ثمَّن نائب رئيس مجلس الأمة مبارك الخرينج كلمة سمو الأمير أمام مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي، مؤكدا ان سموه كان صريحا عندما طالب الدول الإسلامية بالوقوف صفا واحدا لمواجهة التطرف والارهاب ومحاربة الفكر الطائفي الذي بات يفتت الدول الإسلامية، مشيدا بنهج سموه في التقريب بين الدول، ومضيفا «ما المصالحات الخليجية والعربية الا احدى سمات سياسته الحكيمة والحريصة على وحدة الصف الخليجي والعربي».
ورأى الخرينج، في حوار مع «الخليج» ان الوضع السياسي في الكويت يتجه إلى الاستقرار الذي كان يتطلع إليه المواطن للدفع نحو الانجاز وتحقيق الطموحات.
وأشار الى ان الحكومة تستطيع وبكل قوة قيادة الدولة في المرحلة المقبلة متى ما توافرت لديها الرغبة الصادقة القوية في التصدي لقضايا الوطن والمواطن، وحسم مشاكل الوطن والمواطن بعيدا عن المماطلة.وعن مطالبات البعض بتعديل الصوت الواحد علق قائلا: بعد صدور حكم المحكمة الدستورية حُسم الأمر بتحصين قانون الصوت الواحد ولا يوجد ما يشيبه دستوريا، مشيرا الى ان الصوت الواحد قاعدة متّبعة في كثير من الدول الديموقراطية، مستدركا: أرى مستقبلا أنه ليس هناك ما يمنع إذا ظهرت أي عيوب في النظام الانتخابي الحالي أن يعاد النظر فيه على ضوء التجربة العملية لهذا النظام، وبعد إجراء الدراسات اللازمة والاستشارات القانونية والدستورية لذلك. لكن الخرينج لا يؤيد اشهار الاحزاب حاليا وقال: من المبكر على المجتمع الكويتي العمل على انشاء الاحزاب بشكل علني وقانوني لأن ذلك قد يؤدي الى مزيد من الصراع السياسي وتفكيك للوحدة الوطنية.
وعلى ذكر وحدة الصف طالب بمراعاة الاضرابات الاقليمية، وقال: علينا أن نكون حذرين من دون خوف أو هلع، ونكون متفائلين من دون إفراط أو تفريط، والأمر لا يتوقف على «داعش» وحده؛ لأن ما يجري حولنا الآن سواء في العراق أو سورية أو اليمن أو لبنان يلقي علينا تبعات كثيرة تلزمنا بوحدة الصف. وإلى تفاصيل الحوار:
< بداية.. ما رأيك في مضامين كلمة سمو الامير أمام مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي الذي استضافته الكويت قبل ايام قليلة؟
ـ كلمة سمو الامير في افتتاح مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي الذي استضافته الكويت أخيرا تتضمن معاني سامية، وكانت كلمة جامعة شخص فيها سموه أمراض الامة الإسلامية، مثل الارهاب والتطرف والطائفية وتشويه صورة الاسلام ومعاناة العرب والمسلمين في فلسطين وبورما وسورية وغيرها من البلدان، وسمو الامير كان صريحا في كلمته عندما طالب الدول الإسلامية كلها بالوقوف صفا واحدا لمواجهة التطرف والارهاب ومحاربة الفكر الطائفي الذي بات يفتت الدول الإسلامية، وكان سموه صريحا بحديثه عن الملف النووي الإيراني ومطالبته ايران بالتعاون مع المجتمع الدولي، وأحسن سموه بشرح أسباب مشاركة الكويت في عملية عاصفة الحزم باليمن، فوضع سموه النقاط على الحروف بتأكيده أن أمن الكويت ودوّل الخليج تعرض للخطر بعد استيلاء الحوثيين علَى السلطة في اليمن بالقوة المسلحة، وان الرئيس اليمني طلب تدخل دول مجلس التعاون، وإننا نشيد بنجاح مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي وخروجه بنتائج وتوصيات مهمة بعد انتهاء اعمال الدورة الثانية والأربعين للمجلس الوزاري لمنظمة التعاون الإسلامي التي استضافتها الكويت.
< وما أهمية تكريم منظمة التعاون الإسلامي لسمو الامير كقائد انساني؟
ـ إننا نشيد بمبادرة منظمة التعاون الإسلامي بتكريمها لصاحب السمو الأمير خلال المؤتمر، بعد ان اعتبرته ارفع منظمة دولية في العالم وهي منظمة الامم المتحدة، قائدا إنسانيا واعتبار الكويت مركزا انسانيا عالميا، وهذا تكريم مستحق من منظمة التعاون الإسلامي لسمو الامير، ويؤكد ادراك الدول الإسلامية جيدا للدور الإنساني الكبير الذي يقوم به سمو الامير ودولة الكويت في الاعمال الانسانية في كل دول العالم.
