كنا في زيارة إلى سلطنة عمان الشقيقة، وتحديدا مسقط، وقد انطلقنا إلى هناك من دبي، مستخدمين الطريق البري بمسافة تعادل تقريبا 400 كيلومتر، لم نصادف عند المراكز الحدودية التي مررنا من خلالها، سواء في دبي أو عمان، أي مشكلات أو عقبات تتعلق بالروتين، بل على العكس، وجدنا طرقا مجهزة بكل الإمكانات التي تساعد المسافرين على اجتياز هذه المسافات بكل أريحية، الأمور كانت تسير بكل يسر وسهولة، وذلك ما لم أكن أتوقعه أو أتخيله، خصوصا في منطقة الشرق الأوسط، حيث الروتين الممل والمعطل والتعقيدات التي تجعل من حبات رمل متناثرة على قارعة الطريق جبلا ضخما يملأ الأفق!
لقد رسمت المراكز الحدودية الإماراتية والعمانية صورة جميلة احتوت على كل معاني الرقي والتحضر والالتزام، فالتنظيم على اعلى المستويات، ما سهل حركة المركبات في أثناء التوقف للتفتيش وفي أثناء مراجعة الجوازات، والأهم من كل ذلك أن الابتسامة كانت حاضرة على وجوه موظفي النقاط الحدودية، فالابتسامة وبعض الكلمات الترحيبية البسيطة يعطيان بدورهما انطباعا حسنا عن الدولة وشعبها عند كل الزوار، كما يعكسان مدى تحضر ورقي الشعوب، وبكل تأكيد فإن ذلك لم يتجسد أو يتكرس عن طريق المصادفة، بل جاء نتيجة جهد متواصل وعمل منظم كان مردودهما ما نلمسه اليوم من تطور ونهضة فكرية وعمرانية لا ينكرها إلا جاهل.
عندما نتحدث عن الاشقاء في سلطنة عمان فإن أول ما يجب الحديث عنه هو الأمن والاستقرار اللذان تحققا بأبهى صورهما في زمن تفشى فيه العنف والاقتتال والدمار، فنعمة الأمن والاستقرار جاءت بكل جدارة واستحقاق نتيجة سياسة معتدلة عرفت ماذا تريد فسعت نحوه وتمسكت به بكل قوتها، ومخطئ من يظن ان عمان في معزل عن العالم، بل على العكس هي في قلب العالم، تستقبل سنويا اعدادا هائلة من السائحين الذين يقصدون الاماكن التراثية والتاريخية في السلطنة أو المنتجعات البحرية في صلالة أو مسقط، من الآخر نقولها بملء الفم يكفي السلطنة فخرا انها استطاعت، من خلال سياسة حكيمة متزنة، ان تذيب الفوارق المذهبية في بيوت الله، فذلك وحده انجاز ما بعده انجاز، في زمن استيقظت فيه الفتن ونمت فيه الدسائس والمؤامرات.
وفي الجهة الاخرى عندما يأتي الحديث عن دبي، فإنك تتحدث عن البناء العمراني والانساني في آن واحد، وأنا لا اتفق نهائيا مع من يقول ان التنمية في دبي هي تنمية حجر فقط، فالامر ليس بهذه السطحية التي يتحدث بها البعض، فالمعارض والمؤتمرات التي تشهدها دبي في مختلف المجالات على مدار السنة تؤكد ان هناك اهتماما بالغا بكل سبل النهضة والتقدم، وهذا ما اكده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عندما قال «ان الإنسان الإماراتي ليس رقما بل هو الاهم في عملية بناء المجتمع».