تعليقا على احصائية وزارة الإعلام أن 55 في المائة من مستخدمي شبكة الانترنت الباحثين عن الأخبار هم من فئة الشباب، أكد اكاديميون في علم النفس والاجتماع ضرورة توعية الشباب بمنافع وأضرار وسائل التواصل الحديثة أو الإعلام الاجتماعي، لأنه على الرغم من أهميتها فإنها تعد اليوم منفذا لنشر الإرهاب؛ إذ تتخطى الحواجز والحدود وتصعب مراقبتها بدقة عالية.
ودعوا إلى فهم حاجات الشباب واستيعابها وإشغال الشباب في مجموعة من الأنشطة التي ترتقي بمهاراتهم وخبراتهم.
وقالت الأستاذة في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت د. سهام القبندي إن الشباب هم قوه المجتمعات وقلبها النابض، وحين ينجرف هؤلاء الشباب إلى الطريق الخاطئ أو ينحرفون عن الطريق المستقيم أو يضلون الطريق فهذا يعد مؤشرا وجرس إنذار يدق بشكل صارخ ليعلن أن هناك خللا كبيرا يجب الوقوف أمامه ومعالجته، سواء أكان في التربية أو في التنشئة الاجتماعية، مشيرة إلى أن شبكة التواصل الاجتماعي تويتر هي أحد مصادر انحراف الشباب في حال استخدامها بطريقة خاطئة.
وتابعت القبندي: عندما نتحدث عن تنشئة الأبناء فنحن في البداية نتحدث عن أولى مؤسسات الضبط الاجتماعي والتربية وهي الأسرة، ومدى قيامها بدورها الريادي في تربية الأبناء وغرس القيم الإيجابية والأخلاق، وعندما نسمع عن الحوادث الغريبة على المجتمع الكويتي بقيام الشباب بالاعتداء على الآخرين بالضرب أو تكسير المرافق العامة أو ملاحقة الفتيات بالسيارات ما يؤدي إلى انقلاب سيارة الفتاة ووفاتها مع هروبهم عن تحمل المسؤولية والكثير من الحوادث التي يندى لها الجبين يطرح هذا السؤال: من المسؤول عن ذلك؟
وأوضحت القبندي أن الشباب هو نتاج مجتمع بالمعنى الواسع، والشباب بكل خيره وما يملك هو صناعة قمنا نحن بعملها، لم يخلق الشاب وهو يحمل الدمار والشجار والقتل والانحراف، بل نحن من ربيناه على ذلك، إنهم مسؤولية المربين، سواء كانوا في الأسرة كآباء لم يقوموا بدورهم في بناء سلم القيم والأخلاق ونمو الضمير الحي الذي يحاسب الإنسان على أخطائه، مضيفة أن الشباب أيضا نتاج فراغ ذهني ويعانون من عدم تحقيق الذات. ليس هناك سبب تافه أو سبب قوي لسلوك العنف لدى الشباب، ولكن بالتأكيد هناك أسباب عديدة لاتباع سلوك العنف تدفع بصاحبها إلى ارتكاب جريمة قد تصل إلى قتل النفس في الكثير من الأحيان لم يكن هدف الجاني القتل ولكنه قتل ضحيته لأسباب منها: أن حدة العنف في المجتمع الذي يعيش فيه بازدياد، ما يؤثر فيه بشكل أو بآخر ويكتسب دافعا وخاصة في مرحلة الشباب التي تتميز بالحماس والقوة والاندفاع وعدم السيطرة على الأعصاب.
وتضيف أن الكثير من النظريات العلمية فسرت دافعية الإنسان للعنف بأسباب أولها التربية، وسط بيئة أسرية عنيفة، وثانيها أن يعيش في بيئة مجتمعية تمارس العنف، وثالثا وجود الإنسان في إقليم كله عنف، وهذا ما نشهده الآن فالعالم كله حولنا غير مستقر ونحن نعيش في واقع كله حروب ما ينعكس على الفرد فيصبح العنف من طبيعته وتفكيره.
من جانبه قال أستاذ علم النفس د. حسن الموسوي: إن وسائل التواصل الحديثة أو الإعلام الاجتماعي ببرامجها وتطبيقاتها المتنوعة، على الرغم من أهميتها، فإنها تعد اليوم منفذا لنشر الإرهاب، فهي تتخطى الحواجز والحدود، ولطبيعتها التقنية تصعب مراقبتها بدقة عالية وتغفل عنها عين الرقيب مهما كان يقظا؛ لذا فهي تصل لأولادنا في بيوتهم وغرفهم ما يعظم أمر الأمانة الملقاة على عاتقنا تجاه فلذات الأكباد.
