أكد وزير التربية وزير التعليم العالي د. بدر العيسى تطبيق اللوائح بحق المتسببين في سلوكيات خاطئة، والعنف الطلابي، في جامعة الكويت، حتى إذا أدى الأمر إلى إيقاف الانتخابات الطلابية؛ وفقا للوائح، فيما قال عميد شؤون الطلبة بجامعة الكويت د. عبدالرحيم ذياب إن الجامعة ترفض أن تكون ساحة للطائفية والقبلية، مؤكدا أنه سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة بحق الطلبة المخالفين، فضلا عن إحالة أصحاب السلوكيات الخاطئة من خارج المجتمع الجامعي إلى الجهات الأمنية، خصوصا أن هناك أدلة على مشاركتهم دعما لقوائم طلابية معينة.
من جانبه قال الأكاديمي والكاتب الصحافي د. حسن عبدالله عباس إن أبشع ما في الامر أن يكون الأمل الذي تُعول عليه هو الهلاك الذي ينتظرك.
وتابع عباس: شباب الجامعة يُفترض أنهم أمل المجتمع، فهم قادة المستقبل وهم عماد الدولة وعليهم أن يتحملوا مسؤولية البلد. شباب الجامعة هم النُخبة الاكاديمية ومثقفو هذا المجتمع، وعليهم ستعتمد الدولة كونهم سيكونون رؤساء الشركات والوزراء والنواب في المجلس والسفراء ورؤساء الأقسام والكادر الوظيفي الاعلى بشكل عام.
واضاف: لكن ما ان تنظر إلى تهاوي العُقل ومشاهد البوكسات والطراقات، حتى تعلم المستوى الخطير الذي ينتظرنا! كنا نتأمل خيرا ونُعشّم أنفسنا الأمل بأن ما نعيشه اليوم من نكسات وكآبات مجرد سحابة صيف سيمحوها هواء عليل، ونسيم شباب المستقبل وسيتكاتفون ليرتقوا إلى مصاف الدول الارقى والاهم. لكن هذه المناظر التي باتت تتكرر في كل عام توحي بِنُذُر الشؤم والخوف!
وأوضح عباس انه لا يريد أن يرمي الكرة بأكملها على فئة الشباب لأن الموضوع أعقد وأثقل من أن يتحمله الشباب وحدهم. المشكلة بالاساس اجتماعية وسياسية ويتحملها الجميع، وأنا اوجه اللوم بشكل أساسي للحكومة ولإدارة الجامعة إلى جانب المعارضة السياسية السيئة التي نشرت ثقافة الكراهية الدينية والعنصرية البغيضة. صحيح أن للاقليم وعالمنا المحيط دورا كبيرا، لكنني فقط اريد أن أوجه دائرة اللوم إلى الاطراف التي هي بمتناول أيدينا وبامكاننا أن نعالجها. فلا سلطة لنا على الاقليم، لكننا بالتأكيد قادرون على السيطرة والتحكم في ظروفنا الداخلية والخاصة.
ومن جانبه قال استاذ علم النفس في جامعة الكويت د. خضر البارون ان اسباب العنف بين الشباب عديدة ومنها ما قد يتصل بالاسرة من عدم التربية الجيدة للطفل والقسوة عليه في بداية نشأته، وكذلك دور المدرسة مهم جدا لأنها هي القدوة بالنسبة للطالب، مناشدا الاسرة بالرعاية التامة والاهتمام بحل مشاكل ابنائها وان تزرع لديهم قيما جيدة في التواضع وعدم التكبر.
ولفت إلى ان وسائل الاعلام يجب ان يكون لها دور كبير في منع هذه الظاهرة وكبح تضخمها من خلال القنوات الفضائية وعدم ترويج تفاصيل لم تحدث، مطالبا وزارة الداخلية بوضع قوانين ولوائح تمنع هذه الظاهرة التي تسبب العنف بين الشباب.
وأشار البارون إلى ان بعض الشباب لديهم نواح نفسية تتمثل في ضغوط اجتماعية تكمن في المجتمع الأسري الذي يعيشون فيه، والتناحر بين الأفراد، كما يمكن ان يكون بعض هذا العنف نتيجة الحروب في الدول المجاورة مثل سورية، والعراق، ومصر، وما يشاهده الشباب على الشاشات التلفزيونية، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وأكد البارون أن العوامل المسببة للعنف بين طلبة الجامعة تتزايد في الانتخابات الطلابية، وتظهر جلية عندما يلتقي أنصار قائمتين انتخابيتين في نفس المكان، ومن خلال ذلك يتولد الاحتكاك بينهم الذي قد يؤدي إلى التشاحن والمشاجرة، لافتا إلى ان بعضهم قد يعتبر ان فوز قائمة على الاخرى يرتبط بمكانتها الاجتماعية.
