حذر سياسيون من ان العدوان على مسجد الإمام الصادق لن يكون الأخير، مشددين على ضرورة اتخاذ إجراءات أمنية عاجلة تجنبا لتكرار ما حدث، ومقترحين وضع الحراسة المدنية على المساجد، واستخدام باب واحد بدل أبواب عدة لكل مسجد، ووضع جهاز كاشف لتفتيش الدخول، والتقليل من عدد المساجد في كل منطقة.
وطالبوا بإصدار تشريعات خليجية تجرم اعطاء البيعة لأمراء دين خارج القيادات السياسية للدول، واتخاذ موقف خليجي موحد يساند الشرعيات لا الميليشيات المسلحة في الدول المجاورة، مثل العراق واليمن.
وقال الوزير السابق سامي النصف: «بعد ان وصل الارهاب إلى قدس الاقداس، أي إلى المساجد، وتم قتل المصلين الركع السجود بقصد خلق الفتنة بين المسلمين من قبل المنظمات المشبوهة كحال داعش، لم يعد هناك مجال للمجاملة ودماء الأبرياء تجري ساخنة وسكاكين اعداء الاسلام تسل لنحره من الوريد إلى الوريد، نقولها مدوية ولمصلحة المسلمين جميعا، على بعض العلماء السنة التوقف ودون ابطاء عن تكفير الآخرين من سنة وشيعة وطوائف أخرى شركاء لنا في الاوطان، فجميع التفجيرات قامت على نهج التكفير، كما على بعض علماء الشيعة التوقف عن التعرض لنساء الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه كونه الاكثر فاعلية بيد من يثير الكراهية ضدهم.
وتابع النصف: يجب أن تصدر قوانين خليجية صارمة تجاه من يثير الكراهية والاحقاد ويضر بالوحدة الخليجية، ومعها ضرورة خلق مناهج معتدلة موحدة لمواد الدين والتربية الوطنية، كما يجب ان تسقط الجنسية الخليجية عمن يمارس الارهاب ويقتل الابرياء كحال القوانين الاوروبية والاميركية المستجدة التي تسقط جنسياتهم حتى من يذهبون للقتال خارج شرعية بلدانهم.
وأضاف النصف: من الامور الواجب النظر فيها اصدار تشريعات خليجية تحرم وتجرم اعطاء البيعة لأمراء دين خارج القيادات السياسية للدول، كما يجب شعبيا اتخاذ موقف خليجي موحد مع الشرعيات لا مع الميليشيات المسلحة في الدول المجاورة مثل العراق واليمن، فما شجع «داعش» وامثاله الا عدم وقوفنا جميعا وبشكل حازم ضد الميليشيات الخارجة عن الشرعية ضمن معايير مزدوجة غير مقبولة تجعل الخروج على الشرعية مقبولا منا ومرفوضا إن أتى من غيرنا.
وقال الكاتب الصحافي يعقوب الشراح: العدوان على مسجد في الكويت أو السعودية دلالاته أكبر من إحداثياته، أي أن الإشكالية تتمثل في أن المتطرفين يعيشون بيننا، وهم في الداخل يحملون أفكارا ومعتقدات هدّامة ويرهبون الناس. هؤلاء مهيأون ذهنيا ونفسيا باعتقادهم أن تطرفهم مشروع، لأنه السبيل إلى الجنة، والإرهاب لا يعمل بمفرده فهو ضمن تنظيم أو خلية يشرف عليها قائد، ولا تعرف كل خلية أي شيء عن الخلايا الأخرى حتى لا تتكشف كل أسرارها في حال القبض على خلية واحدة منها، لذلك ليس من السهل على أجهزة الأمن أن تتعرف على كل خيوط هذه الخلايا الإجرامية.
وتابع الشراح: المهم أن العدوان على مسجد الإمام الصادق لن يكون الأول أو الأخير في مستهدفات وخطط الجماعات الإرهابية، وما حدث قد لا يعكس متانة الإجراءات الأمنية برغم محاولات الدعم لهذه الإجراءات بين حين وآخر، فالأمن قضية متشابكة لا تتوقف على دور وزارة الداخلية فقط، وإنما كل فرد خفير، وتعاون كل الأطراف ضرورة، وهذا لا يعني أن العبء الأكبر لا يقع على الأجهزة الأمنية التي لا تستطيع العمل في غياب منظومة أمنية متكاملة. فالأمن يحتاج إلى إعلام وتوعية، وحراسة عسكرية ومدنية، ورقابة مشددة على المنافذ، وأجهزة تقنية مطورة، وحتى معالجة الاختلالات في التركيبة السكانية، والبطالة، والبدون، ومعالجة مشكلات الذين يعيشون من دون إقامة.
وأضاف الشراح: «إذا كنا اليوم نبكي على ما حدث في مسجد الإمام الصادق فإننا لا نريد أن نعايش أزمات أخرى قد تتكرر، لا سمح الله، في مسجد آخر، أو ربما في مكان غير المسجد. إن سرعة وجدية الخطط الأمنية في إطار منظومة أمنية متقدمة لن تكون فاعلة في غياب الوحدة الوطنية، وبنتائج التعلم من الدروس المأسوية التي واجهتها الكويت وتغلبت عليها، إن أكثر ما يعين الجهاز الأمني على أداء مسؤولياته هو تميز الكويتيين عن غيرهم بالتماسك وقت الشدائد، والتضحية من أجل بلدهم، ولقد برز ذلك في أحلى صورة عندما قام سمو أمير البلاد بزيارته السريعة للمكان.
