعض اللجان العاملة في الكويت، ففي الفترة من 1975 ـ 1977 ترأس الناهض مجلس ادارة المجموعة الاستثمارية العقارية، وكذلك ترأس مجلس ادارة بنك لبنان والكويت، في الفترة من 1987 ـ 1994، وترأس أيضا لجنة المصارف الكويتية (اتحاد المصارف الكويتية) في الفترة من 1987 حتى 1995، كما ترأس رحمه الله مجلس ادارة غرفة تجارة وصناعة الكويت منذ العام 2001 حتى 2004، وشغل عضوية العديد من مجالس الادارات في كل من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي وعضو مجلس ادارة في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.
وكان سعد الناهض، رحمه الله، عضو مجلس ادارة بنك الكويت المتحد والذي يتخذ من لندن مقرا له، حيث بدأت عضويته فيه منذ العام 1983 واستمرت حتى 1995، وفي العام 1984 اصبح الناهض، رحمه الله، عضو مجلس ادارة الخدمة المدنية، واستمر فيها حتى عام 1989، وفي الفترة من عام 1986 حتى العام 1994 كان سعد الناهض عضو مجلس ادارة البنك العربي المحدود، وفي العام 1993 اصبح الناهض عضو المجلس الاعلى للجامعة وذلك حتى العام 1996، ولنشاطه المعروف الذي يشارك به وبشكل دائم اصبح الناهض في العام 1995 ولمدة 4 سنوات عضو مجلس ادارة بنك الكويت المركزي وذلك حتى العام 1998. وتنوعت مشاركات الراحل في العديد من النشاطات والخدمات المصرفية والاجتماعية في البلاد، وكان الناهض، رحمه الله، خلالها رمزا من رموز الاقتصاد الكويتي، كما مثل الراحل قدوة للشباب الكويتي الطامح إلى تولي المناصب الاقتصادية والخدمية في الكويت.
الهلال الأحمر
عمله الانساني والخيري كانت له جذوره الراسخة، حيث عرف، رحمه الله، بعمله الانساني والخيري، فكان عضوا مؤسسا لجمعية الهلال الاحمر عام 1996، وشغل منصب امين الصندوق الفخري للجمعية من عام 1972 حتى عام 2018.
وعن اهم الاعمال الخيرية التي مارسها، قال الراحل في لقاء صحافي سابق: بعد تخرجي عام 1958 عملت بدائرة الصحة العامة واشرفت على لجنة لجمع التبرعات من العاملين بدائرة الصحة لصالح الشعب الجزائري، وبعد سنوات شاركت في تأسيس جمعية الهلال الاحمر، والعمل في الجمعية عمل انساني نبيل يشعر الانسان بالسعادة وحب الناس.
وفي العام 2018 ترجل العم سعد علي الناهض، من مجلس إدارة جمعية الهلال الأحمر الكويتي، بعد 52 عاما من تأسيسه مع مجموعة من اخيار البلد للجمعية عام 1966، شارك خلالها في جميع اجتماعات مجلس الإدارة.
كان لرأيه السديد واقتراحاته البناءة رحمه الله، الأثر الأكبر في تبوؤ الجمعية مركزا مرموقا بين نظرائها من جمعيات الهلال الأحمر العربية والعالمية، فصنفت كواحدة من أفضل عشر جمعيات عالمية في عملها الإنساني، وصنفت دولة الكويت مركزا للعمل الإنساني.
غرفة التجارة
في مايو 2001 عقد مجلس ادارة غرفة تجارة وصناعة الكويت اجتماعا لاختيار رئيس جديد له، وفاز بالتزكية حينها سعد الناهض بعد حصوله على دعم قوي من اعضاء المجلس.
وتحدث الناهض، رحمه الله، بعد تزكيته، فوجه الشكر إلى مجلس إدارة الغرفة على ثقتهم، مؤكدا أن من واجبه ومسؤوليته العمل على تحديث وتطوير النظم بما يواكب روح العصر، وينسجم مع تطلعات المستقبل.
وقال ان التغيير الذي كان دائما شرطا للتقدم والارتقاء اصبح في عصر العولمة شرط وجود وبقاء.
ولقيت رئاسة الناهض للغرفة ترحيبا كبيرا لتمتعه بقبول كبير من الجميع، حيث سخر علاقاته الاقتصادية لإنجاح المشاريع الاقتصادية، فكان من الشخصيات المشهود لها بالحكمة والعلم والكفاءة العالية وحسن الإدارة، حيث ساعدته خبرته العريضة التي كونها سواء في المجال التجاري او المعرفي في دعم عمله رئيسا للغرفة، إضافة إلى تمتعه بعلاقات وطيدة مع مختلف القطاعات الاقتصادية ما مكنه من دفع عجلة القرارات داخل الغرفة.
المنتج الوطني
وخلال رئاسة الناهض غرفة التجارة جعل قضية دعم المنتج الوطني من أبرز الأولويات، وذلك من خلال قنوات العمل المشتركة مع وزارات ومؤسسات الدولة المختلفة، وبوجه خاص من خلال عضويتها في مجلس ادارة الهيئة العامة للصناعة واللجنة المشتركة لدعم المنتج الوطني التي قامت باقتراح ووضع النظم والسياسات والآليات اللازمة لدعم المنتج الوطني، ومن اهمها تفعيل الحماية الجمركية ومكافحة الإغراق واستخدام المنتج الوطني كجزء من القروض والمنح والمعونات التي تقدمها الدولة عن طريق الصندوق الكويتي للتنمية، وتفعيل القرارات الخاصة بإعطاء الاولوية للمنتج الوطني في المشتريات والمناقصات الحكومية.
الغزو الآثم
وعن أبرز ذكرياته قال، رحمه الله، في لقاء سابق عام 2018: كل إنسان لديه ذكريات، غير ان سنة غزو الكويت واحتلالها تبقى محفورة في نفوس الكويتيين جميعا ولكل منا ذكرياته المرة، حيث كل يوم يمر كان يحمل في طياته شحنة من التفاؤل، لأنه لابد من فرج بعد كربة. وهكذا سارت الأحداث ليتحقق النصر للكويت والكويتيين ولله الحمد.