عندما يأتي الحديث عن سلطنة عمان فإنك تتحدث عن سياسة حكيمة ومتزنة، جاءت نتيجة قراءة عميقة ودقيقة لما بين سطور الأحداث المتلاحقة والمتشعبة التي تشهدها المنطقة، ولما وجدنا الفتنة تشق طريقها هنا وهناك، وتمزق هذا وذاك لتحصد ما تحصده من خسائر جمة في المال والارواح، وجب علينا هنا أن نشيد بالسياسة العمانية الرزينة التي عرفت طريق استقرار شعبها ونماء أرضها؛ فهرولت إليه من دون أي تردد أو تباطؤ، ومما لا شك فيه أن تلك السياسة لم تكن وليدة اليوم، بل هي نتاج تخطيط سليم وقراءة جيدة ورؤية صحيحة، اجتمعت مع بعضها لتبني جدارا حديديا يحول بين السلطنة وكل مندس هدفه تفريغ أجندات الدمار والتخريب في الأراضي المستقرة العامرة.
مخطئ من يظن أن السلطنة في منأى عن العالم، فهي تمد يدها لتدعم الحق والعدل والمحبة والتسامح في كل مكان، وهي أيضا تفتح ذراعيها لتستقبل الأفواج السياحية من مختلف دول العالم على مدار العام، إنها الطبيعة الخلابة التي احتضنت الأماكن التاريخية والتراثية، وهي ايضا المنتجعات السياحية الضخمة التي تضاهي قريناتها في الدول المتقدمة، من جذب واستقطاب لتلك الافواج من جميع الوجهات، وقبل هذا وذاك تبقى الابتسامة العمانية المعهودة والروح الطيبة المتأصلة في الانسان العماني هما حجر الاساس الذي خرج منه ذلك الانجاز وتلك النهضة.
إن «عمان» لم ولن تكون يوما أرضا تنمو منها أو إليها الفتن، والسبب في ذلك بسيط جدا، فبالإضافة الى السياسة العمانية المتزنة تأتي الثقافة الصحية المغروسة في النفوس منذ القدم لتؤدي دورها في عملية الاستقرار والإنجاز، وما نعنيه بالثقافة الصحية هي تلك الخالية من الامراض والنعرات الاجتماعية، وهي كذلك التي تحث النفس على قبول الآخر و احترام رأيه وفكره ومنهجه… باختصار إنها ثقافة التسامح والمحبة التي بدورها تكرس قيم الأخوة والتلاحم والتعاضد، فتلك القيم إن استيقظت في الانسان وانتشرت في الأوطان تتهاوى الأزمات وتنمو الأمم والمجتمعات.