وأضاف الموسوي أن هناك العديد من الطرق التى نستطيع حماية الشباب من تطرف وسائل التواصل الإجتماعي والذي تبين أن 55 في المائة من مستخدمي شبكة الانترنت الباحثين عن الاخبار هم من فئة الشباب، مؤكدا ضرورة أن نفهم حاجات الشباب والبدء في استيعابها ولا بد من اشغال الشباب في مجموعة من الأنشطة والهدايا، بالإضافة إلى البدء في برامج توعوية للشباب للتعريف بفوائد مواقع التواصل الاجتماعي وتبيان خطرها على المجتمع.
وقال الموسوي إن علاج هذه الظاهرة مرتبط بكل جهات المجتمع واولها الاسلوب التربوي الذي تربى الولد عليه داخل البيت وثانيا دور المعلم الذي تربى معه داخل المدرسة التي تعلم بها، مشيرة إلى أن دور المدرسة مهم جدا، مؤكدا على ضرورة وضع خطة واضحة لهؤلاء الشباب لتحقيق اهدافهم لانهم عماد الوطن ورجال المستقبل.
بدوره أكد أستاذ علم النفس في جامعة الكويت د. خضر البارون أن الشباب هم ثروة المجتمع ورجال المستقبل وعلى الأسرة والدولة والمجتمع مراعاة تربية هذه الفئة من اجل استثمارها للمستقبل وتجهيز الشباب كي يكونوا قياديين، وأن البداية لا بد أن تكون من الأسرة، حيث تقع على الآباء مسؤولية تربية الأبناء وحمايتهم من الآفات الاجتماعية الموجودة، وأن يوضحوا لهم أن التطرف في أي مجتمع يؤدي إلى تفككه، مدركين أنه لا يجب الاستهزاء بأي فئة اجتماعية، وذلك لأن لكل فئة طريقة في تربية أبنائها، لذا لا بد من تعزيز مفهوم احترام الآخر وعدم التقليل من شأنه، ولا بد من توعية الأبناء بمخاطر وسائل التواصل الاجتماعي المحتلفة في ظل وجود احصائيات تؤكد على أن هناك أعدادا كبيرة من الشباب يدخلون الى مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة.
وتابع: إلى جانب دور الأهل هناك دور كبير يلعبه الإعلام في هذا الجانب فهناك مطبوعات ووسائل إعلامية تنشر أفكارا فيها الكثير من مظاهر التطرف، وهنا على الدولة فرض رقابتها بشكل أكبر وبحسم، وذلك لضبط ما يصل للشباب من أفكار والذين قد يكونون في مرحلة تأسيس وتكوين لشخصيتهم، وغالبا ما تكون هذه المرحلة دقيقة لذا على الدولة أن تكون على دراية بما يبث عبر وسائل الإعلام وأن تكون سريعة في تنفيذ الأحكام على بعض الأمور التي لها تأثير سلبي على الشباب، كما أن هناك مسؤولية على وزارة الداخلية في حماية الشباب من الآفات الاجتماعية من خلال نشر التوعية ووضع قوانين صارمة لمحاسبة المسؤولين عن انتشار هذه الآفات.
وأشار الى انه يجب الالتفات إلى كيفية توظيف الشباب وتعزيز الكفاءات ما من شأنه تنمية الشخصية والاكتفاء الذاتي لديهم، لذا لا بد من نشر الوسطية والعدل فيما بينهم، كما أنه من الضروري مكافأة المبدعين لما لذلك من تأثير إيجابي على شخصية الشباب ويبعدهم عن الإحباطات التي من شأنها جرهم نحو الانحرافات، خصوصا أننا نجد اليوم الكثير من الفئات التي تدعو الشباب للانضمام إليها باستخدامها كلاما معسولا يحاكي توجهاتهم لاستدراجهم نحوها وهنا على الآباء أن يكونوا أكثر قربا من الأبناء لمعرفة نوع التجمعات التي يمضون فيها وقتهم وأن يكون الحوار دائما مفتوحا في المنزل لتعزيز العلاقة فيما بينهم.