وطالب البارون اساتذة الجامعة بتوعية الطالب الجامعي بأن العملية الانتخابية تعتمد على الديموقراطية في المقام الاول، وأيضا حثهم على البعد عن العنف الذي يسبب المشاجرات بينهم.
وقالت استاذة علم النفس في جامعة الكويت نعيمة طاهر ان علاج مشكلة العنف بين الشباب يكمن في انشاء مراكز للشباب تفرغ الطاقة الموجودة لديهم، مثل مراكز ترفيهية ورياضية، ودينية.
واوضحت طاهر ان وزارة التربية لا بد ان تضع مادة دراسية تدرس في المدارس لتربية سلوك الطالب، لا سيما انه لو تم اكتشاف طالب يقوم بأعمال عنف يحول إلى اخصائي نفسي فورا، مطالبة وزارة الصحة بإنشاء عيادة خاصة للطب النفسي في كل مدرسة، وأن يقوم بعض الدكاترة بالمرور أسبوعيا على الطلبة لاكتشاف هذه الحالات التي تعاني من العنف وتحويلها إلى المراكز للعلاج.
وقالت إنه من خلال ذلك سيتم ضبط سلوك الطالب منذ البداية ويتبين لنا أسلوب الطالب العنيف ثم نقوم بعلاجه بعد ذلك في هذه المرحلة ونكون عدلنا من سلوكة حتى يصل إلى الثانوية، أو الجامعة وهو لا يعاني من أي شيء، مؤكدة أن دور الاسرة في البيت ان تضع برنامجا للابناء، ويكون لها القوة الرادعة على انشاء الطفل وتعديل سلوكه.
وقال أستاذ الاعلام في جامعة الكويت د. خالد القحص: تتكرر المشاجرات الطلابية العنيفة التي تشهدها جامعة الكويت بداية كل عام جامعي جديد، والمصاحبة عادة للانتخابات الطلابية للاتحاد والروابط العلمية، وأنا أتفهم جيدا مسألة الحماس الشبابي، وحدة المنافسة، ولكنها ليست سببا مقنعا لارتفاع حدة وتيرة العنف، سواء كان لفظيا، أو بدنيا، مما يعرقل سير العملية التعليمية نفسها في الجامعة، وأنا اتحدث هنا كعضو هيئة تدريس، حيث نشهد غياب بعض الطلبة بحجة الانتخابات، والازعاج الذي يحصل من صيحات وشيلات القوائم أثناء اليوم الجامعي، ناهيك عن التلوث البصري الذي نراه من الكم الكبير من الملصقات والقماشيات والمنشورات التي تستخدمها القوائم المتنافسة، ثم بانتهاء الانتخابات، ترى أماكن الاقتراع والساحات العامة في الجامعة مليئة بالمخلفات الورقية والمهملات في منظر مقزز يدفعك للشعور بالأسى والحزن على سلوكيات بعض الطلبة والطالبات، وافتقارهم للذوق العام، بالحفاظ على نظافة جامعتهم.
وبين القحص أن كل هذا، وأكثر يأتي مع عنف متكرر يكاد يطال جميع الكليات، ويتجاوز الطلبة ليشمل الطالبات كذلك، وهذه أمور لا تليق بالبيئة الجامعية، ولا تليق بطلبتنا وطالباتنا، والذي سيخرجون إلى الحياة العامة، وينخرطون في سوق العمل.
وتابع القحص: أدرك جيدا أنها قد تكون محصورة فقط بفترة الانتخابات، وينتهي الأمر، وأنه لا يجب تحميل الموضوع أكثر مما يحتمل، ولكني أدرك أيضا ان الموضوع عبارة عن ثقافة ونمط تفكير، وأنه بمجرد قبولك به، أو حتى تغاضيك عنه، فان سيتعزز، وهذا بالمناسبة هو ما يحصل، فأنا لا أتحدث عن طالب بعينه، سيمضي.
واضاف: لكني أتكلم عن ظاهرة متكررة، وطالما لدينا طلبة يدخلون الجامعة، فان ظاهرة العنف الطلابي ستتكرر، حتى ان تخرج الطلبة القدامى، لأنها، كما أوضحت، ثقافة تعززت، وهذا ما يقلقني أكثر. وهنا يأتي دور الجامعة (باداراتها المعنية)، وبالتعاون مع الاتحاد الوطني للطلبة، بضرورة دراسة العملية الانتخابية بأسرها، ومعرفة مواطن الخلل، وبعد ذلك يتم وضع استراتيجية محددة لمواجهة العنف الطلابي، وتعديل اللائحة بما يتناسب مع الاستراتيجية الجديدة، بحيث تكون رادعا لمن يستمرئ ممارسة العنف اللفظي والبدني في الجامعة، ولعله من نافلة القول إنه يسبق ذلك، ويصاحبه، توعية مستمرة للطلاب والطالبات بذلك.