• نوفمبر 23, 2024 - 2:55 صباحًا

الكويت ستبقى مهدًا للوحدة والإنسانية

منذ أن وقعت الجريمة الإرهابية الشنيعة في مسجد الإمام الصادق، والكويت تسجل كل يوم انتصارا جديدا ضد الإرهاب والإرهابيين، وتؤكد بالقول والعمل أنها أكبر من كل محاولات الفتنة الساعية إلى شق صفها وتمزيق وحدتها، وأنها ستبقى مستعلية على كل أولئك البغاة، مستعصية على أهدافهم الخبيثة.
ولعل مشهد «الصلاة الجامعة» التي احتضنها مسجد الدولة الكبير يوم الجمعة الماضي، وشارك فيها صاحب السمو الأمير وسمو ولي العهد ورئيس مجلس الأمة، وكبار رجال الدولة، وتجاور فيها الكويتيون جميعا، بمختلف أطيافهم المذهبية، يقفون كتفا بكتف، يصلون لرب واحد، ويتجهون إلى قبلة واحدة، ولعل هذا المشهد يبعث برسالة إلى الدنيا كلها، بأن الدماء الغالية التي سالت على أرض مسجد الإمام الصادق، لم تزد الكويتيين إلا وحدة وتماسكا وتكاتفا.
وقد جاءت هذه الصلاة الجامعة تتويجا لأسبوع حفل بكثير من الفعاليات التي رسخت هذه المعاني الكبيرة، وكان من أهمها وأكثرها دلالة ذلك اللقاء الذي جمع بين سمو الأمير وأبنائه وإخوانه من ذوي شهداء ومصابي مسجد «الصادق»، حيث تحدث إليهم سموه حديثا عفويا، من دون سابق تحضير أو تجهيز، تماما مثلما فعل سموه حينما انطلق إلى المسجد عقب وقوع العملية الإرهابية بدقائق، وأيضا من دون سابق إعداد، أو حراسة كالتي نشهدها عادة في تنقلات رؤساء الدول… وحين جاء ذكر هذا الأمر خلال اللقاء، رد سموه بكلمات مفعمة بالمودة والعطف والحنو على أبنائه، قائلا: «أنا أستهجن عندما يقولون اني ذهبت لمسجد الامام الصادق، فلماذا هذا الاستغراب، فمن أنتم؟ هل أنتم من بلد ثان؟ انتم أهلنا وعيالنا واخواننا واذا لم نذهب لكم فلمن نذهب؟».
هكذا اعتبر سمو الأمير أنه لم يفعل شيئا غير عادي، وأن هذا تصرف الوالد الطبيعي تجاه أبنائه… صحيح أن ما فعله سموه لفت أنظار الجميع، بمن في ذلك مراسلو الصحف ووسائل الإعلام الأجنبية، الذين أعرب بعضهم عن دهشته من هذا المسلك السامي، المعبر بحق عن طبيعة العلاقة بين القائد الحكيم وأبناء شعبه، لكن سموه رأى في ذلك مسلكا تلقائيا لا يدعو إلى العجب… ونحن نتذكر بالطبع ما قاله أيضا نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد أمام مجلس الأمة، عندما ذكر أنه راح يترجى صاحب السمو بألا يدخل المسجد، لما في ذلك من مخاطر أمنية محتملة، لكن سموه أصر على الدخول، وقال كلمته الرائعة والمعبرة، والتي اتخذها الكويتيون «أيقونة» تلخص كل المعاني الأبوية الجميلة «هذول عيالي»، وردوا جميعا بعبارة مقابلة تقول «وأنت أبونا».
خلال اللقاء بذوي الشهداء والمصابين، أيضا، رسخ سمو الأمير أعظم معاني وقيم الوحدة الوطنية، حين قال: «لا تستغربوا فأنتم اهلنا سواء من فئة الشيعة أو السنة»… ذلك هو أهم وأنبل الدروس المستفادة مما حدث، فالكويت لا تعرف الانقسام والتشرذم، هي شعب واحد، وكلهم أهل وإخوان، وهم كما وصف نبيهم – صلى الله عليه وسلم – أتباعه «كالبنيان المرصوص، يشد بعضه بعضا».
وعلى النهج ذاته جاءت اللقاءات التي عقدها رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، وسمو الشيخ ناصر المحمد، لتؤكد أن شهداء المسجد قد سجلوا أنصع الصفحات في تاريخ الكويت، وكتبوا بدمائهم الطاهرة مرحلة جديدة من مراحل الوحدة والتضامن بين أبناء الشعب الكويتي.
هذه هي الكويت التي نعرفها، والتي ستظل شوكة في حلوق البغاة الظلمة «خوارج العصر» الذين يريدونها «فتنة تدوم»، لكي يواصلوا في الأرض الفساد، لكن الكويتيين كانوا لهم بالمرصود، وردوهم على أعقابهم خاسرين، لم ينالوا خيرا في دينهم أو دنياهم.
هذه هي كويت الوحدة والتضامن والإخاء، التي نعرفها، والتي عرفها العالم كله أيضا، بعد أن روت دماء أبنائها الزكية، أرض مسجد الإمام الصادق.

Read Previous

إزالة السموم من العقول وإعادتها لصحيح الإسلام

Read Next

سياسيون: الخليج مطلوب إجراءات أمنية وتشريعات عاجلة لمواجهة الإرهاب

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x