• نوفمبر 22, 2024 - 11:16 مساءً

الخرق أكبر من الرقعة

يبدو من المشهد المأسوي الذي ظهرت عليه مؤسسات رسمية حساسة اننا لم نعد العدة جيدا لمواجهة المتغيرات التي تمر بها المنطقة، بل نحن أقرب الى الانكشاف والاختراق اكثر منه الى التحصين، فما كشفته الفضائح في عدد من المرافق كفيل اذا حصل في أي دولة بإحداث زلزال إداري يعزل فيه كل المسؤولين عن هذا التفلت الاداري، لكن يبدو ان الكويت لم تصل بعد الى القناعة ان من يشغل وظيفة عامة يؤدي مهمة وطنية، والتقصير فيها يعتبر خيانة. الوظيفة العامة في أي دولة، ليست ترضية لهذا أو ذاك، ولا هي وجاهة انما مسؤولية يتحملها القادر على اداء المهمة، فهل الذي اكتشف في الاسابيع الماضية يدل على ذلك، الا تعني هذه الفضائح اننا لم نصل بعد الى أبسط القواعد في اختيار الموظفين، كأن نبحث في السيرة الذاتية، السياسية والاجتماعية، للفرد قبل تعيينه؟ للأسف ان ما نلمسه يوميا في التعيينات يقول غير ذلك، إذ نجد من كان بالأمس يتعدى على مسند الإمارة ويهين رئيس مجلس الوزراء، بل يتهم كبار المسؤولين بافظع التهم يصبح فجأة مسؤولا، عملا بمبدأ “هذا ولدنا”، وعفا الله عما سلف، وبعد فترة نجد هذا المسؤول هو من يسرب أسرار الدولة، ويشارك بالاعتصامات والتظاهرات في ساحة الارادة وفي اليوم التالي يعود الى وظيفته وكأن شيئا لم يكن. من الثابت في الادارة العامة ان من يرتكب مخالفة ما لا يتولى وظيفة، أيا كانت، ولا تشفع له الوساطات أو “حب الخشوم” لانه سينقل فساده الى الادارة التي يتولاها، فكيف مثلا اذا كان ممن يمعن في مخالفة الدستور والقانون، ويدعو الى الانقلاب على الدولة، أو ممن ذاع صيته السيئ، فهل يؤتمن هذا على وظيفة ما؟ ألم يتعلم المسؤولون من دروس الماضي، وخصوصا في ما يتعلق بالابتزاز الذي يمارسه موظفون عبر نواب ومتنفذين، أكان من خلال تسريب وثائق سرية يعاقب عليها القانون أو تلفيق تهم لهذا المسؤول أو ذاك ممن يرفضون الانصياع لرغبات النواب أو الموظفين، أليس هناك من سرب أسرارا ووثائق لمجرد انه لم يرفع درجة، أو لم يبتعث في وفد الى الخارج، أو خدمة لأجندة سياسية في صالح هذا التيار أو ذاك، ولم تحرك الدولة ساكنا، بل كانت الحجة دائما اننا لا نملك مستندات تدين المسرب والفاسد؟ هذه الحال تسببت في العديد من الفضائح بدءا من تهريب مطلوبين عبر المنافذ البرية والجوية، مرورا بغض الطرف عن شحنات أسلحة ومخدرات، وصولا إلى تسهيل الرشوة، وكلها تدل على ان الخرق أكبر من الرقعة بكثير، ولذلك يسود القلق بين المواطنين مما يجري في هذه الظروف الحساسة التي يعلو فيها فحيح ثعابين إقليمية مهددة، فهل بهذه الحال الادارية المزرية سنواجه تلك التهديدات؟

Read Previous

الجامعة.. المُفرّقة !

Read Next

هذا النمط هو العلة والداء (1)

0 0 votes
تقييم المقال
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

Most Popular

0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x