تشهد الساحة النيابية حالة من الجدل تتعلق بتعيينات القياديين، ويثار من وقت لآخر مصطلح التعيين بالباراشوت الذي يغضب اهل الخبرة في المؤسسة الذين هم أدرى بشعابها.
وأمام تعدد الملاحظات النيابية فقد اصدرت الحكومة مرسوما بقرار بشروط شغل الوظائف القيادية، وهو مرسوم بقرار رقم ١١١ لسنة ٢٠١٥، إلا ان أعضاء لجنة تنمية الموارد البشرية البرلمانية يرفضون تحديد شروط تعيين القياديين بقرار، ويرون ان الأفضل هو ان يكون ذلك بقانون، وهو ما يعني ان هناك توافقا نيابيا على ضرورة وجود شروط لشغل الوظائف القيادية لتجديد الدماء ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، الا ان الخلاف هو هل يكون ذلك بقرار ام بقانون؟
حكوميا اعتمد مجلس الوزراء مشروع مرسوم بشأن شروط وضوابط شغل الوظائف القيادية وقواعد وأسس تقييم الموظفين والقياديين، وتم نشره في الجريدة الرسمية، وتضمنت ضوابط وشروط شغل الوظائف القيادية توافر وظيفة شاغرة في الهيكل المعتمد، الحصول على مؤهل جامعي، 22 سنة خبرة للتعيين في الدرجة الممتازة، و20 سنة خبرة لدرجة وكيل وزارة، و16 سنة للوكيل المساعد.
ويؤكد عدد من النواب ضرورة وجود آلية لتعيينات القياديين والاتفاق وضرورة اقرار قانون متكامل لتعيين القياديين، خاصة بعدما ثار عدد من الشبهات حول التعيينات الاخيرة لعدد من القياديين في وزارات الدولة، وطالبوا بوقف التعيينات لغير مستحقيها، وعدم السكوت عمن اعطى تقارير مزيفة عن هؤلاء ووضع الحكومة في موقف محرج، وسأل النواب عن المعايير الفنية والقانونية والسياسية في تعيين القيادات في الوزارات والهيئات خاصة من هم من خارج رحم الوزارة، ما يؤكد وجود معضلة وخطأ قديم مزمن في اسلوب الاختيار والتعيين لم يعالج حتى الآن.
واستغرب النواب استمرار طريقة اختيار القياديين والأسماء المرشحة لتولي المناصب القيادية في الوزارات، خصوصا إذا كانت هناك أسماء تأتي من خارج الوزارة، في ظل وجود كفاءات في نفس الوزارات والمؤسسات الحكومية.
وفي المواقف النيابية قال رئيس لجنة تنمية الموارد البشرية البرلمانية النائب د. خليل عبدالله: ان الحكومة قدمت للجنة مرسوم القرار النافذ بشأن ضوابط القياديين والمنشور في الصحيفة الرسمية، مبينا أن هناك اختلافا مع الحكومة بهذا الشأن «لأننا كلجنة مصرون على تقديم هذه الضوابط بقانون تناقشه اللجنة الآن بصيغة اقتراح بقانون نيابي».
وأضاف عبدالله: نحن بانتظار رد الحكومة بهذا الخصوص، وأوضح أن «الاقتراح بقانون اكثر شمولية من مرسوم القرار الحكومي الذي لم يغط جوانب كثيرة، ونحن نرى أن مرسوم القرار ناقص، وسنقوم بدورنا بتقديم الاقتراح بقانون للمجلس، واللجنة مصرة بالإجماع على تقديم الاقتراح النيابي، ونأمل ان نرى رأيا حكوميا لنخرج بصيغة توافقية، وإن لم يحصل ذلك فسنضطر إلى تقديم الاقتراح برأي اللجنة فقط ليصوت عليه المجلس».
وزاد عبدالله بقوله: يجب وقف آلية تعيينات القياديين بالباراشوت في الوزارات والجهات الحكومية والتي لا تخلف سوى «الحرمنة» و«البوق»، لاسيما مع استمرار القياديين في مناصبهم لسنوات طويلة، حيث يسهل عليهم الفساد وافساد المؤسسة الحكومية.
بدوره، قال مقرر لجنة تنمية الموارد البشرية النائب احمد القضيبي ان ما قدمته الحكومة من مرسوم بقرار رقم ١١١ لسنة ٢٠١٥ لا يتماشى مع فلسفة الاقتراح بقانون بشأن ضوابط اختيار القياديين، فهي تريد ان تكون مدة القيادي في منصبه ٤ سنوات وتجدد لأربع سنوات اخرى بإجمالي ٨ سنوات، مبينا: «نحن كلجنة نرى الاجمالي بـ ٦ سنوات، والحكومة بمرسومها لم تضع حدا أدنى للمدة الزمنية التي يقضيها القيادي في الجهة التي رشح لمركز قيادي، وجعلت الامر مفتوحا».
وأضاف القضيبي: ان «مرسوم القرار الحكومي المقدم هو ما كان قد وعد به وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ محمد العبدالله بتقديم ضوابط تعيين القياديين بمشروع بقانون الا انه تقدم بقرار وليس بقانون، واللجنة ترى ان الضوابط يجب ان تكون بقانون».
من جانبه قال النائب صالح عاشور: انه ان لم تمنح لجنة الموارد البشرية الصلاحيات الكاملة فلا داعي لبقائها، ومن حق اللجنة طلب احالة الموضوعات المتعلقة بالوظائف القيادية اليها ويجب على الحكومة التعاون معها لاقرار ضوابط تعيين القياديين بقانون وليس بقرار.
وذكر عاشور ان الحكومة دائما تعاني من آلية اختيار القيادات وتدفع ضريبة عالية، ونرفض استمرار اختيار من يشغل الوظائف القيادية بالواسطة والمحسوبيات، وهذا النهج يشكل عبئا على الحكومة.
وقال النائب فيصل الدويسان ان مجلس الأمة انتقد كثيرا بعضا من تعيينات الحكومة التي تأتي بالباراشوت، ولذلك قمت بتعديل المادة 12 من قانون الخدمة المدنية، ووضعت شروطا وضوابط لتعيين القياديين.
وأوضح الدويسان أن أهم تعديل في القانون هو أن يكون المعين من جهة العمل نفسها، بالاضافة إلى أن يكون متمتعا بسنوات خبرة معينة وكذلك أسس المفاضلة، وبذلك نمنع التعيين بالباراشوت ونضمن حق من لهم الأقدمية وسنوات الخبرة في التعيين في الوظائف القيادية وستتنحى المحسوبيات، واشار إلى ان هذا التعديل يتميز بأن صاحب الخبرة هو الذي ينفذ الخطة الانمائية للدولة بدل ما يحدث الآن.