كشف التقرير الأولي لفرق تعديل التركيبة السكانية عن أهم الخطوات الواجب اتباعها لتعديل التركيبة السكانية، مشيرا إلى أن الكويت أخفقت في مؤشر التركيبة السكانية للمواطنين في خطة التنمية، حيث هبطت إلى ما نسبته 31 في المائة، بينما كان يفترض أن تصل في نهاية 2013 إلى 35 في المائة، وبلغت نسبة المواطنين العاملين في الخاص 7 في المائة، بينما مازال الـ 93 في المائة للوافدين!
وأوضح أكاديميون لـ الخليج أن مشكلة التركيبة السكانية هي مشكلة أزلية وليست وليدة اللحظة، وستستمر فترات طويلة، ولن تُحل لاعتبارات عدة، منها عزوف المواطنين عن الوظائف الفنية، واللجوء إلى القطاع الحكومي غير المنتج.
وقالت الناشطة السياسية أنوار القحطاني: إن الإحصائيات الأخيرة التي توضح تراجع نسبة الكويتيين بعد أن هبطت إلى ما نسبته 31 في المائة، بينما كان يفترض أن تصل في نهاية 2013 إلى 35 في المائة، تعد مؤشرا خطيرا للدولة، ولذا يجب أن تتعامل مع هذه الأرقام كما ينبغي، خاصة أن من شأنها أن تخل بالتركيبة السكانية، ولما تحويه من مخاطر أمنية، فنحن أمام أعداد كبيرة من العمالة، ولهذا لا بد من التنبه إلى مخاطر هذه العمالة وأعدادها الضخمة، خاصة أن هناك أعدادا كبيرة من تلك العمالة عبارة عن عمالة هامشية جاءت عن طريق تجار الإقامات، وهذا ما يدعو إلى الانتباه وضرورة حل هذا الأمر ومعالجته، فهناك كثير من المشكلات الأمنية التي قد تنشأ عن هذا الواقع، وعملية التساهل لا شك أنها تؤدي إلى تفشي هذه الظاهرة.
وأضافت القحطاني: إن وجود هذه الأعداد من العمالة الهامشية لا شك في أنه سبب رئيسي في تدني مستوى الخدمات التي تقدم للمواطنين، فتجد أن هناك ضغطا كبيرا على المستشفيات والمدارس والمؤسسات الحكومية المختلفة، وكذلك الازدحامات المرورية، الأمر الآخر أن زيادة نسبة العمالة الهامشية تجعل من الصعب على الجهات الأمنية السيطرة عليها، خاصة أن تلك العمالة عندما لا تجد عملا تلجأ إلى ارتكاب الجرائم، فقبل أسبوع سمعنا عن أن هناك بنغاليا تم ضبطه بمصنع خمور، وآخر يدخل الكويت بحبوب مخدرة، وثالث يقوم بالسرقة، فلذا على الدولة أن تضع معالجتها التي تكمن في إبقاء من يقدم خدمة حقيقية للدولة ومن ذوي المؤهلات العليا والشهادات، أما مسألة استقدام الآلاف من الأشخاص بهدف التربح والحصول على الأموال فهذا ما يسمى في القانون الدولي الاتجار بالبشر، ويعد مخالفة واضحة يعاقب عليها القانون.
وأوضحت القحطاني أن تجار الإقامات يعتبرون بالفعل سببا رئيسيا في انتشار تلك العمالة السائبة، فيذهبون إلى بلدانهم عن طريق مناديب ويقومون بجلب تلك العمالة على شركات وهمية، والدليل على ذلك أن أكثر من يقومون بارتكاب الجرائم بعد الكشف عن إقامتهم يتبين أنهم جاءوا على شركات وهمية.