< وما رأيكم في الدور السياسي الذي يقوم بِه سمو الأمير على المستوى الإقليمي؟
ـ الدور الكبير والمؤثر لحضرة صاحب السمو الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح امير البلاد في القضايا الإقليمية هو محط أنظار واعجاب وتقدير دول العالم اجمع، وما المصالحات الخليجية والعربية الا احدى سمات سياسته الحكيمة والحريصة على وحدة الصف الخليجي والعربي وحل الخلافات العربية بالتواصل وزرع الثقة بين الدول العربية.
واننا على ثقة في نجاح الكويت في ترأسها لمنظمة التعاون الإسلامي في دورتها الجديدة وممارسة الدور الفاعل في تبني قضايا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، مثلما نجحت الكويت اثناء ترؤسها القمة العربية طوال السنه الماضية في لم الصف العربي والعمل على تفعيل التضامن العربي تجاه كثير من القضايا التي تهم الامه العربية بفضل السياسية الخارجية الحكيمة لسمو الأمير فهو عميد الديبلوماسية العربية بِلا منازع.
وهذا النجاح الكبير لسموه في قيادة الامة العربية تحقق بفضل الله عز وجل اولا ثم للمكانة والثقة التي يحظى بها سموه لدى اخوانه قادة الدول العربية وللمكانة الدولية عند العالم بأسره وللحنكة السياسية التي يتمتع بها في معالجة القضايا والمعضلات وللسياسة الحكيمة التي تسير عليها الكويت والتي رسمها سمو الامير الشيخ صباح الاحمد ورعايته لهذه السياسة المتوازنة، كما ان قرار المشاركة في عمليه عاصفة الحزم ضد الحوثيين في اليمن احد القرارات الصائبة لسموه لحفظ امن وسيادة المنطقة الخليجية بعد التهديدات من قبل الحوثيين على الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية لأن سموه يعتبر الامن الخليجي امن واحد لا يتجزأ وسيادة دول الخليج واحدة.
< كيف ترى الوضع السياسي في الكويت حاليا؟
ـ اعتقد ان الوضع السياسي في اتجاه الاستقرار الذي كان يتطلع اليه المواطن للدفع نحو الانجاز وتحقيق طموحات الوطن والمواطنون فالوضع السياسي واستقراره يؤثر في البلد فقد تغير نظام الانتخاب وتغيرت الوجوه في مجلس الامة والحكومة، ولا بد من قيام الحكومة باتخاذ القرارات الحاسمة والمصيرية والشعب لا يريد قرارات ترميمية، بل يريد تطويرا فعليا وحقيقيا وتغيرا في الفكر والإدارة في ادارة الدولة، ونحن نريد ان تتعايش الحكومة مع هموم المواطن من خلال تلمس الحاجات الضرورية اللازمة وتعمل على تنفيذ المشاريع التي تخدم المواطن، نريد وزيرا يدخل الاسواق والجمعيات ليعرف ويراقب بنفسه الاسعار والسلع أي اننا نريد نزول الوزراء الى ارض الواقع ليتعرفوا على مشاكل المواطن والعمل على حلها.
< وهل الحكومة قادرة على الانجاز في المرحلة المقبلة؟
ـ لا شك في ان حكومة الكويت ولله الحمد تملك من المقومات الكثير التي لا تملكها دول اخرى، فالمال موجود والعقول الناضجة والنيرة موجودة لدى ابناء الكويت وفوق كل هذا لدى ابناء الشعب الكويتي جميعا ما تفتقده بلدان اخرى وهو حب وعشق ابناء الكويت لأرضهم ونظامهم السياسي فهذا الامر يفترض من الحكومة استغلاله بشكل كبير للعمل على ادارة الدولة بشكل احترافي.
واعتقد ان الحكومة تستطيع وبكل قوة قيادة الدولة في المرحلة المقبلة متى ما توافرت لديها الرغبة الصادقة القوية في التصدي لقضايا الوطن والمواطن والحسم في حل مشاكل الوطن والمواطن بعيدا عن المماطلة، والحزم في تطبيق القانون بشكل عادل على الجميع وكل هذه الادوات تملكها الحكومة متى ما رأت ان تعمل بكل صدق وحزم.
