شهدت الأيام الماضية تهديدات نيابية باستجواب أكثر من وزير في الحكومة، مما ينذر بتهديد العلاقة الهادئة والمستقرة بين السلطتين، التشريعية والتنفيذية، فضلا عن ان معظم الاستجوابات تؤدي إلى تعطيل التنمية وإشغال المجلس عن دوره التشريعي المهم وهو إنجاز القوانين المتفق عليها بين النواب والحكومة في لجنة الاولويات البرلمانية.
وتمثل الجلسة المقبلة المقرر عقدها في 10 مارس الجاري جلسة فاصلة ستحدد مستقبل العلاقة بين السلطتين خلال الأشهر القليلة المتبقية من دور الانعقاد الحالي؛ ففي الجلسة المقبلة من المقرر الاستماع إلى الردود الحكومية على تقارير ديوان المحاسبة، وتتوقع المصادر النيابية ان تشهد الجلسة حالة من الشد والجذب بين بعض النواب والحكومة بغية إظهار النواب بعض الوزراء بأنهم مقصرون في أعمالهم.
وترى المصادر النيابة ان الاستجوابات التي يلوح بها بعض النواب تبدو من ظاهرها انها بهدف المحاسبة والرقابة وإبراز ما يراه النواب سلبيات او تقصيرا من الوزراء، لكن هي في الحقيقة بهدف الضغط على سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك لإجراء تعديل وزاري، بإخراج الوزراء الذين عليهم هجوم نيابي من تشكيلة الحكومة، وتعد الجلسة المقبلة فرصة لبعض النواب الراغبين في اجراء تعديل وزاري لإبراز سلبيات الوزراء الذين ناقش المجلس في جلسة 19 فبراير الفائت تقارير ديوان المحاسبة الخاصة بوزاراتهم والمؤسسات التابعة لهم.
وتتوقع المصادر النيابية ان تحدد الجلسة المقبلة مصير عدد من الوزراء المغضوب عليهم من بعض النواب، فإما أن يبقوا في التشكيل الحكومي إذا أجادوا في مواجهة النواب خلال الجلسة وردوا على مواضع الخلل في وزاراتهم وكيفية التصدي لمحاولات التعدي على المال العام، خصوصا ان تقارير ديوان المحاسبة وتوصيات لجنة الميزانيات البرلمانية أكدت تزايد المخالفات والتجاوزات في مؤسسات ووزارات الدولة، أما الوزير الذي يعجز عن الرد على ملاحظات النواب فربما يكون مصيره الخروج من التشكيل الحكومي قبل ان يقدم النواب استجواب له يفجر العلاقة المستقرة بين السلطتين.
ويرى فريق من النواب ان موجة استجوابات قادمة لحمل رئيس الحكومة على تعديل وزاري، ويرفض فريق آخر من النواب تدوير الوزراء المقصرين، فيما يرى فريق ثالث من النواب ان بعض التهديدات بالاستجواب ليس هدفها المراقبة، بل لها أهداف شخصية وتصفية حسابات مع الحكومة وهي لديها أغلبية تمكنها من مواجهة اي استجواب قادم لأي وزير في الحكومة.
وفي المواقف النيابية، يرى النائب د. عبدالرحمن الجيران ان تصفية الحسابات والتجاذبات السياسية لها النصيب الأوفر من التهديدات بالاستجوابات اخيرا او المطالبات بإجراء تعديل وزاري، مشيرا إلى ضرورة ابتعاد النواب عن الشخصانية وتصفية الحسابات في حكمهم على الوزير المعني وادائه، لضرب المثل للممارسة النيابية المثالية، معتبرا ان الكثير من الاستجوابات هي استجوابات شخصانية وتصفيات سياسية وليست بهدف الرقابة والمساءلة.
وعن هدف الضغط على رئيس الحكومة لإجراء التعديل الوزاري، قال الجيران: ان التعديل الوزاري بيد سمو رئيس الوزراء وحده، وسموه فقط الذي يرى الوقت المناسب لضرورة اجراء التعديل أو التدوير متى ما رأى الدواعي والمبررات لذلك.
من جهته، قال النائب احمد مطيع: هناك الكثير من المخالفات المكررة والموجودة والمثبتة في تقارير ديوان المحاسبة وعلى الوزراء محاسبة المتسببين بها واحالتهم على النيابة العامة او ان نحاسبهم كنواب، وفي الجلسة المقبلة سنرى ويرى الشعب الكويتي من هو الوزير المجتهد ومن هو الوزير المقصر في اداء واجباته حيث سيكونون تحت المجهر النيابي، وبذلك نكون عرفنا من هو الوزير المستحق تغييره لتقصيره.
وأوضح مطيع انه من البديهي ان في كل وزارة أن تكون هناك مخالفات، ولكن الوزير المجتهد هو من يسعى إلى عدم تكرار التجاوزات من خلال تلافيها، اما الوزير المقصر فهو الذي تكثر التجاوزات في وزارته كل مرة من دون محاسبة للمتسببين في تلك التجاوزات.
من جانبه دعا النائب الدكتور عبدالحميد دشتي إلى ضرورة عقد لقاء نيابي موسع مع سمو رئيس مجلس الوزراء لإيصال رسالة واضحة لسموه عن تجاوزات بعض الوزراء، مشيرا إلى ان بعض الوزارات تحولت إلى عزب خاصة بيد الوزراء الذين يستغلون ثغرات تشريعية في قانون الخدمة المدنية ويسخرونها لمصالحهم الخاصة وتنفيع أقاربهم.
وحذر دشتي من ان النواب يملكون من الأدوات الدستورية ما يمكنهم من وضع حد لتصرفات هؤلاء الوزراء. واستدرك بقوله: غير اننا اعتدنا التدرج في استخدام حقوقنا الدستورية، مشيرا إلى ضرورة تغيير عدد من الوزراء ومنهم وزير التجارة ووزير الأشغال.
من ناحيته، أكد أمين سر مجلس الامة النائب عادل الخرافي انه لا يوجد تحرك حكومي إلى الآن نحو اي تعديل مرتقب، برغم ان الفريق الحكومي الحالي يضم عددا من الوزراء الضعفاء والمقصرين، ورأى ان كثرة الاستجوابات التي ستقدم في الأيام المقبلة ستشكل ورقة ضغط على سمو رئيس مجلس الوزراء لإعلامه بضرورة وحتمية اجراء تعديل وزاري.
وبين الخرافي انه في حال تقديم استجواب إلى وزير الاشغال وزير الكهرباء عبدالعزيز الابراهيم فسيكون من الصعب بقاؤه بالحكومة لأن الملفات الخاصة بهذا الوزير دسمة وكبيرة وستطيح به، مضيفا ان هناك عددا كبيرا من النواب لا يرغبون في بقاء وزير الاشغال في الحكومة.