وأوضح الشراح أن تواجد سمو أمير البلاد في مكان الحادث كانت له دلالاته الوطنية والمعبرة عن التماسك بين القائد وشعبه. فلقد شارك القائد الجميع الأسى، وعبر عن ذلك في تفاعله النفسي والوجداني.
ومن جانبها قالت المحامية والقانونية مي الغانم: «بداية نستنكر وندين الحادث الإرهابي الذي استهدف الأبرياء في مسجد الصادق بمنطقة الصوابر في الكويت، ونؤكد وقوفنا وتأييدنا لسمو الأمير والحكومة الكويتية في جهودها الكبيرة لدرء الفتنة ومواجهة التطرف والإرهاب في جميع صوره. كما نؤكد حرمة القتل وسفك الدماء البريئة، فقتل النفس الواحدة بغير حق في نظر الشرع يعادل قتل الناس جميعا.
وأضافت الغانم: «يعد هذا الفعل إساءة للإسلام وإلى مبادئه السامية وتشويه لصورته الناصعة، وانحراف عن المنهج الصحيح. ونحث الجميع على لزوم التكاتف، وعدم التفرق، والوقوف صفا واحدا خلف القيادة الحكيمة لصاحب السمو أمير البلاد والحكومة لحين كشف المجرمين والأخذ على أيديهم وإنقاذ البلاد من شرهم، وفي الختام نتوجه بالدعاء إلى الله سبحانه وتعالى أن يرحم موتانا وموتى المسلمين، وأن يعجل في شفاء المصابين ويحفظ بلدنا الكويت، وان تكون أرض أمن وأمان، وواحة للخير، ومستقرا للدين والمؤمنين، وأن يقيها أميرا وحكومة وشعبا غوائل الدهر والفتن والشرور، والحمد لله رب العالمين».
وطالبت الغانم وزارة لداخلية بتطبيق القانون على المجرمين الذين قاموا بهذا الفعل الإجرامي الشنيع، كما أكدت على دور الداخلية في محاربة الفكر المتطرف مشيدة بالخطوات التى اتخذها وزير الداخلية تجاه الحادث، فالإجراءات السريعة في ضبط الجناة تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن لدينا جهازا أمنيا قادرا على تأمين الكويت.
بدوره قال الأكاديمي والكاتب الصحافي د. خالد الجنفاوي: المكافحة الفعالة للإرهاب تبدأ بملاحقة منظريه ووسطائه ومتعهديه الفكريين، وبخاصة أولئك الذين يتحملون بشكل مباشر أو غير مباشر مسؤولية تجنيد الارهابيين…. يوجد حاليا صناعة للإرهاب منظروها ووسطاؤها هم من لا يتوقفون عن التبرير الايديولوجي لجرائم الإرهاب والذين ليس بالضرورة أن ينخرطوا أنفسهم بالأعمال الإرهابية بشكل مباشر، ولكنهم يستمرون يوفرون السياقات والتبريرات الأيديولوجية المفبركة للإرهاب.
وتابع الحنفاوي: «من أجل أن تتحقق مكافحة فعالة للإرهاب وظواهره المدمرة من المفترض أن تركز الحكومات والمؤسسات الامنية والتعليمية على مكافحة آفة تنظير الارهاب بهدف تحديد مصادره ومحاصرة مروجيه وتفنيده والقضاء عليه باتخاذ إجراءات أمنية حازمة وبمعالجة فكرية صارمة: جبهة مكافحة الارهاب يجب أن تستمر جبهة على الأرض وفكرية، فلا ينفع مع هذا النوع من السرطان المعاصر سوى القضاء على أسبابه الرئيسية: الخطابات المذهبية المتطرفة والتبرير المقيت الخفي والمعلن لقتل الأبرياء وتدمير المجتمعات الانسانية بزعم الجهاد تجفيف المنابع الأيديولوجية للإرهاب يبدأ بملاحقة مروجيه والعاملين على بث شروره في المجتمع ومنعهم من الظهور الإعلامي، وعدم منحهم فرصا للتنفيس عن كراهيتهم المقيتة لمن هو مختلف عنهم ما سيؤدي إلى إضعاف ميكانيكية الإرهاب، فمنظرو الإرهاب يطلقون الخطابات النارية بزعم حماية الدين والجماعة المذهبية، ولكنهم في حقيقتهم هم من يحثون على الطائفية العمياء وهم من يرسخون في قلوب أتباعهم الكراهية الجنونية ضد من هو مختلف عنهم.
واختتم الجنفاوي قائلا: أسوأ من يستغل الدين هذه الأيام هم من يُقدمون أنفسهم كأوصياء أخلاقيين على الآخرين ومن يُنَظِّرون ويؤيدون بشكل مباشر أو غير مباشر العمليات الإرهابية الإجرامية، فهذا النفر من المستغلين للدين وسماحته هم السرطان الحقيقي الذي يجب استئصاله بكل الاشكال والطرق والوسائل القانونية والفكرية والإجراءات الأمنية الحاسمة. نواجه حاليا معركة مصيرية ضد الإرهابيين القتلة وسيستمر منظرو الإرهاب في بث سمومهم ما لم يتم إخراسهم بشكل نهائي لأنهم رؤوس أفاعي الإرهاب التي يجب قطعها قبل أن يستفحل أمرها.