< هَل انت متفائل بنجاح خطة التنمية؟
ـ المجلس الحالي نجح لأول مرة في تاريخ مجلس الأمَّة بان يقر خطة التنمية قبل إقرار الميزانيات طبقا للقانون، وهو ما يجعل هناك جدية في رصد ميزانيات المشاريع وتنفيذها، لأن التنمية مطلب اساسي لكل شرائح المجتمع وقطار التنمية لا يمكن ان يسير ويركب السكة الا بتضافر جهود جميع ابناء الكويت من مختلف الشرائح والطبقات، ولكن الدور الرئيسي الاول في تسيير قطاع التنمية يعتمد على الحكومة فهي وفقا لنص الدستور «المادة 123» يهيمن مجلس الوزراء على مصالح الدولة ويرسم السياسة العامة للحكومة ويتابع تنفيذها ويشرف على سير العمل في الإدارات الحكومية.
إذن فالمسؤول الاول عن التنمية وتطور الدولة هو الحكومة ولكن لنكن صادقين مع انفسنا فالحكومة بدون دعم قانوني وتشريعي من المجلس لن تستطيع السير في قطار التنمية، وكذلك كان للصراع السياسي في السابق بين المجلس والحكومة تأثير سلبي جعل الحكومات السابقة عاجزة عن التنمية وتطوير الدولة، لهذا لا بد من تضافر الجهود بين السلطتين حاليا لدعم قطار التنمية فهو لصالح الجميع، ولا بد ان نذكر دور مؤسسات المجتمع المدني في دعم وتوعية المجتمع لأن دورها محوري ورئيسي.
< هناك من يتهم الحكومة بالمماطلة في تفعيل القوانين التي أقرها المجلس والمحالة إليها… ما تعليقك؟
ـ لا اعتقد ان الحكومة تماطل في تطبيق القوانين المرفوعة اليها من المجلس الا اذا كان هناك سبب دستوري أو صعوبة في تطبيق القانون على ارض الواقع. فالحكومة مؤتمنة بشكل مباشر على تطبيق القوانين وعين المجلس تراقب هذا التطبيق فإذا وجد المجلس تقاعسا فعليا ومتعمدا بتطبيق قانون ما فالادوات الدستورية للنواب تستخدم بشكل مباشر وسريع منهم، وبالفعل عقد المجلس جلسة لمناقشة قضية تأخر إصدار اللوائح التنفيذية لبعض القوانين وشرحت الحكومة وجهك نظرها وأنها أصدرت بعض اللوائح التي تأخرت فيما، لاتزال تدرس النص القانوني للوائح الاخرى حتى تخرج بصورة سليمة لا تعوق تطبيق القانون. ولذلك اعتقد ان الحكومة لا يسعها الا العمل على تطبيق القوانين المرفوعة إليها، واذا كانت لديها ملاحظات أو اعتراض على قانون ما تسلك الطريق الدستوري في التعامل مع أي قانون ترفضه.
< وهل تعتقد أن المجلس الحالي قادر على حل مشاكل المواطنين؟
ـ أود أن أؤكد في البداية أن رئيس المجلس منذ أن تولّى رئاسة المجلس أجرى استطلاعا للرأي للوقوف على الأولويات التي تهم المواطن الكويتي حتى يستطيع المجلس التركيز عليها لتكون خارطة طريق لحل هذه القضايا. وجاء على رأس هذه الأولويات قضية الإسكان لكونها تشكّل هاجسا رئيسيا للمواطن، فقام بوضع حل جذري لها من خلال خارطة طريق مرتبطة بجدول زمني وتم تشكيل لجنة إسكانية مؤقتة في المجلس لمتابعة القضية الإسكانية وعقد المجلس جلسة خاصة للقضية الإسكانية، حيث إن المجلس دائم الاهتمام بهذه القضية متابعة وتشريعا، وبالفعل نجحت وزارة الاسكان في توزيع 12 ألف وحدة العام المالي الماضي ووعدت بتوزيع 12 ألف وحدة اخرى في العام المالي الحالي وهذا إنجاز غير مسبوق، وهذا على سبيل المثال لا الحصر لتأكيد قدرة المجلس على العمل لحل المشاكل والقضايا متى ما وجدت الأرض الخصبة للتعاون ما بين السلطتين.
وأنا أعتقد أن الاستطلاع الذي قام به المجلس سوف يكون خارطة الطريق لأنه أكد على عدة قضايا ومشاكل تهمّ المواطن الكويتي، ولهذا نجد أن المجلس باعتقادي جاد في معالجة هذه القضايا من خلال التعاون بين السلطتين وتعاون النواب فيما بينهم.
وأعتقد أن المجلس الحالي يملك القدرة والأدوات في معالجة هذه القضايا في فترة وجيزة من عمره.
