منذ لقائي الأول بالرئيس عبدالفتاح السيسي، في نوفمبر من العام 2013، عندما كان نائبا لرئيس الوزراء وزيرا للدفاع، في اللقاء الذي امتد طويلا، وتطرق الحديث خلاله إلى الكثير من القضايا التي تهم مصر والدول العربية، تمنيت أن يصبح يوما رئيسا لمصر، فقد رأيت فيه القائد القادر على أن ينتشلها من حالة الفوضى والتخبط التي عاشتها سنوات عدة، ويقودها نحو النهوض والتطور وصنع مستقبل أفضل لها وللمنطقة العربية بأسرها.
وقد تحقق بالفعل ما كنا نتمناه، وجاء الرئيس السيسي رئيسا بتأييد أغلبية ساحقة له من الناخبين المصريين، في الانتخابات الرئاسية التي جرت قبل عام واحد من الآن… وبعد مرور سنة على حكم الرئيس السيسي، يبدو مهما أن ننظر إلى هذه الفترة القصيرة من حكمه، لنرى مدى تأثيرها في مصر، ولعل أول ما يلفت نظر أي مراقب سياسي هو مدى تعزيز الأمن والاستقرار في دولة كان أكثر ما تشكو منه، في أعقاب ثورة 25 يناير، هو الاضطراب الأمني وشيوع الفوضى وانعدام الاستقرار، والذي استتبع بالضرورة هروب الاستثمارات، وتراجع معدلات السياحة بشكل غير مسبوق، وإغلاق مئات المصانع، ومن ثم تفاقم معدلات البطالة، وارتفاع نسبة الجريمة. وكان أول ما فعله الرئيس السيسي هو التوجه نحو ترسيخ الأمن وإشعار المصريين والمقيمين على أرض مصر بتحسن كبير في هذا المجال.
هذا الإنجاز الكبير شكل محور الارتكاز للانطلاق إلى إنجازات أخرى اقتصادية وتنموية، يأتي على رأسها بالطبع ذلك المشروع القومي العملاق لإنشاء قناة جديدة، بجانب قناة السويس الحالية، والتي سيتم افتتاحها في شهر أغسطس المقبل، وكذلك التوجه نحو استصلاح مليون فدان للزراعة، وإقامة مليون وحدة سكنية، والتخطيط لإقامة عاصمة إدارية جديدة، فضلا ـ بالطبع ـ عن التحرك الواسع الذي قام به في الداخل والخارج، والذي أسفر عن تقوية وتمتين علاقات مصر السياسية والاقتصادية بالدول العربية، خصوصا الخليجية، وكذلك الدول الأوروبية والولايات المتحدة، إضافة إلى الدول الأفريقية والآسيوية، وتنظيم مؤتمر اقتصادي عالمي في مدينة شرم الشيخ، والذي حقق لمصر قدرا كبيرا من الانفتاح على الاستثمارات العربية والأجنبية، وفتح أمام المستثمرين، من كل أنحاء العالم، آفاقا واسعة للعمل والاستثمار في مصر… كما استضافت المدينة نفسها مؤتمر القمة العربي الذي جدد مشاعر الاعتزاز بالدور القومي الرائد لمصر وقيادتها وشعبها.
صحيح أن ما تحقق هو جزء بسيط مما يحلم به المصريون، ومما نتمناه لهم نحن الخليجيين والعرب عموما، لكن الأهم أن مصر خرجت من كبوتها، واستعادت قدرتها الحيوية الكبيرة على النهوض والعودة إلى دورها الريادي في المنطقة، وأنها وضعت قدمها على الطريق الصحيح، الذي سيوصلها بالتأكيد إلى ما تريد، وما نريده لها أيضا.