ومن ناحيته قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور شملان العيسى: إن مشكلة التركيبة السكانية مشكلة أزلية وليست وليدة اللحظة، وستستمر فترات طويلة، ولن تُحل لاعتبارات عدة، منها عزوف المواطنين عن بعض الوظائف الفنية والميكانيكية، واللجوء إلى القطاع الحكومي غير المنتج، إضافة إلى أن الدولة سمحت لمواطنيها بجلب عدد كبير من الخدم من دون أي تكلفة، حتى وصل عددهم إلى ما يقارب نصف مليون خادم وخادمة، علما بأن تكلفة الخادمة الواحدة على الدولة سنويا تبلغ نحو 500 دينار.
وأضاف العيسى: الأمر الثاني من تلك الاعتبارات، والأهم، هو النظام التعليمي ومخرجاته، فلا شك أن النظام التعليمي لدينا متخلف، حيث إنه لا يزج بالتخصصات العلمية بما يتناسب مع احتياجات الاقتصاد، ومعظم التخصصات أدبية وعلوم اجتماعية وغيرها، وبالتالي نجد أعدادا كبيرة من التخصصات نستوردها من الخارج، ومن هذا المنطلق نجد أن هذه الأمور مجتمعة سبب رئيسي لوجود خلل في التركيبة السكانية.
وأوضح العيسى انه على الرغم من أن نسبة الكويتيين أقلية، حيث وصل عددهم إلى ما يقارب 31 في المائة من نسبة السكان، وعدد العمالة الوطنية في سوق العمل 15 في المائة، نجد أن 94 في المائة منهم يعملون في القطاع الحكومي الذي أعتبره من القطاعات غير المنتجة، وبالتالي فإن الدولة تستعين بالعرب والأجانب لنقص احتياجاتها ولولاهم لتوقف العمل.
واختتم العيسى: هذه الاعتبارات التي ذكرناها مجتمعة توضح لنا أن الحكومة ليست جادة في حل هذه الظاهرة، مادامت تتبع سياسة ترضية المواطنين بأي ثمن، والدليل على صحة القول إن هذه المشكلة موجودة منذ الستينيات ولم يحدث شيء سوى الاعتماد على الغير.
ومن جانبه قال المحلل السياسي والأستاذ في كلية العلوم التكنولوجية عبدالواحد الخلفان: إن خلل التركيبة السكانية بالكويت موجود منذ فترة ليست بالقليلة، ونتيجة لإهمالها بات الأمر واضحا وملموسا للجميع، وقد حذرت منه المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، فحذر منه نواب مجلس الأمة مرارا وتكرارا، وحذر منه المجلس الأعلى للتخطيط والإدارة العامة للإحصاء.
وأضاف الخلفان: إن ما تشير اليه الاحصائيات الحالية من قلة أعداد الكويتيين مقابل المقيمين الأجانب والعرب هو نتاج تراكمي لغياب الخطط الاستراتيجية للدولة، ولذا عليها وضع ضوابط وقوانين خاصة في ما يتعلق بالعمالة الهامشية، من خلال تحديد نوعية العمالة التي تتمتع باختصاصات تحتاج إليها الدولة، بالإضافة إلى نوعية تلك العمالة والتي لا تشكل أعباء عليها. وفي الوقت نفسه ومع وجود خطة التنمية لا بد أن تكون للدولة نظرة متكاملة بما يتناسب مع هذه الخطة ومدى احتياجها لهذه العمالة.
وقال الخلفان: إن هناك العديد من الأسباب التي أدت إلى مثل هذا الخلل، وتأتي على رأسها العمالة الهامشية التي تسبب فيها تجار الإقامات، فلو كانت الحكومة حريصة على محاربة تجار الإقامات لما وصلنا إلى ما نحن عليه الآن، فهذه العمالة تؤثر على الأمن بشكل أو بآخر، فتجد منهم من يتاجر في الخمور ومن يبيع الحبوب ومنهم من يعمل في الأعمال المنافية للآداب، مؤكدا أن إحصائيات وزارة الداخلية تؤكد وجود عمالة هامشية كبيرة ارتكبت العديد من الجرائم، وكل هذه الأمور تؤدي إلى الخلل في التركيبة السكانية.