< هناك من ينادي بتغيير نظام الانتخاب الحالي، ما رأيك؟
ـ بعد صدور حكم المحكمة الدستورية حُسم الأمر بتحصين قانون الصوت الواحد ولا يوجد ما يشيبه دستوريا وأعتقد أن فائدة الصوت الواحد للناخب هي قاعدة متّبعة في كثير من الدول الديموقراطية ومن شأنها أن تتيح للأقليات في الدوائر الانتخابية بأن يكون لها تمثيل في المجلس النيابي خاصة أن النيابة عن الأمة ترمي الى تمثيل آراء الناخبين بمختلف توجهاتهم وآرائهم داخل المجلس، بحيث لا تطغى الأغلبية ولا تتلاشى الأقلية وحتى يكون المجلس مرآة صادقة للرأي العام.
وأعتقد أن قانون الصوت الواحد ساهم بشكل كبير ورئيسي بتحقيق الاستقرار السياسي، وأرى مستقبلا أنه ليس هناك ما يمنع إذا ظهرت أي عيوب في النظام الانتخابي الحالي أن يعاد النظر فيه على ضوء التجربة العملية لهذا النظام وبعد إجراء الدراسات اللازمة والاستشارات القانونية والدستورية لذلك.
< من الملاحظ غياب الكتل البرلمانية عن المجلس الحالي… ما تعليقك؟
ـ اعتقد ان الكتل البرلمانية موجودة في كل برلمان في العالم ومجلس الأمة في الكويت ليس بعيدا عنهم، فالكتل البرلمانية موجودة في مجلس الأمة سواء كانت مشهرة ومعلنة او غير معلنة، وكل هذه الكتل تعمل من أجل الصالح العام وتتنافس مع بعضها البعض في تحقيق الطموحات والآمال للوطن والمواطن فهذا التنافس الشريف الذي نسعى إليه وتتمناه الكويت لمزيد من الرقي ولمزيد من التطور.
< وهل أنت مع اشهار الأحزاب؟
ـ بالنسبة للأحزاب في الكويت فهي موجودة حالها حال كل الدول ولكن في الكويت تختلف بعدم اشهارها فهي تعمل بدون قانون أما رأيي الشخصي في انشاء الاحزاب فأنا ارى من المبكر على المجتمع الكويتي العمل على انشاء الاحزاب بشكل علني وقانوني لأن ذلك قد يؤدي الى مزيد من الصراع السياسي وتفكيك للوحدة الوطنية.
< كونك نائبا لرئيس المجلس وتترأس احيانا الجلسات في غياب الرئيس… ما مدى تعاون النواب مع الرئاسة في سير الجلسات؟
ـ اعتقد ان كل اعضاء مجلس الأمة الحالي في تعاون دائم ومستمر بل إنهم في تنافس شريف ومنطقي للانجاز وتغيير الواقع السياسي للأفضل، من خلال التعاون الدائم بين الاعضاء وبين المجلس والحكومة، على الرغم من الاختلافات في بعض الاحيان تجاه بعض المواضيع فالاختلاف سنة الحياة، ولكن دائما ينتهي الأمر وفق اللائحة والدستور، ولذلك لا اجد الا كل التعاون ما بين الرئاسة والاعضاء من خلال الاتصال والتنسيق المستمر فيما بينهم لمصلحة الوطن والمواطن.
واود ان اشير هنا إلى ان المجلس انشأ ولأول مرة في تاريخ مجلس الأمة هيئة الخبراء الدستوريين وهي مكونة من مجموعة من المختصين في القانون الدستوري من اجل تحقيق التعاون المثمر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لتكون صمام امان للتشريعات الصادرة من المجلس وبحيث تكون خالية من المثالب والشبهات.
< ما موقفك من الاتفاقية الأمنية الخليجية؟
ـ ارى انه يجب التعاطي مع الاتفاقية الأمنية بما يتماشى مع الدستور والثوابت السياسية لدولة الكويت، والعمل على حماية القانون بكل شفافية ووضوح، والاتفاقية لاتزال تخضع للدراسة من قبل المستشارين القانونيين باللجنة التشريعية البرلمانية لبيان مدى اتفاقها مع مواد الدستور الكويتي، وننتظر انتهاء الخبراء من دراستهم لمعرفة رأيهم فيها.
< في ظل الأوضاع الإقليمية والدولية المحفوفة بالمخاطر، كيف تنظرون إلى تلك التحديات؟
ـ علينا أن نكون حذرين من دون خوف أو هلع، ونكون متفائلين من دون إفراط أو تفريط، والأمر لا يتوقف على تنظيم داعش وحده لأن ما يجري حولنا الآن سواء في العراق أو سورية أو اليمن أو لبنان يلقي علينا تبعات كثيرة تلزمنا بوحدة الصف والهدف والموقف كمواطنين كويتيين بالدرجة الأولى وكأعضاء في منظومة خليجية وعربية للتصدي لمختلف الأخطار المحيطة بنا.