بدا واضحا، من خلال الجولة الخارجية التي قام بها الرئيس عبدالفتاح السيسي أخيرا، وشملت كلا من روسيا والصين وسنغافورة وإندونيسيا، أن مصر تكتسب كل يوم أرضا جديدة، في تطوير علاقاتها السياسية والاقتصادية والتجارية بمختلف دول العالم، وأنه كما أن مصر راغبة في توسيع نطاق صداقاتها وشراكاتها الاقتصادية، فإن كثيرا من الدول حريصة، في المقابل، على أن تمد يدها بالتعاون المشترك مع مصر في كل المجالات.
وقد رأينا بالفعل مدى الحفاوة التي استُقبل بها الرئيس السيسي في عواصم كل الدول التي زارها، وتأكيد قادتها أنهم راغبون في الوصول بعلاقاتهم المشتركة مع مصر إلى أفضل مستوى ممكن، وهو ما يؤكد نجاح التوجه المصري الجديد نحو الانفتاح على كل المناطق الجغرافية، وتفعيل إستراتيجيتها الهادفة إلى مد يدها في اتجاه الجميع، والتعاون مع كل الدول، وعدم التركيز على مجموعة بعينها… وذلك كله يؤكد أن مصر ليست طرفا ثانويا أو هامشيا، بل هي أحد أقطاب الحراك السياسي والاقتصادي في المنطقة، ولديها من الموارد والكوادر والقدرات البشرية ما يجعلها موضع جذب للجميع، ومثار اهتمام من كل دول العالم.
إن رؤية الرئيس السيسي، بضرورة انفتاح مصر على دول الشرق، لا تهدف إلى خلق «محاور» أو «أحلاف»، بالمعنى السلبي الذي اكتسبه المصطلحان في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، بل هي في الأساس إعادة تصحيح لأوضاع خاطئة، فالعلاقات الجيدة مع أوروبا والولايات المتحدة لا تعني ـ بأي وجه ـ عدم إقامة علاقات قوية ومتينة مع دول الشرق، والعكس صحيح.
لقد رفضت مصر، منذ زمن طويل، سياسة الأحلاف والمحاور، والتاريخ شاهد على ذلك، لكن ذلك لا يعني أن تظل رهن اختلال التوازن الذي ظل سائدا فترة طويلة في علاقاتها وشراكاتها، وما تسعى إليه قيادتها الحالية هو أن تعالج هذا الخلل وتستعيد التوازن المفقود… ونحسب أنها قطعت شوطا كبيرا ومهما في هذا الطريق، وليس أدل على ذلك من كم ونوع الاتفاقيات التي عقدها الرئيس السيسي في جولته هذه… ونحن على يقين بأن هذا النجاح سيتواصل ويتسع ويتنامى، وسيعود بالخير العميم على كل أبناء مصر، بل سينعكس إيجابا أيضا على كل دول المنطقة العربية.