أكد أكاديميون أهمية دور المناهج الدراسية والعملية التربوية في تعزيز ثقافة الوسطية لدى الطلبة وإبعادهم عن التطرف، مطالبين بمناهج تغرس المفاهيم الصحيحة للدين والقيم الاجتماعية وتعزز مبدأ المواطنة.
وقالت الأكاديمية د. غنيمة الحيدر: الطريق لمحاربة التطرف لا يكتمل إلا من خلال المؤسسة الاجتماعية التي تتمثل في الأسرة، وهي المدرسة، أو مؤسسات التربية والتعليم عموما، وأجد أن من أهم الأمور التي يمكن طرحها في هذا الجانب الاهتمام بما يسمى مفهوم «التعليم الفكري الإبداعي»، الذي يرتكز على إخراج القدرات الإبداعية للأطفال، وتنمية المهارات الابتكارية، ويركز على الأساليب التعليمية التي تشجع الطلاب على المشاركة والتعبير، ما يسهم في تكوين الشخصية المستقيمة والسوية، والتعليم الفكري الإبداعي يركز ويهتم بجودة التعليم أكثر من اهتمامه بالكم التعليمي، ويتبني مبدأ الحوار والمناقشات المفتوحة كأسلوب تدريسي، وهو ما ستترتب عليه مجموعة من النتائج الإيجابية، أهمها إعادة تشكيل المناهج التعليمية بما يدعم التفتح الذهني للطلاب، ويعزز روح الألفة والحب بين الناس على أساس انساني بحت بعيدا من الاختلافات المذهبية، وذلك من خلال إقرار «منهج السلوك والأخلاق»، وبالتالي سيكون المعلم المؤهل وحده، وهو القادر على إيصال المعلومة وتطوير العملية التعليمية، في حين سيظهر ضعف غيره في القدرة على التواصل الإبداعي مع الطلاب، مما سيكون له أكبر الأثر في زيادة التماسك الداخلي لدى الطلاب، وقدرتهم على تحمل الضغوط النفسية والتعامل معا بأسلوب عملي ونفسي سليم.
وتابعت الحيدر: دور المناهج التربوية كبير أيضا في تعزيز ثقافة الوسطية لدى الطلاب والطالبات، ويجب على الدولة الاهتمام بمناهج التعليم وتدعيمها بالمفاهيم الصحيحة للقيم الدينية والاجتماعية وتعزيز قيم المواطنة. وأكد أن للأسرة دورا في هذا المجال الى جانب دور الدولة بأجهزتها المختلفة، كالتربية والاعلام، في نبذ التطرف وترسيخ مبادئ التعايش السلمي في المجتمع.
ومن جانبه عزى النائب السابق محمد العبدالجادر الشعب الكويتي بالفاجعة، متمنيا أن يلهم الله تعالى أهالي الشهداء والمصابين الصبر والسلوان، وأضاف: لقد آلمنا الحادث الشنيع، فقد كان يوم التفجير يوما أسود لن يمحى من ذاكرة التاريخ الكويتي، وسيضاف الى الأحداث التي أثبتت تماسك ووطنية الشعب الكويتي.
وشدد العبدالجادر على ضرورة أن يتمسك الكويتيون بأهم الأسلحة التي يمتلكونها وهو سلاح الوحدة الوطنية، ذلك السلاح القديم الذي استخدمناه في المحن التي مرت علينا، بداية من معركة الجهراء ثم الغزو الغاشم وحرب التحرير، مرورا بشهداء ضحوا بأرواحهم فداء للوطن في مناسبات مختلفة.
وأشار إلى أن تلك الحادثة لا بد أن تجعلنا نعيد النظر في الاختلالات والثغرات، وأهمها المناهج الدراسية، التي رعت بعضها التطرف، وساعدت في نموه، مؤكدا أن ما نعاني منه حاليا يتحمل جزءا كبيرا منها خطاب الكراهية والتأجيج واللعب على وتر الطائفية وبعض المناهج التي تتعارض مع مفاهيم المواطنة والوحدة الوطنية.
وأضاف العبدالجادر أن على الجميع أن يعي أن الوحدة الوطنية والتعايش السلمي هما الطريق الى حياة هادئة، مبينا أن هناك الكثير من السياسيين السابقين والحاليين شجبوا حادث يوم الجمعة الماضي، لكنهم مسؤولون بشكل مباشر عن تنمية روح التعصب والتطرف، وهم يجنون اليوم ثمار ذلك التأجيج بعد أن كفروا وشككوا بمكونات المجتمع الكويتي المتماسك.
ومن جانبه قال رئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس د. أنور الشريعان: يجب ان نكون صريحين في تقييم المواقف، فما حدث في يوم تفجير مسجد الصادق هو نتيجة عدة أسباب، منها الطرح الطائفي وبث السموم في عقول الشباب والأطفال وشتم المذاهب وتكفير الأفكار وسلوكيات الآخرين، مشددا على وجوب محاربة هؤلاء الأشخاص ومن سمح لهم ببث هذه السموم، سواء في محطات فضائية أو من أكاديميين في محاضراتهم او غيرهم. فيما قال الأكاديمي د. وائل الحساوي: وقف أبناء الشعب الكويتي صفا واحدا لاستنكار تلك الجريمة البشعة التي حدثت في مسجد الصادق قبل أقل من اسبوع، وعبَّر الجميع عن مشاعره الصادقة ورفضه لهذا الإجرام الذي يلبس اللبوس الديني ويسعى للفتك بأبناء الشعب الواحد مهما كانت مبرراته.
وتابع الحساوي: عندما تكشفت خيوط الجريمة البشعة تبين أن منفذيها ليسوا من أبناء الكويت، بل من بعض الدول المجاورة التي فتكت رياح الطائفية بها أمام سمع وبصر العالم كله، وبتشجيع من انظمة رعتها ونفخت فيها وصنفت شعبها على اساسها، وما العراق عنا ببعيد، ولقد كنا ندرك حق الادراك أن تلك النار المشتعلة حوالينا لا بد أن تصل الينا ما لم نسع إلى اطفائها وتحصين مجتمعنا منها، لكن بدلا من ذلك تحركت عندنا اقلام حاقدة ارادت استغلال تلك الاحداث من اجل تمزيق نسيج المجتمع وضرب مكوناته الاساسية، وراحت تتخبط في تحريض المجتمع على ابنائه.
وأضاف الحساوي: من الواضح أنه في الوقت الذي توحد فيه المجتمع الكويتي لرفض جميع انواع الارهاب وطالب حكومته بالتصدي له وبارك خطواتها في كشف المتآمرين، فإن هنالك نفوسا مريضة سعت إلى اجتثاث جميع مظاهر التدين من المجتمع الكويتي والتحريض على دعاة الفضيلة، وسعت إلى اتهام غالبية الشعب الكويتي الذين يقفون صفا في المساجد ـ مئات الآلاف ـ بأنهم جزء من التطرف والإرهاب، وان الحل هو في إلغاء جميع مظاهر التدين في المجتمع، وإلقاء القبض على من يدعون الفضيلة.